بعد أكثر من ثلاثين عاما على غنائها: هجوم على محمد عبده بسبب (أنشودة المطر)
العربي القديم – متابعات:
رغم ان المطرب السعودي محمد عبده لحن وغنى قصيدة الشاعر العراقي الشهير بدر شاكر السياب (أنشودة المطر) قبل أكثر من ثلاثين عاما، إذ صدرت عام 1992 إلا أن الهجوم عليه بسبب هذه القصيدة لم يزل يتجدد بين الحين والاخر، في الوقت الذي يرى فيه كثيرون أن عبده لم يكن موفقا لا في غنئاها ولا في تلحينها.
الكاتب العراقي كرم نعمة، وصف ما قام به محمد عبده بـ “المجزرة التلحينية” وفي مقال له نشر في صحيفة (العرب) اللندنية اليوم، بعنوان: “عودة إلى مجزرة أنشودة المطر اللحنية” كتب يقول: “لو سمع عبده لحن القره غولي لسفر أيوب أو لحن طالب غالي لغريب على الخليج التي أداها فؤاد سالم، لما أقدم على مجزرته اللحنية”.
وكان محمد عبده قد تعرض لهجاء وانتقادات عنيفة بسبب ما قاله عن الشاعر بدر شاكر السياب في برنامج (الليوان) على قناة روتانا، في آذار/ مارس من العام الماضي، حيث قال أشياء لا تمت بصلة إلى سيرة الشاعر العراقي الكبير، من قبيل:
“هذا!! كان بعثي وكفر بالبعثية، وصار ماركسي وكفر بالماركسية، وصار ناصري وكفر بالناصرية. ما بقى دولة من الدول الخليجية إلا وهجاها. هجا أمراءها، هجا حكّامها، في الأخير كفر بكل ما كان مرّ عليه، وما لقى أحد يعوله ويستضيفه إلا الكويت. دخلوه في مستشفى السالمي ومات فيه. وكتب هذي القصيدة. وكتب قصيدة في زوجته يشتمها يموت مدري أيه وخاطره في أيه.. علقة. وكتب ببداية الستينيات “أنشودة المطر”، وبيّن لك أن كل ما اعتنقه كان هباء وكان وقت ضايع وكان وكان”.
وقد أشار الكاتب كرم نعمة في زاويته اليوم إلى ذلك مستشهدا برد غيلان ابن السياب على محمد عبده فقال:
“استعان غيلان نجل الشاعر العراقي بدر شاكر السياب بمثل إنجليزي يقال عادة لمن يتفوه بالهراء، وهو يرد على المطرب السعودي محمد عبده بعدما لفق معلومات عن سيرة والده، بتواطؤ معيب من محاوره التلفزيوني، مع أن سيرة السياب بقدر ما تم تناولها بالتحليل صارت جزءا من الثقافة العامة، الأمر الذي ينمّ عن ضعف الوعي الثقافي عند المطرب السعودي وهو “يلفق” قصة فارغة عن الشاعر العراقي الراحل مستذكرا “المجزرة اللحنية” التي ارتكبها في تلحين وأداء قصيدة “أنشودة المطر”.
وأشار الكاتب إلى ما قاله الناقد السعودي د. عبداللع الغذامي إثر ذلك إذ قال:
“كتب بعدها كبير النقاد السعوديين الدكتور عبدالله الغذامي “لا تطلبوا الكلام من محمد عبده فحسبه الغناء”، كان ذلك يكفي لتبديد ما قاله المطرب عن رائد الحداثة الشعرية في العالم العربي. وفي كل الأحوال كشف عبده عن ثقافته الضحلة بشأن شاعر صار ترنيمة التلاميذ في المدارس العربية. وكان من المناسب أيضا استعادة ما سبق أن قاله الغذامي الذي دَرسَ برويةٍ الشعر العربي، عندما لحن وغنى عبده قصيدة “أنشودة المطر” وكان أقرب إلى المنشد، فليس الغذامي وحده الذي لا يرى في محمد عبده مطربا ولا ملحنا، وتمنى لو أنه لم يغن القصيدة لأن الفصحى لا تسلك على لسانه الذي لا يستطيع أن ينطق الجمل الفصيحة فضلا عن دقة مخارج الحروف، فجاءت هذه القصيدة على لسان عبده مخجلة جدا”.
وتابع الكاتب مستشهدا بأقوال نقاد وموسيقيين صوبوا سهام نقدهم ليس لقصيدة أنشودة المطر وحسب، بل لفن محمد عبده برمته، فقال:
“ليس الدكتور الغذامي وحده من يقول هذا الكلام النقدي، بل إن عميد الغناء العراقي الموسيقار الراحل عباس جميل وصف عبده بأنه لا يغني بقدر ما يتكلم، وأنه أشبه بإنسان آلي يردد الكلام عندما يغني، وهناك بون شاسع بين الغناء والكلام، لأن الأول فن ولقانة ودربة وتعبير وحس عميق. لذلك يشعر أي من المستمعين إلى غنائه بهذا البون عندما يؤدي لحنا جميلا مثلا، فتبدو القطيعة بين غنائه والجمل الموسيقية المرافقة له، وعندما يصمت عبده يشعر المستمع أنه يعيش في عالم موسيقي ساحر سرعان ما يبدده الأداء الغنائي المرافق له. وبإمكان أي من المتخصصين في علوم الغناء أن يدافعوا عن هذا الرأي العلمي، فصوت عبده أخنف يخرج من الأنف وليس كاملا من الحنجرة، وطبقته تنتمي إلى “الباريتون” أي الطبقات الوسطى للأصوات الرجالية ونزولا إلى درجات “الباص” أي الطبقة المنخفضة حيث يمتلك طبقة صوتية لا تصل إلى “الاوكتافين” وهي مساحة صوتية لا تؤهله لأداء أغاني “الوحدة الكبيرة” وعندما يتورط في أداء أي من ألحانه على هذه الوحدة يضيع وينطبق عليه قول كبير النقاد السعوديين وعميد الغناء العراقي. وهذا يفسر لنا لماذا يغني بطبقات مستعارة في الحفلات الخاصة.
وأشار الكاتب إلى أن الفنان كاظم الساهر كان من كبار التواقين إلى تلحين القصيدة، وبالفعل لحن مقاطع منها كما أخبرني في حوار منشور قبل سنوات، لكنه توقف بمجرد أن عرف أن عبده سبق أن لحن القصيدة نفسها. ذلك يكشف لنا الفرق في استلهام تجارب الآخرين عندما يتعلق الأمر بتلحين القصائد. فلو سمع عبده لحن القره غولي لسفر أيوب أو لحن طالب غالي لغريب على الخليج التي أداها فؤاد سالم، لما أقدم على مجزرته اللحنية”.