مؤتمر الحسكة: تحالف مشبوه تحت غطاء “التعددية”
مؤتمر الحسكة ليس منصة للحوار الوطني، بل خطوة مدروسة لإعادة تدوير مشاريع الفدرلة والتقسيم تحت غطاء براّق

د. عاصم عبد الرحمن –العربي القديم
لم يكن مؤتمر الحسكة الذي نظمته ميليشيا “قسد” سوى مشهد جديد من مسرحية مكشوفة الأهداف، تحاول قوى الأمر الواقع فرض أجندة انفصالية مموهة بشعارات “التعددية” و”الدولة المدنية”. مشاركة بعض الشخصيات مثل حكمت الهجري وغزال غزال لم تغيّر حقيقة أن هذا المؤتمر لا يمثل الشعب السوري، بل يعكس تحالفًا هشًّا بين أطراف فقدت حضورها الشعبي، وتبحث عن دعم خارجي بأي ثمن.
تغيُّب المسيحيين… سقوط ورقة “الوطنية الجامعة“
في الوقت الذي يدعي فيه تمثيل جميع المكونات السورية، ينعقد مؤتمر الحسكة بغياب كامل للمسيحيين، أقدم مكوّن حضاري في هذه الأرض. هذا الغياب ليس تفصيلاً عابرًا، بل دليل دامغ على أن المؤتمر فشل في جذب أو إقناع هذه الطائفة التاريخية. فالمسيحيون، بحكمتهم المعهودة، أدركوا أن هذه التجمعات ليست سوى أداة لتقسيم البلاد وإضعاف الدولة، وأن حضورهم كان سيُستغل لتزيين مشروع مشبوه.
شكر الهجري لإسرائيل… وصمة عار وطنية
الأخطر من تغييب المسيحيين كان موقف المتمشيخ حكمت الهجري الذي لم يتورع عن تقديم الشكر العلني لإسرائيل على دعمها، متناسياً أن هذا الكيان هو العدو الأول للأمة، ويده ملطخة بدماء السوريين والفلسطينيين واللبنانيين منذ عشرات السنين. يتقلد الهجري “زعامة” تستجدي مباركة المحتل وتغض الطرف عن احتلال الجولان. إن هذا الموقف، بصرف النظر عن مبرراته، يشكل خيانة لثوابت السوريين ويكشف حجم الارتهان للخارج.
دمشق تحذر وتنسحب
لم يكن موقف الحكومة السورية مفاجئًا حين أعلنت انسحابها من أي لقاءات مع “قسد” في باريس، معتبرة أن المؤتمر تصعيد خطير يهدد وحدة البلاد. دمشق تدرك أن هذا التحالف المؤقت بين “قسد” وبعض الشخصيات الطائفية لن يصمد، طالما أنه مبني على مصالح ضيقة وإملاءات أجنبية، لا على إرادة وطنية حقيقية.
مؤتمر الحسكة ليس منصة للحوار الوطني، بل خطوة مدروسة لإعادة تدوير مشاريع الفدرلة والتقسيم تحت غطاء براّق من الشعارات. تغيب المسيحيين، واستحضار العدو الإسرائيلي، وتجاهل مسار التفاوض الوطني، إنما دلائل تشير إلى أن ما جرى في الحسكة سيُكتب في الصفحات السوداء من كتاب المؤامرات على سوريا.