قصد السبيل | عصام العطار الذي عرفته (3 من 3): شركاء لا عملاء
د. علاء الدين آل رشي
يعتبر القائد عصام العطار أن الوضع المعقد في سوريا بعد الثورة السورية، تجلى في مسارات وأوراق ضغط قد تستخدم في التفاوض مع النظام الحاكم أو الابتزاز السياسي بين السلطة والمعارضة. ولكن الأمر يمكن أيضاً أن يتجه نحو سيناريوهات تهدد السيادة السورية وتخلق بؤر توتر دائمة لصالح دول أجنبية.
يرى أ. العطار أن هذا المشهد السوري المعقد تمخض عن مسارات وأوراق ضغط قد تستخدم للمساومة مع النظام، أو الابتزاز السياسي للسلطة والمعارضة في شأن مستقبل سوريا، أو تذهب لما هو أبعد إلى سيناريوهات تآكل السيادة السورية لصالح دول معينة وخلق بؤر توتر دائمة لتظل سورية رهينة الأقدار المرسومة والتواطؤ الدولي الحاضر. ولوتأملنا في الواقع القائم اليوم لوجدنا أن رؤية الأستاذ العطار قد تحققت تماما… فسوريا تعيش عصر تآكل السيادة بكل معنى الكلمة.
ويرى الأستاذ العطار أيضا: أن كل تلك مسارات وسيناريوهات محتملة وواردة، وقد تقع سوريا في حالة من الضياع والتصفية.. ورغم مرارة المشهد لما قد ينطوي عليه من عدم وفاء الأصدقاء والحلفاء، إلا أن على الشعب السوري كما يرى أ. العطار إحياء القواسم المشتركة والتوافق على القضايا الكبرى. بالنظر إلى الخلافات بين الحلفاء في التاريخ، يجب علينا أن نكون شركاء في صناعة مستقبل سوريا وألا نتوقف عن العمل بناءً على العدل ورفض دعوات الاصطفاف حول قيادة انتقائية أو طائفية.
اقرأ أيضاً: قصد السبيل || عصام العطار الذي عرفته (1 من 3): مراجعات نقدية استثنائية
لسنا بدعاً من الأمم في التاريخ، وما يجري على غيرنا هو ذاته ما يجري علينا، ، أكثر الحلفاء تناغما، تصطدم مصالحهم ويتآمرون على بعضهم البعض، وليست قضية تنصت أمريكا على حلفائها في «الناتو»، وأبرزها «ألمانيا» ببعيدة ولا مثيرة للدهشة.
يجب أن نتجاوز تعاملنا مع الأزمات السياسية في سوريا بمجرد القلق والخوف. ينبغي أن نتعامل مع الأزمة بشكل استراتيجي وأن نكون على قدر المسؤولية في تشكيل مستقبل البلاد. من خلال العمل بحكمة ودبلوماسية، يمكن أن يساهم الشعب السوري في تحقيق الاستقرار والسلام في البلاد.
لذلك، يجب على السوريين أن يكونوا مدركين للنوايا السياسية وأن يعملوا على تحقيق مصالحهم الوطنية بشكل مستقل، لأن القرارات المستقبلية ستؤثر على مستقبلهم وعلى وحدة وسيادة بلادهم. يجب أن يكون للسوريين دور فاعل في تشكيل مستقبلهم، متجنبين الوقوع في فخ الانقسامات الطائفية والسياسية واختزال الموقف من التآمر المحتمل على وطن بأكمله بشعبه وجغرافيته وثقافته وتاريخه، إلى تباك على محاولات طعن الشخوص السياسية وإسقاط النظم.
بهذه الطريقة، يمكن للسوريين أن يكونوا على قدر المسؤولية، ويمكن أن يسهموا في بناء مستقبل مشرق لبلادهم، حيث يتمتعون بالسيادة والاستقرار والوحدة. ولكن كي لا نصير بدعا بين الأمم بحق، يلزم أن نتجاوز في تعاملنا مع مثل تلك الأزمات مجرد الإمعان في القلق والخوف، وأن نكون شركاء لا عملاء في صناعة سوريا، وأن يظل الحس الفطري والإنساني عميقا وألا يتوقف تعاطينا مع المكونات السورية على أساس العدل لا الغل… كما يلزم ألا نترك أزماتنا المصيرية، وتلك تجليات إحداها – ليست بأولى تلك الأزمات ولن تكون آخرها – مرتعا لشذاذ الآفاق ممن يريدون أن يحيلوها موالد للنفاق والمبايعة وبغاء السياسة من أجل مواطئ سلطة يطمحون إليها بدعوى الخوف على النظام والدولة، وهم عين الخطر على كل نظام، وأصل البلاء في كل دولة، وهم من أسقطوا بغبائهم نظما ادعوا حبا لها، ودولا قتلوها بفسادهم. إن كنا على قدر تلك الأزمة فلتتجاوز حديث المقدمات، فلنتجاوز الصراخ والتباكي والنحيب ونضال الحناجر على الفضائيات سبا وشتماً في أطراف المؤامرة، ولهجا بحمد النظام وتقزيما للوطن، وإهانة لوطن بقيمة سوريا بصرف قدرته على الصراع والبقاء إلى إلهام قادة أو عبقرية زعماء ومنح الجميع مساحات من الاتفاق.
اقرأ أيضاً: قصد السبيل || عصام العطار الذي عرفته (1 من 3): توق القلب إلى الحرية
أخيراً: إذا كان لإنسان أن يعرف من فكره ومواقفه، فما أبلغ هذه الكلمات والمواقف في تشكيل صورة الأستاذ عصام العطار الذي عرفته، والذي حاولت عبر سلسلة هذه المقالات أن أنقل صورة عنه للقراء، ربما تقدم لنا الكثير من اللإشارات والملامح عن شخصيته وعطائه والخسارة التي شكلها رحيله وغيابه.