نضال معلوف على خطى الثورة المضادة؟
رائحة التحيز الأقلوي التي تفوح من منشوراته أصبحت أقوى من أن تُخفى
بلال الخلف – العربي القديم
يا أستاذ نضال، إن السرعة التي تغرد بها وتنشر فيها مواقفك تبدو وكأنك في سباق مع نفسك، لا مع الحقيقة. كل يوم تهاجم موقفاً جديداً، وتنتقد دون تمحيص، مرةً بحجة الالتزام الديني، ومرةً لأن شخصاً التزم بقيم مجتمعه. وأخرى بحجة الفراغ، ثم مع هذا الفراغ ترى أنه تم الاستيلاء على كل شيء. لا تترك فرصة إلا وتسارع إلى التشكيك، لكن دعني أسألك بوضوح: إلى متى ستستمر في هذا النهج المتخبط؟
تُظهر انزعاجك كلما تم طرد أحد من رؤساء النقابات الذين جاء بهم حزب البعث وأجهزة المخابرات، وكل السوريين يعرفون أن شرط الفساد كان أساسيا في اختيارهم وتنصيبهم، وكأنك تفضّل استمرارهم في مواقعهم وكأنهم ضمانة للنزاهة والشفافية! دعني أسألك مباشرة: أتريد حقًا أن تبقى علياء الأسد ومن على شاكلتها، مثالًا حياً في نقابة الصيادلة أو غيرها من النقابات المهنية؟ هل تعتقد أن هناك عاقلًا يرضى أن يُترك هؤلاء الشبيحة كالسوس ينخرون في عظام الحياة المدنية والنقابية؟ أم أنك ترى أن بقاءهم يُحقق رؤيتك الخاصة للعدالة والديمقراطية؟
عندما يشبهك الناس بباسم يوسف، ألا يجعلك هذا تشعر بالخجل؟ باسم يوسف الذي أصبح رمزاً للثورة المضادة في مصر، وشارك في هدم أحلام التغيير التي خرج من أجلها شعب بأكمله. تشبيهك بشخص لعب دورًا في وأد ثورة شعبه ليس مدحًا، بل دعوة للتأمل في المسار الذي اخترته. هل تريد حقاً أن يلاحقك هذا العار، أن تُذكر يومًا بأنك ساهمت، ولو بكلمة، في تشويه الحقيقة وإجهاض أحلام السوريين بالتغيير والحرية؟
رائحة التحيز الأقلوي التي لم تعد تُخفى
رائحة التحيز الأقلوي التي تفوح من منشوراتك أصبحت أقوى من أن تُخفى. لم يعد بمقدورك سترها تحت ستار “الحرص على مكتسبات الثورة” أو الدعوة إلى “الحوار الوطني”. كل كلمة تكتبها، كل نقد تطرحه، يكشف أنك تخفي وراء مواقفك رغبة في فرض رؤية ضيقة تتجاهل الأغلبية الساحقة من السوريين. تُطالب بحوار وطني، لكن وفق شروطك أنت، شروط تُقصي 80% من الشعب السوري وتخدم رؤيتك الخاصة.
هذا التحيز الذي تحاول تغليفه بشعارات الحرية والديمقراطية، لم يعد يخدع أحدًا. الحقيقة واضحة، ومهما أسرعت في التغريد، فلن تستطيع إخفاء هذا الانحياز. الشعب السوري يرى ويفهم، يرى أنك متجني، متسرع، تقودك انتماءاتك الأقلية في العقل الباطن لترى في هذه السلطة عدواً أيديولوجياً مسبقاً، وهو لذلك لن يسمح لأفكارك الملتوية بأن تُشوّه مسيرته أو تُجهض تطلعاته نحو مستقبل أكثر عدلًا وحرية. فالفضيحة أنك حتى عندما تجري استبيانات لم يتجاوز عدد المشتركين فيها باعترافك (700 شخص) تأتي تعليقاتك على الجوانب الإيجابية التي يشيد بها الجمهور، سلبية ومشككة. فلماذا تجري استفتاءات إذا كانت تعليقاتك ستقول عكس نتائها؟!
ومع أنك تقول بأن هناك فراغاً أمنياً، أي ثمة احتياج لحشد طاقات وتجنيد عناصر شرطة، تعلق على الدعوة للالتحاق بجهاز الشرطة بالقول وبالحرف: “الحقيقة مارح يكون في استجابة كبيرة لهذه الدعوات لأنه ليس هناك رؤية واضحة للمستقبل”
الله أكبر… لقد دخل نضال معلوف إلى قلوب وعقول المتطوعين وهو جالس هنا في تركيا، واكتشف أنه لن تكون لديهم استجابة… والسبب الرؤية الواضحة للمستقبل! ولكم أن تتخيلوا أن الشاب الذي يريد أن يلتحق بسلك الشرطة لأنه مؤمن بأنه استعاد وطنه وعليه أن يدافع عن أمنه من الداخل… يقف ليطلب من الشرع وفريقه أن يقولوا له ما هي رؤيتهم الواضحة للمستقبل قبل أن يتقدم بطلب الانتساب!
أي هراء هذا وإسفاف يا أستاذ نضال. والله معيب ان تنحدر إلى مثل هذا المستوى الكيدي!
تفضل إلى الداخل
ومع كل هذا، إذا كنت تدّعي الحرص على الوطن ومستقبل السوريين، فها هي مطارات دمشق وحلب قد عادت للعمل. تفضل بالدخول إلى سوريا، انزل إلى الميدان، وواجه الحقائق على أرض الواقع بدلًا من الاكتفاء بالتغريدات السريعة من وراء الشاشات. وقتها فقط، ستعرف معنى النقد الحقيقي، ومعنى الالتزام بقضية شعب لم يعد يُخدع بالشعارات الرنانة.
للأسف، انحدر الى الحفرة التي حذّرنا منها. شاهدت تحامله على الثورة في المقاطع التي نشرها بعد فتح دمشق، والتمست له عذرًا، لكن استمر في غيّه ووضع العصير في العجلات ما دفعني لإلغاء متابعة قناته على يوتيوب بعد مدة لما استشعرت بأنه يسير في ركب الثورة المضادة.
xnda36