حكم البابا في ذكرى رحيله الأولى: اتهامات طائفية تتجدد!
العربي القديم – نوار الماغوط
معروف عن الراحل الكاتب السوري حكم البابا، أنه شخصية لم يتمكن القراء وربما أيضاً أصدقاؤه من سبر أغوارها العاصفة والغاضبه، التي لم تهدأ لحين وفاته… لا أعرفه عن قرب بشكلٍ شخصي، ونحن نقيم في مدينه واحدة ونعمل بنفس المجال..
كنت أود أن ألتقيه وأن أناقشه بعدد من المقالات التي نشرها خلال مشواره الصحفي وغير المتفِق معه حولها، وخاصة المقالات التي سخر فيها من قصيدة النثر وتلك المقالات التي تبحث عن إجابات من يصنع مكانة الشاعر في سوريا؟ وما الذي فعله حزب البعث والحزب الشيوعي في سوريا بالثقافة والأدب…
بعد عام 2011 لم أتابع كتاباته، وجاءت ذكرى وفاته السنوية الأولى؛ لتذكرنا به، من خلال كتابات زملائه وأصدقائه عن حياته الخاصة، وعن أعماله، في العدد الخاص التي أصدرته العربي القديم عن حماة، وعن مواقفه السياسية والثقافية والاجتماعية، وخاصة تلك التي تصفه بالمتوتر والهمجي والطائفي.
أعتقد أن حكم ومثله مثل بقية السوريين الذين ظهرت ردودهم الطائفية جلية من كل الأطراف، وهي ناتجة بشكل أساسي عن ردة فعل طبيعية… فكل فعل له ردة فعل تساويه وتعاكسه في الاتجاه. وهي مواقف ناتجة في معظمها عن كراهية أشخاص ينتمون لطائفة استلمت عائله منها الحكم بشكل استبدادي مطلق.. وليست مواقف من البنية الثقافية أو الاجتماعية لهذه الطائفة.
فما كنا نتعرض له أجبر الكثير من السوريين على الاعتراض، بأشكال متعددة، تتراوح بين الصمت، وبين حمل السلاح، وبالتالي حكم، وما صدر عنه من مواقف، بعد الثورة هو معادل موضوعي للأحداث، والظروف التي مرت على سوريا، وهو نتاج سلطات كانت تهيمن على الحجر، والبشر، وانعكاس له، وليس الأمر يتعلق بشخصية حكم، أو غيره، مثل البراكين والزلازل لا يمكن توقع نتائجها، ولا حجم الضرر الذي سيلحق حولها.
ما كتبه حكم للتلفزيون، كان أقل باعتقادي، مما يريد أن يصل للناس، قد تكون الظروف الإنتاجية، أو كتابة السيناريو غير موفقة، وقد تلعب دوراً ظروف الإنتاج التلفزيوني عموماً، والتي كان حكم في خضمها يسعى؛ لأن تكون للكاتب كلمة على نصه، أثناء التنفيذ، لكن هذا لم يكن متوفراً له دائماً، كما يقول العالمون بأجواء الوسط الفني.
وإذا كان حكم قد استطاع أن يقدم نفسه بشكل لطيف ومرح ولماح، عبر مسلسله الأول (عيلة خمس نجوم)، فإن مسلسله الثاني (أحلام أبو الهنا) الذي أخذ فيه دريد لحام دور أبي الهنا، الشخصية التي لم يبذل جهوداً إضافية لإظهارها، فانعكست تعبيرات شخصيته الحقيقية عليها؛ ما شكّل صدمة للجمهور، انعكس على تلقيهم للنص بطبيعة الحال.
حكم هو سوري، ربما يمثل أكثر الناس وضوحاً، وفي كثير من الأحيان، يكون الوضوح مزعجاً، لمن يعشقون الظلال، والأنوار الخافتة، والزوايا المعتمة.
من السوريين، وللذين يتهمونه بالطائفة، وبشكل مباشر، دون دراسة، أو التلميح لظروف هذا المنتج البشري، وهناك من تفوق عليه، وعلى الآخرين بالطائفية، وهم النخب الثقافية التي توظفت لنشر الثقافة الجديدة، في دمج أيديولوجيات الأقليات في المنطقة، في النظام العالمي الجديد الذي يقودنا نحو الخراب. والتركيز على “الكوتا الطائفية”، في التوظيف، والشللية، والمحاباة التي كان النظام رائداً، في اللعب عليها، وتوظيفها بشكل دقيق جداً،
ولمن يتهم حكم بالطائفية أقول لهم:
الطائفي هو من رضي أن يقبل على نفسه أن ينضم للائتلاف ضمن الكوتا.
الطائفي هو الذي أخذ حصته المالية من الائتلاف، وبعدها ادعى إنه ترك الائتلاف؛ لأن الإخوان المسلمين هم المسيطرون على الائتلاف.
الطائفي هو الذي يهاجم حكم بعد موته، ولم يتجرأ على ذلك، عندما كان حكم حيّاً.
الطائفي هو الذي يعمل الآن، لدى مؤسسات المعارضة، ضمن الكوتا.
الطائفي هو الذين يقول الآن: إذا لم نعمل سنكون مثل حال عارف دليلة، وحبيب صالح، وفؤاد حميرة.