العربي الآن

النعنوع ساخراً بعد أن كان يستجدي سكوت أورينت

محمد منصور- العربي القديم

لست من هواة الطعن بذمم الناس المالية، سواء بأدلة أو بغير أدلة… والسبب انني لست مغرما بالنقاش حول الأموال، سواء كانت نظيفة أو مغسولة من قذارة أو نجاسة، أو بين بين… ولم يسبق لي أن خضت نقاشا حول مثلاً: من أين تحصل المنظمة الفلانية أو الفريق التطوعي العلاني على المال وأين ينفقونه؟ وهل يذهب لمستحقيه فعلاً؟ لأن الموضوع لا يتسهويني وليس من اختصاصي… ومن هذا المنطلق تحفظت مراراً في موقع (العربي القديم) على نشر مقالات وتقارير تتهم فريق ملهم التطوعي صراحة بتجاوزات مالية شتى تحت غطاء التبرع للثورة. وقلت لأصحابها إنه لا يجوز الاتهام بلا أدلة دامغة، لأن تكاثر هذه الاتهامات قد تزيد من الشكوك حول عمل هذا الفريق التطوعي الذي أطلق عليه الفنان علي فرزات متهكما “التبضعي” فأصبح اسمه “فريق ملهم التبضعي” وهذا قد يجعل المتبرعين له والداعمين له أقل ثقة به، وينعكس هذا على حرمان أهلنا الذين نسيهم العالم في المخيمات، من تبرعات هم بأمس الحاجة إليها.

ومن هذا المنطلق لم أشارك يوماً في أي حملة طعن بالذمة المالية لفريق ملهم التطوعي، وحين كنت في أورينت كنت أخوض نقاشات حامية مع الزملاء بأنه لا يجوز التسرع في النشر في مثل هذه القضايا، وليس من مصلحتنا الطعن بجهود فريق تطوعي يعمل من أجل الثورة ومنكوبيها، وكان صديقي رئيس التحرير علاء فرحات يصغي إلي ولكنه يقول إنه لا يستطيع تجاهل ما يرده من معلومات لأن هذا يفقد أورينت مصداقيتها، وكان السيد عاطف نعنوع يحاول عبر صديق له (ح.ع)، هو زميلنا في أورينت… أن يتوسط لدى فرحات لأن أورينت كانت مسموعة وجمهورها عريض ومتنوع ويصدق ما تقوله، وقد اعترف نعنوع لـ (ح.ع) على ما قال لي هذا الأخير، بأن ما تنشره يؤثر عليهم وعلى عملهم.

رحم الله أورينت فقد كانت لها ما لها وعليها وما عليها… ومن الطبيعي ألا تمتلك أي جهة إعلامية الصواب كله بمفردها مهما كانت قريبة من الناس… لكن بالتأكيد تنفس فريق ملهم التطوعي الصعداء بعد إغلاق أورينت… وبالتأكيد انعكس هذا على طريقته الاستعراضية المستفزة لمشاعر السوريين في عرض وتسويق مؤتمره “مؤثرون من أجل الإنسانية” الذي نظمه فريق ملهم بالشراكة مع منظمة بنفسج. وشخصيا كنت معجبا بالفكرة، مؤمنا أن كل ما ينفع الناس يبقى في الأرض…. ورغم أنني في (العربي القديم) نشرت مقالات تهاجم المؤتمر، إلا أنها لم تكن تعبر عن رأيي وإعجابي فيه… وهذا أمر قد لا يفهمه كثيرون اليوم، إذ كيف تكون رئيس تحرير موقع وتنشر فيه ما يخالف رأيك؟ طبعاً هذا التقليد ليس ابتكاري ولا بطولتي، بل يحدث في الصحافة الحقيقية وفي الصحافة الحرة التي لا تمنع نشر إلا ما يتعارض مع مبادئها العامة والكبرى، مثل مناصرة قضية أساسية ما، أو الانتماء لثورة شعب تنتمي إليه وهكذا.

وقد كتبت على صحفتي الشخصية على (فيسبوك) منشورين عن هذا المؤتمر، الأول انتقدت فيه اهتمام بعض إعلاميي المؤتمر بنشر صورهم مع الفنانين، وقد اعتبرت أن هذا الاستعراض الشخصي من قبل من يعلقون في رقبتهم هوية المؤتمر يشوش على قضيته الإنسانية الأساس، وهي مساعدة منكوبين في المخيمات. أما الثاني فقد انتقدت فيه تكريم المؤتمر لأحد رعاته قائلا:

 “معيب جدا أن تكون “الراعي الإعلامي” لمؤتمر… ويأتي هذا المؤتمر ليكرمك. الراعي الإعلامي يقدم خدمات مالية أو إعلانية إو إعلامية لما يرعاه ولقاء ذلك يذكر اسمه في البوسترات والبروشورات وفي بند الرعاة تحت اسم المؤتمر… أما أن يتم تكريمه، كما حدث في تكريم تلفزيون سوريا ممثلا بمديره العام د.حمزة مصطفى في مؤتمر (مؤثرون من أجل الإنسانية) فهذا يعني أنك ترد له الخدمة بخدمة أخرى، “بيت فستق”… وهذا لا يحدث إلا في غياب احترام التقاليد والأصول الإعلامية والمهنية والجهل بها من قبل المؤثرين والمكرمين!

اختلفت الآراء حول رأيي هذا، فقد رأى بعضهم أنه لا توجد مخالفة بالأساس فالعديد من المؤتمرات والمهرجانات تكرم الجهات الراعية لها على سبيل التعبير عن الشكر والعرفان، مسترشدين بذلك بما يحدث في المؤتمرات والمهرجانات العربية من مجاملات وتبادل أنخاب وسفح رشاوى معنوية أو رمزية…  حيث تسمع في الكواليس: “أنو أخي ايش رح نخسر؟ خلينا نعطيه هالدرع ويطلع يصفقولو على المسرح منشان المرة الجاي وقت نطلبو لرعاية يقول والله الشباب ما قصروا معنا وكرمونا”.  في حين أن المؤتمرات المحترمة، لا تفعل هذا ولا تقبل به وتعتبره من المحرمات، لأنها تعتبر أن الراعي أخذ حقه بذكر اسمه في البوسترات والمنشورات، وبإعطائه مزايا في التغطية الإعلامية والنقل المباشر وسوى ذلك..  وهذا ما دفع بالإعلامي المخضرم الأستاذ أكرم خزام لاعتبار تكريم أحد رعاة المؤتمر “تهريجاً”، معلقاً على المنشور بالقول: “للأسف، المهنية ماتت يا صاحبي! بقي التهريج”.

لكن ما لفتني في كل هذه التعليقات والسجالات المختلفة، وهي حالة صحية دون شك، هو تعليق السيد عاطف نعنوع مدير فريق ملهم التطوعي الذي قال فيه: “يا لطيف! يعني ما بعرف غلطة وكارثة كبيرة وضخمة متل هيدي كيف ممكن نصلحها! الله يكسّر إيدينا ع هالعملة” ثم وجه تعليقا لأحد موظفي تلفزيون سوريا مع إشارة لاسمه: “اليوم رايحين ناخد الدرع أخي”

وقد استوقفني بكثير من الاحترام والاهتمام تعليق للسيد علاء الدين رجب يرد فيه على سخرية السيد نعنوع بالقول: “الأستاذ عم يوجه انتقاد بكل هدوء وأدب وهاد ردك؟ انت مدير جهة منظمة للمؤتمر يللي ع أساس هدفه حوار ونقاش وردك استهزائي وبسخرية؟ ع فكرة كل الناس بتقدر تسخر وتستهزئ مو شغلة صعبة كتير. وانت بحكم موقعك المفروض يكون ردك ع الانتقاد رد سليم إن كان انتقاد صحيحاً او خاطئاً… ما دام الانتقاد ضمن الحدود”.

عينة من سخرية السيد نعنوع في ردوده واستصغاره لآراء الآخرين

هذا التعليق وحدة هو ما دفعني لكتابة هذا المقال. فقد رأيت فيه غوصاً في الجوهر، أهم من كل الملاحظات الصغيرة والكبيرة التي حفل بها المنشور.

إن السيد نعنوع الذي كان يرسل الوساطات لكف لسان “أورينت” عنه وعن فريقه، ويبحث عمن يستطيع أن يؤثر على علاء فرحات أو يوصله إلى غسان عبود مع ضمان ألا يوصد الباب في وجهه، بشهادة (ح.ع)، بات من الثقة أنه يرد على الانتقادات بمثل هذه السخرية والاستصغار للآخرين. والحقيقة أنني لم أتألم من كلامه بل تأملت فيه: ما هي ثقافة هذا الشاب الممتلئ القوام، البشوش الوجه، الذي بوّأه نشاطه في الثورة مكانا يستطيع أن يرى الناس من عل، وأن يستصغرهم إن لم يعجبه كلامهم؟ كم كتابا قرأ في حياته؟ ما هي الصحف والمجلات التي كان يطالعها في صغره؟ ما هي الروافد التي صنعت تجربته؟ حقيقة أنا لدي فضول لأعرف إجابات عن هذا كله، لأنه نموذج يستحق أن يدرس وتستخلص منه العبر.

وإذ أعود لأكرر شكري وتقديري لمؤتمر “مؤثرون من أجل الإنسانية” على ما قدمه لأهلنا المنكوبين في المخيمات أو سواهم، وعلى الحضور النوعي الذي استقطبه بهمة وتنظيم الأستاذ همام حوت، المايسترو الحقيقي للمؤتمر، الذي أعرف كيف يضبط عادة أمور وتفاصيل الأعمال التي يتولاها، وكيف يسهر على كل كبيرة وصغيرة من أجل أن يكون العمل لائقاً باسم الثورة السورية، وكيف يتسامى بعد كل هذا التعب على الدخول في تعليقات أو سخرية من أحد انتقد كبيرة أو صغيرة في هذا المؤتمر أو سواه. وأعرف أن السيد نعنوع اقتصر عمله على زيارة غازي عينتاب للاتفاق مع الفنانين الذين دعتهم منظمة الأمين في حملة زراعة القواقع  السمعية كي يشاركوا في هذا المؤتمر، وأن وظيفته كانت الظهور بمناسبة ودون مناسبة، للحديث داخل المؤتمر وخارجه، فيما يخصه وما لا يخصه، إلى جانب أشياء أخرى بالطبع لا يتسع المجال لذكرها، أكرر أن انتقادي للمؤتمر ينصب على ثلاثة أمور، كنت أتمنى تلافيها:

أولها: ألا يتحول المؤتمر لمناسبة لالتقاط الصور مع الفنانين… فهذا يجعل من الفنانين الحاضرين هم قضية المؤتمر، وليسوا داعمين لقضية المؤتمر وهمه الإنساني المتعلق بالناس المنكوبين.

ثانيها: ألا تتحول الحالة التكريمية إلى حالة رشاوى رمزية ومعنوية هدفها شراء ولاءات. التكريم شهادة حق لمنجز طويل ومؤثر في حياة الناس، وليس تملق رخيص لمدير عام أو صاحب منصب، ستقولون عنه كلاماً آخر، عندما يقال من منصبه أو تغلق المؤسسة التي كان يديرها. إنه حالة أخلاقية وقيمية وليس عملية ربط علاقات عامة. ولأنه حالة قيمية وأخلاقية كان الأجدى بالمعنى الإنساني انتقاء مجموعة من أطفال أو نساء أو شباب المخيمات ممن تفوقوا في عمل ما لتكريمهم، بدل تكريم راعي المؤتمر نفسه، أو حتى فنانين يفترض أن حضورهم من أجل الإنسانية هو الوسام الحقيقي على صدروهم.

ثالثها: هذا البذخ والكثافة في النشر والتسويق والاستعراض… هل يمكن أن تقولوا لنا كيف يمكن أن يراه أبناء المخيمات الذين لا يجدون قطرة ماء نظيفة في هذا الصيف القائظ؟ ماذا سيقولون عنكم وهم يرونه؟ لابأس من النشر والتعريف والاحتفال بما أنجزتموه ولكن احذروا المبالغة واستفزاز مشاعر الناس المنكوبة المشردة فأنتم هنا باسمهم ولولا معاناتهم كثيرون منكم لم يسمع به أحد. هذا ليس مهرجان سينما ولا مهرجان غنائي أو حفل عرض أزياء… هذا مؤتمر من أجل هؤلاء، بقدر ما يجب أن يكون منظما وأنيقاً وراقيا، بقدر ما يجب ألا يسرف في إيذاء مشاعر الناس الذين ننتمنى إليهم ولا أشك أنكم تنتمون إليهم.

همام حوت: مايسترو الجهود الجبارة في مؤتمر مؤثرون من أجل الإنسانية

أما سخرية السيد نعنوع فهي جزء من مشكلة جيل انتشى بالفانزات واللايكات وأضواء الكاميرات وهو لم يدفع ضريبة المعرفة والثقافة في زمن الشتات، ولا ضريبة سماع الرأي الآخر لجيل سبقه باحترام وفهم.. ولا ضريبة معاملة الناس خارج تقييم أرقام متابعيهم على السوشال ميديا…  جيل لا يعرف كيف يُخلص لقضيته وينأى بها عنو أوبئة السوشال ميديا،  كي يحمي ما أنجز من أن يسقط من أعين الناس…  ذاك السقوط الذي دفع السيد علاء الدين رجب لقول ما يجب أن يقال للسيد نعنوع في ذاك المقام الساخر والفاجر!    

تعليق واحد

  1. الي بعرفه انه شب منتوف عايش بالاردن لوقت تبنت فكرته الجماعة ودعمته، الاخوان لديهم خبرة طويلة فى العمل الاغاثي، خبر غفل عنها عاطف وتنبهت لها الجماعة منذ اطلاق فريقه قامت باللازم ليصل إلى ما وصل إليه،والد عاطف من الجماعة ودوائره كلها من الجماعة

    فكرة العمل الاغاثي في الجماعة باختصار، اذا ارادت الجماعة أن يكبر فريقك هم فقط يقومون بضخ أول مليون دولار لفريقك على شكل تبرعات،هذه المليون ستجلب لك الملايين، ملايين من خلالها سترد الجميل للجماعة وأكثر، هناك عدة أمثلة، بعد ملهم هناك بنفسج ثم فريق هذه حياتي، المشترك بينهم هو التشكيل خارج سوريا ثم دخولهم إلى مناطق المعارضة، وكان في الداخل العديد من الفرق النزيهة التي حرمت من الدعم وابتزتها الجماعة وسرقت بعضها وانتهت كل المحاولات من الداخل ونجح كل من بدأ بالخارج في احضان الجماعة

زر الذهاب إلى الأعلى