بعد أن كانت قبلة اللاجئين: كيف أضحت تركيا آلة الطرد الممولة من الاتحاد الأوروبي
بقلم نيكولا بورسييه – إسطنبول
التحقيق قام الاتحاد الأوروبي بتمويل وساعد في بناء مراكز استقبال لطالبي اللجوء في تركيا، حيث يتم احتجازهم في ظروف مروعة في بعض الأحيان ويتم إعادتهم بشكل جماعي إلى بلدانهم الأصلية، في كثير من الأحيان إلى سوريا وأفغانستان، على الرغم من المخاطر التي تنطوي عليها.
متعبون وصامتون وما زالوا يعانون من الصدمة
عند الاستماع إليهم، نشعر بالخوف والألم والوحدة القاسية مثل ضجيج الرجال وعنفهم. عندما نراهم، نرتعد: إنهم متعبون، وصامتون في بعض الأحيان، وما زالوا يعانون من الصدمة، وحتى مكسورين، بسبب قذفهم من حدود إلى أخرى، وقد تقطعت بهم السبل اليوم، هنا في تركيا، تحت التهديد المستمر بالطرد، تم إعادتهم بالفعل إلى بلدانهم. بلد المنشأ أو حتى في مكان آخر. لم يذكر أي منهم اسمه الأول الحقيقي لأسباب أمنية، لكن قصصهم حقيقية.
هناك، على سبيل المثال، حالة فيروز، وهي عضو سابق في القوات الخاصة الأفغانية التي حاربت حركة طالبان: فقد تعرضت للضرب والإجبار في عام 2023 على يد الدرك الأتراك على الحدود الإيرانية، وقد أصرت على رفض الترحيل، وبعد ثلاث وعشرين محاولة للعبور إلى الحدود الإيرانية، تعيش فيروز تركيا وتعمل مختبئة منذ أربعة عشر شهراً في مصنع إعادة تدوير صغير غير صحي في إحدى ضواحي اسطنبول. وهناك أيضاً حالة محمود (34 عاماً) من مدينة حمص السورية، الذي عاش لسنوات لاجئاً في تركيا قبل أن يتم ترحيله بحجة إقامة ملغاة، ودون أي توضيح. ويدعي أنه أُجبر، بمجرد وصوله إلى مركز الاحتجاز، على التوقيع على ما يسمى بورقة “العودة الطوعية” .
أسباب تتعلق بالصحة العامة
ثم هناك لارا، وهي شابة سورية متحولة جنسياً مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، أُعيدت هي الأخرى إلى البلاد، ولكن هذه المرة “لأسباب تتعلق بالصحة العامة” ، بعد أن تم الكشف عن معلومات عنها على شبكات التواصل الاجتماعي. أو حالة نور، وهي إيرانية اعتنقت المسيحية: تزوجت في مدينة فان من تركي، وقد تلقت للتو أمر طرد وترحيل.
وأخيراً، دعونا نتوقف عند قصة سامي، 28 عاماً، من حلب (سوريا). الناجي الوحيد مع والدته من عائلة دمرتها الحرب، لم يتمكن من الحصول على صفة لاجئ في تركيا بسبب شكوى من أحد جيرانه الأتراك، معتقدًا أن هناك “عدداً كبيراً جداً من العرب ” في المبنى الذي يسكنونه في إسطنبول.. وبعد أن اعتقلته الشرطة، تعرض سامي للضرب ثم نُقل إلى مركز احتجاز في مدينة أورفا. وبمجرد وصوله، أصيب بالمرض، وخسر 29 كيلوغراماً، قبل أن ينتهي به الأمر في أحد المستشفيات في شمال سوريا.
ترحيل 142 ألف مهاجر في عام واحد
تأتينا هذه القصص من حوالي أربعين مهاجراً من سوريا وإيران وأفغانستان، كانوا محتجزين سابقاً في تركيا، وقد تمكنت صحيفة (لوموند) ووسائل إعلام أخرى غير ربحية Lighthouse Reports وثماني صحف دولية شريكة، من الحصول على شهاداتهم خلال ما يقرب من سبعة أشهر من التحقيق. تتيح لنا كل قصة من هذه القصص تقييم الواقع: العدد المتزايد من الرجال والنساء والأطفال الأجانب الذين تم القبض عليهم في تركيا، واحتجازهم في مراكز الترحيل ثم إعادتهم إلى بلدهم الأصلي حيث يتعرضون لخطر الموت أو السجن أو الأعمال الانتقامية الخطيرة. وتلخص شهاداتهم، إذا ما نظرنا إليها من البداية إلى النهاية، نظاماً واسعاً كان يهدف، في البداية، إلى الترحيب بموجات من اللاجئين من البلدان الحدودية التي تمر بأزمات أو في حالة حرب، والذي تحول على مر السنين إلى آلة طرد معقدة ولكن لا هوادة فيها، مدعومة وممولة عن عمد من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.