بعد العزوف التركي عن إجراء العمليات الجراحية: أنامل أطباء الشمال السوري تنقذ مرضى القلب
العربي القديم | إدلب: أسامة الخلف
في مشهد يعكس واقعاً مليئاً بالتحديات، أعلنت الهيئة العامة للزكاة في إدلب، عن إطلاق حملة كبرى لإجراء 450 عملية قلب مفتوح، في خطوة تمزج بين الألم العميق الذي يعيشه المرضى والأمل الكبير الذي تحمله لهم هذه المبادرة الإنسانية.
طوق نجاة
بين أمل العائلات في استعادة صحة أحبائهم ومعاناتهم اليومية من تداعيات المرض، تتجلى روح التضامن والتكافل الاجتماعي في أبهى صورها. في هذا السياق، تتحول الجراحات الدقيقة إلى بوصلة جديدة تقود نحو مستقبل أكثر صحة وإشراقاً لأولئك الذين أنهكتهم آلام القلوب المريضة، خاصة في ظل الظروف القاسية التي تعيشها إدلب.
كان من المستحيل على العديد من المرضى إجراء عمليات جراحية بسبب التكلفة العالية التي تصل إلى خمسة آلاف دولار لكل عملية، وهو مبلغ يفوق قدرة معظم الأسر. وفي الوقت الذي عزف فيه الجانب التركي عن إجراء الكثير من هذه العمليات، جاءت هذه الحملة كطوق نجاة للمرضى الذين كانوا يواجهون الموت يومياً.
إعلان الهيئة العامة للزكاة عن هذه الحملة يبرز التحدي الكبير الذي قبلته من أجل إنقاذ الأرواح، وتخفيف آلام المرضى وأسرهم. في ظل غياب الدعم الخارجي الكافي، تأخذ هذه المبادرة طابعاً استثنائياً، حيث تمكنت من جمع الموارد وتوفير المعدات اللازمة لإجراء هذه العمليات المعقدة.
عبد الرحمن أنور عبد الهادي وجواد أبو حطب: جهود جبارة
في قلب هذه المبادرة الإنسانية النبيلة، يتجلى دور الطبيب الدمشقي الماهر والجراح صاحب اليد البيضاء، الذي لطالما كان شعاع أملٍ للمئات من المرضى. إنه الجراح عبد الرحمن انور عبد الهادي ، الذي نلمس جهوده وحضوره في أروقة المستشفيات، حاملاً بين يديه البارعتين قدرةً استثنائية على منح الحياة لقلوب أنهكها المرض. بمهارته العالية وخبرته الطويلة، حيث ينسج بيديه الخبريتين تفاصيل الشفاء.
بإصرار لا يلين، يعمل لساعات طويلة دون كلل، مدفوعاً برغبة صادقة بالقيام بواجبه الإنساني وتخفيف الألم عن أبناء بلده الذين تخلى العالم عنهم. تجده دائماً مبتسماً رغم ثقل المسؤولية، محتضناً مرضاه بكلمات ملؤها الطمأنينة والأمل. في كل عملية يجريها، يضع كل ذرة من علمه ونبضة من قلبه، ليحول المستحيل إلى ممكن، ويجعل من الشفاء واقعاً ملموساً.
لم يكن مجرد طبيب، بل أصبح أسطورة ترويها حكايات المرضى وذويهم، وأيقونة أمل في مجتمع يحتاج إلى كل بارقة أمل. بين أنامل هذا الطبيب المبدع، تلتئم جراح المرضى وتعود نبضات الحياة إلى قلوبهم المتعبة، مجسداً في كل لحظة صورة رائعة للتضحية والتفاني من أجل الإنسانية.
ولا يمكننا أن نغفل عن ذكر الطبيب الآخر، جواد ابو حطب، الذي يقف جنباً إلى جنب مع الطبيب عبد الرحمن في هذه المبادرة المباركة. بمهاراته الرائعة وعطائه اللامحدود، فقد أثبت – مثل كثير من الأطباء السورين – أنه ليس مجرد طبيب، بل صاحب هم إنساني يسعى بكل ما يملك لإنقاذ الأرواح، حتى بات هو الآخر شعاع نور في ظلام المعاناة، ومع كل مريض يعالجه، يترك بصمة لا تُنسى من الأمل والشفاء.
تختتم هذه المبادرة الإنسانية العظيمة فصلاً جديداً من الأمل والحياة في إدلب، حيث يقف الأطباء الماهرون والجراحون العظماء كأبطال حقيقيين، يعيدون البسمة لوجوه كانت قد نسيت طعم الفرح. بفضل جهودهم الجبارة وتفانيهم الذي لا حدود له، تتجدد حياة المئات وتنبض قلوب جديدة بالعافية. هذه الحملة ليست مجرد مبادرة طبية، بل هي رسالة حب وإخلاص، تثبت أن الإنسانية لا تزال حية في قلوب السوريين الذين خذلهم العالم. ومع كل قلب ينبض من جديد، يتسع الأمل في غدٍ أفضل، ويبتسم المستقبل للمرضى وعائلاتهم، مكللاً بالشفاء والفرح الذي طال انتظاره.