صراع الأيديولوجيات: الدعشنة والليبرالية واليسارية في الحرب ضد جامعة إدلب والحجاب
بلال الخلف – العربي القديم
بلال الخلف – العربي القديم
في ظل الظروف الصعبة والتحديات الكبيرة التي تواجه مجتمعنا، تثبت جامعة إدلب مرة أخرى أنها منارة للعلم والأمل. هذا العام، تخرج من الجامعة 3120 طالب وطالبة، يمثلون أمل المستقبل وبوادر التغيير الإيجابي في مجتمعنا. هؤلاء الخريجون هم رمز للإصرار والعزيمة، حيث نجحوا في إكمال تعليمهم بالرغم من كل العقبات، ليكونوا جزءاً من الجيل الذي سيقود مستقبل سوريا نحو الأفضل.
جامعة إدلب ليست مجرد مؤسسة تعليمية، بل هي ملتقى لشبان يتحدون الصعاب ويواصلون طريقهم نحو العلم والمعرفة في محافظة طالما أهملها نظام الأسد وتعمد تهميشها والانتقام منها. وحين تخرج هذا العدد الكبير من الطلاب، فهذه شهادة حية على النجاح المستمر والروح القوية التي تميز هذه الجامعة كما يرى الكثيرون من الذين انتسبوا لها وتخرجوا منها.
لكن وسط هذا الفخر والتفاؤل، نجد أن هناك حملة شرسة تستهدف هؤلاء الخريجين وهذه المؤسسة التعليمية. هذه الحملة تأتي من قوى لا ترغب في رؤية النجاح والتقدم في مجتمعنا، بل تحاول بكافة الوسائل تحطيم عزيمة الشباب وكسر إرادتهم. إن هذه الهجمات لا تستهدف الأفراد، بل تكاد تكون موجهة ضد الأمل والمستقبل، وضد حلمنا الجماعي في بناء وطن أفضل.
هذه الحملة الشرسة تعكس مخاوف أعداء النجاح والتغيير، الذين يرون في تعليم الشباب وتخرجهم تهديداً لوجودهم. فهم يدركون أن هؤلاء الخريجين، بما يحملونه من علم ومعرفة وطموح، يمثلون قوة لا يمكن إيقافها، وأنهم سيقودون التغيير الذي يخشونه.
كانت هذه الحملة شاملة، مستهدفة كافة مظاهر النجاح والفخر المرتبطة بتخرج هؤلاء الطلاب. ومن بين أكثر الهجمات لفتاً للانتباه، تلك التي تركزت على فيديو مؤثر ظهرت فيه فتاة تحتضن والدها الذي يبكي فرحاً بتخرجها. هذا المشهد، الذي يجسد فرحة التخرج والإنجاز، تحول إلى هدف للهجمات اللاذعة من قبل هؤلاء الذين يسعون لتحطيم الروح المعنوية للشباب ومجتمعهم.
الفيديو الذي ظهرت فيه الفتاة تحتضن والدها لم يكن مجرد لحظة عابرة، بل كان رمزاً للأمل والتحدي، ورسالة قوية بأن العلم والمعرفة هما الطريق إلى المستقبل وفي لحظة النجاح تبدو قوة الروابط الأسرية وفرحة الإنجاز، ولكن أيضاً أظهر بشكل واضح كيف أن الفرح والأمل يمكن أن يصبحا هدفاً لمن يريدون نشر اليأس والكراهية.
وبعد التدقيق بمن يقف وراء تلك الحملة تبين انهم مجموعة كبيرة من مشارب مختلفة منهم اصحاب الفكر العلماني والليبرالي واليساري وكانت مشكلتهم الحجاب التي كانت ترتديه الفتاة (النقاب). ومعهم متأثرين بفكر الغلاة او ما يعرف بداعش التي كانت مشكلتهم مناهج جامعة ادلب وخاصة الشرعية ومعهم أيضا “الشلة” من المنظرين الذين لا يعجبهم العجب، المتخصصين في النقد والهدم. هذه الشلة،أصبحت عبئاً ثقيلاً ودمرت كثيراً من آمالنا وأحلامنا. بانتقاداتهم الهدامة ورفضهم المستمر لأي جهد يُبذل، ساهموا في تعثر الثورة وإضعاف مسيرتها.
وبما أن كانب المقال هو احد طلاب الجامعة واحد سكان ادلب سأرد على منتقدي الحجاب والجامعة لكل فئة على حدة:
- إن العلمانية، التي تدعو لفصل الدين عن الدولة، تهدف في جوهرها إلى حماية حرية الفرد في اختيار معتقداته وتعبيره عنها. الحجاب بالنسبة للكثير من النساء هو جزء من هويتهن الدينية والثقافية، وهو تعبير عن قناعتهن الشخصية. احترام العلمانية يعني احترام حق المرأة في ارتداء الحجاب كما تختار.
- من المنظور اليساري الذي يركز على العدالة الاجتماعية والمساواة، من المهم الاعتراف بأن تمكين المرأة يتضمن احترام اختياراتها الشخصية، بما في ذلك اختيارها للحجاب. الحجاب ليس قيداً، بل هو تعبير عن الهوية والانتماء، ويجب أن يكون جزءًا من الحق في الحرية والمساواة.”
- أما الليبرالية، التي تحتفي بالحرية الفردية، فتعني أن لكل فرد الحق في اختيار طريقه وملبسه بدون تدخل أو ضغوط. النساء اللواتي يرتدين الحجاب يمارسن حريتهن الشخصية في اختيار زيهن بما يتماشى مع قناعاتهن. احترام هذه الحرية هو جزء أساسي من القيم الليبرالية.”
أمام الانتقادات التي توجه لمناهج الشريعة الإسلامية في جامعة إدلب، يؤكد الدارسون أن تلك المناهج تأتي وفق أسس علمية ومنهجية متينة، تهدف إلى تقديم تعليم ديني متوازن ومتطور يعكس قيم الدين الإسلامي الحقيقية. إن الشريعة الإسلامية تعتبر – بالنسبة لمن اختار دراستها – منهجاً شاملاً للحياة، وتقدم توجيهات لجميع جوانب الحياة الإنسانية بشكل يتناسب مع العصر والزمان… ونحن نقف صفاً واحداً ضد مناهج التكفير والدعشنة التي تسعى لترويج أفكارها المنحرفة، والتي تهدف إلى زعزعة استقرار المجتمع وفرض رؤيتها المتطرفة. إننا نؤمن بقيم الدين الإسلامي السمحاء التي تحث على السلم والتسامح والعدل، ونعتبرها ركيزة أساسية لتقدم المجتمع واستقراره.
من ناحية أخرى، فإن شلة المنظرين التي تتسم بالتشكيك والسلبية لن تؤدي أي دور سوى دور العقبة في مسار الآخرين الذين يعملون ويخطئون ويصوبون ويفرحون بنجاحاتهم وإنجازاتهم حين ينجزون. إننا نفخر بإنجازاتنا التي تبرز بين كل هذه التحديات والانتقادات.
تخرج هذا العام 3120 طالب وطالبة من جامعة إدلب، وهو إنجاز كبير يعكس قوة العزيمة والإصرار لدى طلابنا وأساتذتنا. إن هذه الأعداد الضخمة ليست مجرد أرقام، بل هي شهادة على الجهود المجتمعية المبذولة لبناء جيل مثقف قادر على مواجهة تحديات العصر والمساهمة في تطوير وطننا.
في النهاية، الحجاب هو جزء من هويتنا الدينية والثقافية، وهو رمز للفخر والاعتزاز بالنسبة لملايين السوريين. وجامعة إدلب هي منارة للعلم والمعرفة، وشهادة على إرادتنا الجماعية في السعي نحو مستقبل أفضل. دعونا نحترم اختيارات بعضنا بعضاً ونفتخر بمؤسساتنا التي تمثل قيمنا وطموحاتنا… فقد علمتنا الشدائد أن على السوريين أن يبذلوا الكثير من الجهد والصبر كي يواجهوا ما يتعرضون له من إحباط وتنكيل وفرجة على المأساة التي عاشوها.