نبوءات كاذبة لخلق قطيع لا يؤمن إلا بالقتل والخراب
لا بد من إيقاف هذه الجريمة التي ستؤذي الدروز قبل غيرهم وستؤدي إلى مآسي وخسائر فادحة كلنا في غنى عنها.

محمود القداح – العربي القديم
أشرس الحروب هي تلك التي خيضت بناء على فكرة عقدية أو وهم مقدس، بعد أن نجحت في تكوين جماعات بشرية تؤمن إيمانا عميقا بتلك التعاليم والنصوص والنبوءات، بغض النظر عن صحتها أو زيفها، وغالبا ما كانت تنجح في إنشاء دول وامبراطوريات.
تكرر ذلك كثيرا في التاريخ البشري.
تجارب تاريخية.. بعضها فشل وأخرى قيد الفشل
في الماضي القريب كانت فكرة النازية خلف بناء قوة ألمانية جبارة، أشعلت حربا عالمية في سبيل خدمة هذه الفكرة المضللة!. وحاليا نجد أن دولة إسرائيل قد قامت فعليا بناء على نبوءات توراتية تلمودية ووعود فضفاضة لا دليل على صدقها. تتحدث عن إمبراطورية مترامية الأطراف سيقيمها شعب إسرائيل تدوم لألف عام.
ستبدأ من تاريخ قدوم مخلصهم الذي ينتظرونه! وهو المسيح (الدجال) ويعتبرون أن شرط قدومه هو استفحال الشرور والقتل والإجرام، لذا لا يتورعون عن أي فعل شرير أو جريمة بشعة تمهد لهم السبيل للوصول إلى غايتهم المزعومة.
فكانت تلك الأوهام الأسطورية هي الرداء المقدس الذي غلفت به الحركة الصهيونية من أجل استقطاب أكبر عدد ممكن من اليمينيين المتطرفين، ليكونوا جزءا من هذا المشروع الاستعماري. ولضمان استماتتهم في دعمه بكل امكانياتهم و خاصة المادية سواء كانوا داخل الكيان أو خارجه.
وكذلك تمكن ملالي إيران ومن خلال استلهام الأسلوب نفسه، حيث روجوا لمظلومية تاريخية ونبوءة مقدسة بحتمية قدوم الإمام المخلص لهم.
والذي سينتقم لهم شر انتقام من أحفاد أعدائهم، فظهرت نتيجة ذلك فكرة الولي الفقيه الذي سيمهد لقدوم المخلص من خلال قتل أكبر عدد ممكن من أعدائه!.
فلم تدع وسيلة للقتل والانتقام إلا ارتكبتها في كل دولة وطئتها أقدام مليشياتها.
نبوءات مكذوبة يطلقها “العلمانيون” الجدد!
قبل أيام دار نقاش بيني وبين أحد أبناء السويداء وهو مقيم في الرياض حول ما يحدث في السويداء.
خلال النقاش ألقى إلي (بنبوءة)! تشبه نبوءات التلمود ويبدو أنها مستحدثة، لكنهم يدعون أنها موجودة في كتب قديمة (شمس المعارف الكبرى) كما ادعى هذا الشخص! وهذا الكلام غير صحيح فالبحث عنها لم يخلص إلى أي نتيجة و هذا يرجح أنها حديثة ويتم تدوالها في مجموعات (واتس أب) مغلقة لأبناء الطائفة الدرزية بهدف إقناعهم أن العاقبة لهم، وأن الانتصار من نصيبهم دون شك… فيلتفون بقوة حول شيخهم القائد الواهم. ولعل هذا ما يفسر تماهي كثير منهم مع طروحاته ومغامراته، وصمت معظم المثقفين وعدم اتخاذهم أي موقف حاسم مما يجري، ربما خوفا من تحقق تلك النبوءة المزعومة! فيصبحون في موقف محرج وسيظهرون كخونة بين أبناء الطائفة!
وهنا نص النبوءة المزعومة كما ذكرها لي هذا الشخص دون تصحيح الأخطاء الإملائية الواردة فيها:
“ويحكم الشام شخص اسمه بشر هيك مكتوب مش مكتوب بشار لمهم تقوم عليه القلاقل من جميع الدول، فإن نجا حكم ليوم الدين وإن قضا يا ويل لأمته من بعده؛ يذبحون في جنب البحار ويأكل منهم الطير والسمك وترفع الرايات السود في قلب الشام وتأتي جحافلهم إلى جبل الريان فيحرقون أطرافه كطرف العباي ويقتلون النساء ولرجال والاطفال ومن ثم يتراجعون دون منال ومن بعدها الشام جماجم الرجال في الطرقات كل تلال ودرعا خراب ومسكن الغربان والويل ثم الويل لحمص وحما نهر يجري من الدما ويصل الخراب الى لبنان لتكون ارض بلا سكان”
ومن الواضح أن هذه (النبوءة) المدعاة تحمل وعدا بأن (الدروز) سينتصرون في ختام ما يجري من أحداث.
وتحمل كذلك وعيدا لبقية الشعب السوري بالقتل والتدمير والتهجير، (ربما ستعتبر مأساة السنوات الماضية نزهة بالنسبة لما ينتظرنا)!.
إن هذه النبوءة المكذوبة تدل على عمق الحقد والكراهية التي تكنها لنا هذه العصابة الخارجة عن القانون، وتعبر فيها عن أمنياتها الدفينة في إمكانية إبادتنا بشكل نهائي غير قابل للعكس، متماهية في ذلك مع المشروع الصهيوني بشكل كامل وهذا بالضبط ما يفسر رفع أعلامه و الهتاف له وشكره، من قبل زعماء العصابة و انتظارهم بفارغ الصبر للحظة دخوله المباشر.
ليس هذا فحسب بل إن حاضنة تلك العصابة أصبح لديها الاستعداد النفسي لخوض المعركة مع العدو الصهيوني ضد محافظة درعا! (تصديقا لما ورد في النبوءة) و تأمين كل ما يلزم من الجنود المشاة اللازمين للانقضاض، بالتنسيق مع الكيان الذي يطلبون منه فقط تأمين غطاء جوي وقد تحدث هذا الشخص عن ذلك خلال النقاش معه على الماسينجر فقال:
“يعني هلق ليهود ان نوز يعملو حرب عدرعا يتصدق ما بيخسروا جندي من عندن منورا لحقد الي زرعوا بين الدروز ودرعا عندن استعداد يجندوا ١٠٠٠٠٠من سويدا من باب لانتقام”.
أي حقد هذا الذي يتم زرعه في السويداء من قبل تلك العصابة والذي يبشر بجرائم ستفوق ما فعلته أي عصابة متطرفة من قبل
والخطر الحقيقي يكمن في اقتناع عدد كبير من الناس بمثل هذه الأكاذيب، وعدم إخضاعها للنقد المنطقي، واعتبارها نصا مقدسا وقدرا محتوما لا يمكن مناقشته ومحاكمته عقليا.
من يوقف هؤلاء وأتباعهم؟
لقد أحرقت تلك العصابة الخارجة عن القانون كل المراكب في سبيل مغامرتها غير المحسوبة، غير آبهة بكمية الدماء التي يمكن أن تسفح من أجل تحقيق أوهامها وأحلامها العبثية.
لا بد من إيقاف هذه الجريمة التي ستؤذي الدروز قبل غيرهم وستؤدي إلى مآسي وخسائر فادحة كلنا في غنى عنها.
وهذه مسؤولية اليقظين والوطنيين من أبناء السويداء، أصحاب الصوت المسموع في المجتمع الدرزي.
الذين يقع على عاتقهم دحض تلك الخزعبلات وتبيان خطؤها وخطورتها، والتي لن تأتي بخير أبدأ، بل ستكون فاتحة قتل وتدمير وخراب، لن ينجو منه أحد.
فهل من مذكر؟