الثورة الرقمية والسوريون: من كاميرات الموبايل إلى كشف أكاذيب “عبيد النظام”
صفحة "مرصد الأقليات" باتت مسرحاً لمسرحيات هزلية من نوعية "التطهير العرقي"، و"قتل على الهوية"، و"اغتصاب النساء"!
بلال الخلف – العربي القديم
في عالم يشهد تطوراً رقمياً مذهلاً وطفرة في الذكاء الاصطناعي، باتت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. الجميع يستفيد من هذه الثورة التكنولوجية في تحسين حياتهم، إلا مغسولي الأدمغة وعبيد الأنظمة المتهاوية، الذين ما زالوا يعيشون بعقلية منتصف القرن الماضي، معتقدين أن الكذب الإعلامي والبروباغندا البالية يمكن أن تصمد في عصر الصورة والفيديو والدليل القاطع.
ما يثير السخرية هنا أن السوريين في بدايات ثورتهم، لم يكن لديهم سوى كاميرات هواتف قديمة بالكاد تستطيع التقاط صورة واضحة. ورغم ذلك، تمكنوا من توثيق أبشع الانتهاكات التي ارتكبها النظام الأسدي، بأسلوب أثبت للعالم أن العدالة لا تحتاج إلى معدات فائقة، بل إلى إرادة حقيقية وشجاعة مواجهة الظلم. ومع مرور الوقت، لم يكتفِ السوريون بهذه البداية البسيطة، بل واكبوا ثورة الرقمنة وتطوروا بسرعة، ليصبحوا رواداً في استخدام التكنولوجيا للتوثيق والنشر، مقابل تخبط النظام وأبواقه في محاولات فاشلة لتزييف الحقائق.
ولكن المضحك حقاً أن النظام ومؤيديه، رغم كل هذا التطور التكنولوجي، ما زالوا يعتمدون على أساليب بدائية في الكذب والتلفيق. أحدث إبداعاتهم جاءت من صفحة تُدعى “مرصد الأقليات”، التي أصبحت مسرحاً لمسرحيات هزلية من نوعية “التطهير العرقي”، و”قتل على الهوية”، و”اغتصاب النساء”، وكأنهم يحاولون تحويل شمال سوريا إلى نسخة خيالية من أفلام الآكشن التجارية الرديئة.
ورغم أن البعض قد يُقر بوجود تجاوزات فردية في أي صراع، إلا أن ادعاءاتهم عن حرق المنازل وعمليات اغتصاب ممنهجة، تنهار أمام أبسط الحقائق. ففي مناطق المعارضة، عناصر إدارة العمليات معروفون بالتزامهم الديني والأخلاقي. وأذكر هنا ما رواه لي صديق علوي عن أخلاق هؤلاء العناصر، حيث قال: “إذا صادف أحدهم فتاة في شارع ضيق أو زقاق، فإنه يغيّر طريقه فوراً لتجنب أي إحراج!” وأضاف آخر مازحاً: “لديهم حساسية من النساء وكأنهم مصابون بمرض خطير يمنعهم من الاقتراب!”
أما ذروة المهزلة، فكانت عندما نشرت تلك الصفحة صورة لشخص زعموا أنه شاب علوي تم اختطافه وقتله على يد عناصر الهيئة، لتتضح الحقيقة لاحقاً أن الصورة تعود إلى والد نجم برشلونة الإسباني، لامين يامال! وكأن ذلك لم يكن كافياً، انهالت التعليقات الساخرة، فقال أحدهم: “متى ستقوم المعارضة باعتقال والد نجم ريال مدريد فينيسيوس جونيور؟”
هذا المستوى من السذاجة في الكذب ليس جديداً على أبواق النظام، لكنه أصبح أكثر إثارة للسخرية مع تطور أدوات التحقق الرقمي التي تجعل فضح التزوير مسألة وقت لا أكثر. تخيل أن تمتلك صفحاتهم آلاف المتابعين، ومع ذلك لم يستطيعوا استغلال طفرة التكنولوجيا لتقديم كذبة واحدة متماسكة!
الثورة السورية لم تكن فقط ثورة على الطغيان والقمع، بل تحولت إلى درس عالمي في كيفية مواجهة الأكاذيب. فمن كاميرات الموبايل البسيطة إلى معدات حديثة تنافس كبريات المؤسسات الإعلامية، أثبت السوريون أن قوة الحقيقة لا تحتاج إلى إمكانيات خارقة، بل إلى إرادة وتصميم.
ومع العام 2025، وبينما يتطور العالم بسرعة، يبقى عبيد النظام عالقين في الماضي، يروجون أكاذيب بائسة تسقط أمام عدسات السوريين الدقيقة التي لا تفوت أي تفصيل. إنهم في سباق ضد الحقيقة، لكنهم في كل مرة يخسرون بلا أي أمل للتعويض. الثورة الرقمية لم تعرِّ النظام فقط، بل كشفت أيضًا تفاهة أدواته وأبواقه التي أصبحت مصدرًا دائمًا للضحك والسخرية.