الخيمة التي لم تفهموها… هي الكرامة التي فقدتموها
تلك الخيمة هي آخر معاقل الكرامة السورية

بلال الخلف – العربي القديم
حين يتحدث من يدّعون “شيوخ الكرامة” باستهزاء عن الخيمة، فهم في الحقيقة يعرّون أنفسهم قبل أن يعرّوا غيرهم.
الخيمة ليست عارًا كما تظنون، بل رمز البقاء حين تسقط المدن، وراية الشرف حين تهوي القصور. الخيمة التي تزدريها ألسنتكم هي التي احتضنت أحرار الأرض، ونام تحتها من لم يرضَ أن يسجد للطغاة، وهي التي علمت أطفالها أن الحرية لا تُشترى ولا تُورّث.
الخيمة التي في إدلب، بطينها، بغبارها، ببردها القارس وحرها اللاهب، أنقى من آلاف البيوت المذهّبة التي صمتت عن الظلم أو باعته بثمن بخس.
تلك الخيمة هي آخر معاقل الكرامة السورية، فيها رجال لم يبدّلوا دينهم ولا مواقفهم، ولم يتركوا نساءهم في أحضان الفنادق ولا أولادهم في مدارس الذلّ.
إن كانت الخيمة رمز فقر عندكم، فهي عندنا رمز عزّ وصمود، فيها يُغسل العار بالدم، لا بالتصريحات المتعالية ولا بالابتسامات أمام الشاشات.
يا من تتحدثون عن “الخيم” باحتقار، ليتكم تدركون أن الخيمة لا تبيع مبادئها، ولا تخون دماء شهدائها، وأن ترابها الذي تزدريه أنتم هو ذاته الذي خرجت منه أولى صيحات الثورة.

منشور المغنية لبانة قنطار الذي أثار عاصفة من ردود الفعل الغاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي (العربي القديم)
في كل خيمة طفل يتيم حفظ وجه أبيه من خلال رواية بطولته، وفي كل خيمة أمّ تصنع من وجعها أملاً ومن حليبها صمودًا.
هذه الخيمة التي تستهزئون بها، هي التي تحمي عرضها بترابها، وتطعم أبناءها من كدّها، لا من مائدة المحتل ولا من بقايا موائد الفنادق.
الخيمة ليست للدرزي ولا للعربي ولا للكردي، الخيمة لمن بقي إنسانًا حين ماتت الإنسانية في الآخرين.
فمن أنتم حتى تتهكموا على الشرف؟ أنتم الذين فقدتم بوصلتكم، واستبدلتم مواقف الرجولة بزخرف القول الفارغ.
الكرامة التي تتغنون بها على الشاشات، نحن نعيشها تحت الخيام، في البرد، في الحصار، في وجع الانتظار.
الخيمة ليست ضعفًا، بل اختبار من الله للذين صدقوا فثبتوا، وللذين كذبوا فانهاروا.
احترموا الخيمة… لأنها صنعت رجالًا سيكتب عنهم التاريخ، بينما أنتم لن تبقوا سوى ذكرى باهتة في قائمة الخذلان.
الخيمة التي في إدلب تعلو على قصوركم الفاخرة، لأنها بُنيت على الطين لا على الخيانة.
من تحتها خرجت كلمات الله أكبر، لا تصفيق للمجرمين. ومن بين أركانها وُلد الأحرار، لا المتملقون للظالمين.
فاصمتوا قليلًا أمام ترابٍ اختار العز على الرفاه، وأمام خيمةٍ اختارت الكرامة على الذل.
فالخيمة، ببساطة، هي الكرامة التي فقدتموها.