نوافذ الإثنين | عندما يخدم ”المقاوم“ إسرائيل مجانا!
يكتبها: ميخائيل سعد
نظم الأسبوع الماضي مجموعة من الناشطين (لا أعرف من المنظم بالتحديد)، مظاهرة للتعبير عن غضبهم مما تفعله إسرائيل في غزة ولبنان من قتل وتدمير للبشر والبنى التحتية في البلدين، وهذا شيء طبيعي، بل هو أمر مطلوب الهدف منه التعبير عن رفض ما يجري هناك، ولفت انتباه الشعب الكندي إلى حقيقة المجزرة التي تقوم بها الحكومة الإسراـئيلية ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني، والمطالبة بالضغط الشعبي على الحكومة الكندية كي تتخذ موقفا إنسانيا وحقوقيا ضد ما تقوم به إسرائيل، والذي ينافي ”وثيقة الحقوق الكندية (Canadian Charter of Rights and Freedoms): التي تعتبر جزءًا من دستور كندا، والتي تم تبنيها في عام 1982. وهي تضمن حقوقًا أساسية مثل حرية التعبير، وحرية الدين، وحقوق الاجتماع، وحقوق الأفراد في محاكمات عادلة.
بشكل عام يمكن إيجاز وسائل الاحتجاج السلمي ضد بعض سياسات الحكومة الكندية الخارجية دون خرق القانون، بما يلي:
- المظاهرات السلمية: تنظيم فعاليات جماهيرية للتعبير عن الآراء والمطالب.
- العراض: جمع توقيعات على عرائض تطالب بتغيير السياسات.
- الكتابة إلى المسؤولين: إرسال رسائل إلى البرلمانيين أو الوزراء للتعبير عن الاعتراضات والمقترحات.
- الحملات الإعلامية: استخدام وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لرفع الوعي حول القضايا المطروحة.
- الفنون: استخدام الفن، مثل المسرح أو الرسم، للتعبير عن الآراء والتأثير على الرأي العام.
- النقاشات العامة: تنظيم ندوات وفعاليات حوارية لمناقشة السياسات وطرح البدائل.
- التحالفات: التعاون مع منظمات غير حكومية أو جماعات ضغط لتعزيز الصوت المشترك.
تعتبر هذه الوسائل أدوات فعالة للتعبير عن الاعتراضات بطريقة سلمية ومنظمة، وتكسب احترام الناس وتعاطفهم مع القضايا التي يُراد الدفاع عنها.
ماذا حدث في المظاهرة؟
نقلت وكالات الأنباـء خبر مظاهرة معادية لإسرائيل ومساندة لحماس (الإرهابية) ولحزب الله اللبناني (الإرهابي)، وتم فيها حرق العلم الكندي ورفع شعارات تدعو للتحريض على الكراهية كشعار ”الموت لكندا“، في مدينة فانكوفر الكندية. هذه المظاهرة التي لم تحترم لا القوانين الكندية ولا الشعب الكندي ولا علمهم الجامع، ولا مشاعرهم.
السؤال: ماهي ردود الفعل التي تتوقعونها من الشعب الكندي الذي شاهد علم بلاده يحترق بيد انسان يعيش على أرض كندا، ويسمع صراخ ”الموت لكندا“ يردده بعض المتظاهرين الذي يحملون الجنسية الكندية ؟
رد الفعل المباشر والطبيعي الذي سيصدر عن الكندي العادي الذي شاهد علم بلاده يُحرق بيد عربي أو مسلم أن يقول: إسرائيل معها حق، فهي بقتلها لهؤلاء الإرهابيين إنما تحمي شعبها وتحمينا. وليس من المستغرب أن يطالب بعض الكنديين حكومة بلادهم بإصدار قوانين تعاقب كل من يذكر إسرائيل بالسوء ومن يتهمها بالإرهاب، وسيضغط على حكومته لتقديم كافة أنواع المساندة لإسرائيل ف صراعها مع هؤلاء الإرهابيين المتوحشين.
يحضر في البال السؤال التالي: ما هو حجم الفوائد التي تجنيها إسرائيل من هذا السلوك الغبي الذي نمارسه ونحن نظن أننا نخدم قضايا بلداننا؟ وما هو حجم الضرر الذي ألحقناه بقضايانا وبأنفسنا؟
ويخطر بالبال أيضا سؤال أشد إيلاما: هل وصل بنا الغباء إلى أن نكون عملاء بالمجان لإسرائيل؟
الخاتمة
قبل حوالي ٢٥ سنة، كان أحد الناشطين العرب في مونتريال يوزع على الناس، في أحد أحياء المدينة، بيانيا مكتوبا باللغة الفرنسية يدعو لدعم القضية الفلسطينية. مرّ بجانبه رجل يرتدي الثياب اليهودية التقليدية، فناوله الشاب نسخة من البيان، توقف الرجل وقرأ الأسطر الأولى من البيان ثم التفت إلى الشاب قائلا: أيها الشاب يبدو أنكم لم تتعلموا من إخفاقاتكم المتكررة شيـئا، لأنكم لو تعلمتم لما أتيت إلى حي ناطق باللغة الإنكليزية لتوزع فيه بيانا مكتوبا باللغة الفرنسية.
نعم لم نتعلم، بدليل حرق العلم الكندي والدعاء على كندا بالموت بالوقت الذي نحن فيه بحاجة لصوت داعم واحد في الغرب لقضايانا.
مونتريال ١٤/١٠/٢٠٢٤
71tlv1