الدقة المذهلة في استهداف بانياس: كم يقبض ضباط الأسد لقاء بيع الإحداثيات
العربي القديم – ترجمة وإعداد: وسنان الأعسر
أدت الضربة الإسرائيلية الموجعة التي استهدفت فيلا في أطراف مدينة بانياس على الساحل السوري إلى مقتل مستشار عسكري بارز في الحرس الثوري الإيراني وعدد من مرافقيه، وفتحت المجال مجدداً أمام فرضية وجود اختراق إسرائيلي داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية السورية، في الوقت الذي يتداول فيه السوريون على وسائل التواصل الاجتماعي العديد من النكات حول إضافة رأس النظام، بشار الأسد، تجارة جديدة إلى جانب اتجاره في الكيبتاغون، هي “تجارة الإحداثيات”، أي إعطاء مواقع ضباط إيران المتواجدين على الأراضي السورية لإسرائيل.
عملاء على الأرض!
ويشير خبراء أمنيون إلى أن الضربة الإسرائيلية تكشف أن إسرائيل تملك خارطة إحداثيات وتحركات إضافة إلى قائمة بأماكن إقامة قيادات الحرس الثوري والميليشيات الموالية له في المدينة وأطرافها، وهذا الرصد ما كان ليتحقق دون وجود عملاء على الأرض على دراية بتواجد تلك القيادات… مع التأكيد أن هؤلاء العملاء لا يمكن أن يكونوا سوى من أعلى مستويات أمنية أو عسكرية، في ظل السرية الشديدة التي يحيط بها الحرس الثوري تحركاته والميليشيات الموالية له. ناهيك عن التقاليد العسكرية والأمنية السورية التي تمنع وتعاقب المدنيين من الاقتراب من الأماكن الحساسة، وتضعهم في دائرة الشبهات على الفور.
ووسط تصاعد الاتهامات الإيرانية والشكوك التي شاركها حزب الله بأن الجهات الأمنية السورية تتواطأ مع إسرائيل في تسريب المعلومات وإعطاء الإحداثيات الدقيقة، حاول نظام الأسد ذر الرماد في العيون، عبر إرسال مذكرة احتجاج على الأبراج البريطانية عند الحدود اللبنانية -السورية، باعتبارها تشكل “تهديداً” للأمن القومي السوري، وتوفر آليات تجسسية تستطيع جمع معلومات من مسافة طويلة في الداخل السوري، ما يمكن بريطانيا من الحصول عليها لترسلها إلى إسرائيل.
وكانت المذكرة قد وصلت الأسبوع الماضي إلى الخارجية اللبنانية، التي قامت بدورها بإرسالها إلى رئاسة الحكومة ووزارة الدفاع ومنها إلى قيادة الجيش التي تعمل على إعداد رد تقني بالتنسيق مع رئاسة الحكومة لإرساله وفق الأصول إلى الخارجية السورية.
وقائع استهداف بانياس
وتُعَدُّ بانياس الواقعة ضمن محافظة طرطوس، والتي تقطنها أغلبية سنية، من أوائل المدن التي انتفضت ضد حكم بشار الأسد في بداية اندلاع الثورة السورية، إلا أن وجودها في محيط علوي، وارتكاب العديد من المجازر الطائفية الدامية بحق أهلها، حولها إلى مدينة موالية بالكامل لنظام الأسد، ناهيك عن أنها تشكل مركز إقامة العديد من قيادات وضباط الجيش والأمن السوريين الذين ينحدرون من الساحل السوري.
وكانت قد دوت فجر أمس الجمعة انفجارات عنيفة ناجمة عن استهداف جوي إسرائيلي طال فيلاّ في أطراف بانياس على الساحل السوري… وقد تأكد مقتل قيادي من الجنسية الإيرانية هو – حسب وسائل إعلام إيرانية – رضا زارعي، المستشار عسكري في الحرس الثوري الإيراني، الذي وصفته بـ “الشهيد على طريق القدس”، إلى جانب عنصرين من حزب الله اللبناني الذي تموله إيران.
خسائر إيرانية متوالية
وخلال الأعوام القليلة الماضية، شنّت إسرائيل المئات من الضربات الجوّية في سوريا طالت بشكل رئيسي أهدافاً إيرانيّة وأخرى لحزب الله اللبناني، بينها مستودعات وشحنات أسلحة وذخائر، وأيضاً مواقع للجيش السوري. وتعيد الضربة الإسرائيلية في بانياس، وهي الأولى من نوعها في المدينة منذ ثلاث سنوات، تعيد إلى الأذهان الهجوم الذي شنته إسرائيل في العشرين من كانون الثاني / يناير الماضي على مبنى سكني في منطقة مزة فيلات غربي دمشق، وأدى الهجوم حينها إلى مقتل خمسة مستشارين من الحرس الثوري دفعة واحدة، سبقه استهداف القيادي البارز في الحرس الثوري رضي موسوي أيضا بضربة جوية إسرائيلية في جنوب دمشق.
وعادة ما تمر هذه الاستهدافات دون أي رد من قوات نظام الأسد أو القوات الحليفة لها… ويتم الاكتفاء بإطلاق التهديدات في وسائل الإعلام، والتأكيد أن صبر القيادة السورية على وشك النفاذ!