تسريب أسئلة الشهادة الإعدادية: بين خيانة الأمانة وضياع العدالة التعليمية
هذا الحدث الخطير يسلّط الضوء على مشكلة ليست تربوية فحسب، بل أخلاقية ومجتمعية

إبراهيم سيد حمود – العربي القديم
مع انطلاق امتحانات الشهادتين الإعدادية (الصف التاسع) في المناطق المحررة حديثًا، تفاجأ كثير من الأهالي والمعلمين بظهور صور لأسئلة امتحانات الصف التاسع على وسائل التواصل الاجتماعي قبل ساعات من موعد تقديمها الرسمي. هذا الحدث الخطير يسلّط الضوء على مشكلة ليست تربوية فحسب، بل أخلاقية ومجتمعية تهدد مصداقية التعليم في هذه المناطق وتضع علامات استفهام كثيرة حول نزاهة الامتحانات القادمة، وعلى رأسها امتحانات الشهادة الثانوية.
بداية انهيار العدالة التعليمية
تسريب أسئلة الامتحانات يُعتبر خرقًا صريحًا للعدالة بين الطلاب، ويُفقد العملية التعليمية مصداقيتها. فالطلاب الذين اجتهدوا ودرسوا بضمير طوال العام، يجدون أنفسهم في منافسة غير عادلة مع آخرين حصلوا على الأسئلة قبل الامتحان، بل وربما استعدوا لها مسبقًا. هذا لا يؤثر فقط على النتائج، بل يزرع الإحباط والظلم في نفوس الطلاب المجتهدين، ويضرب مبدأ تكافؤ الفرص في الصميم.
هل يُهدَّد امتحان البكالوريا أيضاً؟
بعد تسريب أسئلة الصف التاسع، بات القلق يزداد من إمكانية تسرب أسئلة شهادة البكالوريا، وهي الشهادة الأهم في مسيرة الطالب التعليمية، والتي تُبنى عليها قرارات مصيرية تتعلق بالقبول الجامعي والمستقبل المهني. أي خرق في نزاهة هذه الامتحانات سيؤدي إلى نتائج كارثية، ليس فقط على مستوى الطلاب، بل على مستوى سمعة العملية التعليمية في سوريا بأكملها.
مقارنة صارخة: امتحانات صارمة مقابل تسريب مُبكر
في مناطق المحرر “القديمة” – التي خضعت للاستقرار نسبيًا منذ سنوات – تُدار الامتحانات بطريقة صارمة ومنظمة، مع مراقبة دقيقة وتشديد على الالتزام بالضوابط الامتحانية. أما في المناطق المحررة حديثًا، فالوضع مختلف تمامًا؛ حيث تم تداول صور لأسئلة امتحانات الصف التاسع على وسائل التواصل الاجتماعي ، ما يشير إلى وجود خلل كبير في منظومة نقل وإدارة الأسئلة.
هذا التفاوت لا يُسهم فقط في تفشي الظلم بين الطلاب، بل يعمّق الشعور بعدم الانتماء والانقسام داخل الجسم التعليمي، ويزيد من التوتر المجتمعي بين المناطق المختلفة.
المطلوب فوراً: محاسبة، وإصلاح جذري
ما حدث يجب ألا يمر مرور الكرام. فالتسريب لم يكن مجرد خطأ فردي، بل خرق جماعي يتطلب محاسبة المسؤولين المباشرين عن إدارة العملية الامتحانية في تلك المناطق، وتشكيل لجنة تحقيق شفافة. كما يجب إعادة النظر في آلية نقل وتوزيع الأسئلة، والاعتماد على وسائل أكثر أمانًا.
الامتحانات ليست مجرد أوراق وأسئلة، بل انعكاس لقيمة التعليم في أي مجتمع. وإن لم يتم اتخاذ موقف حازم تجاه هذه الظاهرة، فإن مستقبل التعليم – خصوصًا في المناطق المحررة حديثًا – سيكون عرضة للانهيار. فهل نملك الإرادة الكافية لحماية حق أبنائنا في تعليم نزيه وعادل؟