الرأي العام

قراءة عزمي بشارة في المشهد وحزب الله الطائفي العابر للحدود

يكتبها: مهنا بلال الرشيد

ستجري الانتخابات الرَّئاسيَّة الأمريكيَّة بين كلٍّ من دونالد ترامب مرشَّح الحزب الجمهوريِّ ورئيس أمريكا السَّابق وكامالا هاريس مرشَّحة الحزب الدِّيمقراطيِّ ونائبة بايدن رئيس أمريكا المنتهية ولايته في الخامس من تشرين الثَّاني-نوفمر 2024؛ أي بعد ما يقرب من عشرين يومًا من وقتنا الرَّاهن، ويراقب معظم السُّوريِّين واللُّبنانيِّين نتائج هذه الانتخابات، الَّتي ستسهم في تشكيل المستقبل السِّياسيِّ لهذين البلدين. وقد بدا واضحًا للمراقبين أنَّ بايدن رئيس أمريكا المنتهية ولايته اعتمد منذ سنة تقريبًا، وبسبب تقدُّمه في العمر سياسة تمرير الوقت من أجل ترتيب أوراقه الانتخابيَّة؛ وأسفرت هذه السِّياسة عن تراجع في فاعليَّة الدَّور الأمريكيِّ من الإدارة عبر السِّياسة أو الإملاء أو التَّهديد إلى مراقبة مصالح إسرائيل لحفظها ورعياتها بحذر، وبلغ الإنكفاء ذروته بعد انسحاب بايدن من الانتخابات الرِّئاسيَّة لصالح نائبته كامالا هاريس؛ فاستغلَّ بنيامين نتنياهو هذا الانكفاء الأمريكيَّ من دور الفاعل إلى دور المراقب، ولعب نتنياهو بنفسه دور الفاعل الحذر؛ فاغتالت إسرائيل في طهران ذاتها إسماعيل هنيَّة رئيس حركة حماس، وقتلت نفرًا من مساعديه هنا وهناك، وفكَّكت حزب الله اللُّبنانيَّ بالقضاء على رئيسه حسن نصر الله وغالبيَّة قيادات الصَّفِّ الأوَّل ومعظم قادة الحرب الميدانيِّين في سوريا ولبنان من حملة أجهزة البيجر واللَّاسلكيِّ الحريصين أمنهم الشَّخصيِّ بالابتعاد عن شبكة الاتِّصالات الخليويَّة والأرضيَّة في سوريا ولبنان.

انكفأ بهذه الطَّريقة وبعد التَّفكيك تأثير حزب الله في سوريا ولبنان بوصفه تنظيمًا أيديولوجيًّا (طائفيًّا مسلَّحًا عابراً للحدود بحسب توصيف عزمي بشارة) بعدما شكَّل منذ اغتيال الرَّئيس الشَّهيد رفيق الحريريِّ وانسحاب الجيش السُّوريِّ من لبنان بيضة القبَّان في إدارة لبنان داخليًّا وتمثيلها خارجيًّا من خلال ضمان رئاسة مجلس النُّوَّاب الدَّائمة لحليفه نبيه برِّي، وسلب القرار الوطنيِّ من حليفيه المسيحيَّين: ميشيل عون وجبران باسيل من أجل توصيل ميشيل عون لرئاسة لبنان وتوريث التَّيَّار الوطنيِّ الحرِّ لصهره جبران باسيل، والهيمنة على الحكومة اللُّبنانيَّة أو شلِّها في أضعف الأحوال من خلال الحصول الثُّلث الوزاريِّ المعطِّل فيها؛ ممَّا ضمن لحزب الله قبل تفكيكه السَّيطرة على الحكومة، والهيمنة على سلطات الدَّولة التَّنفيذيَّة والتَّشريعيَّة، كما استغنى عن شبكة الاتِّصالات الحكوميَّة بشبكته الخاصَّة من أجهزة البيجر واللَّاسلكيِّ وشبكة اتِّصالاته الأرضيَّة الخاصَّة به، وعَبَرَ الحدود، وتمدَّد نحو سوريا لا نحو فلسطين للمشاركة في قتل المدنيِّين الثَّائرين ضدَّ حكم حليفهم المجرم بشَّار الأسد.

قراءة عزمي بشارة الأخيرة في المشهد

تميَّز عزمي بشارة بقدرته الدَّائمة على الدِّعاية الإعلاميَّة لنفسه من خلال نفوذه الاقتصاديِّ والإعلاميِّ الَّذي يمكِّنه دائمًا من اختيار واحدة من قنوات التَّلفزة، الَّتي يملكها من أجل الظُّهور فيها؛ مثل: (التِّلفزيون العربيِّ، تلفزيون سوريا) أو القنوات الَّتي يملك فيها نفوذًا واسعًا مثل قناة (الجزيرة)، وعلاوة على ذلك يحرص دائمًا على اختيار موضوع مقابلته من مواضيع السَّاعة المهمَّة، ويحدِّد توقيت بثِّها في وقت الذُّروة، ويختار مذيع المقابلة، الَّذي سيحاوره، ويحدِّد له أسئلة المقابلة، الَّتي استعدَّ جيِّدًا للإجابة عنها؛ ليظهر أمام المتلقِّي العربيِّ بمظهر المفكِّر (العربيِّ) الموسوعيِّ، كما يحرص على تقديم نفسه بطريقة عقلانيَّة لشريحتين على الأقلِّ من أوسع الشَّرائح الاجتماعيَّة انتشارًا في دول الوطن العربيِّ؛ وهما: شريحة المتديِّنين من خلال دغدغة العواطف الدِّينيَّة والمذهبيَّة بمديح الأخوان المسلمين المنضوين تحت لواء محور الممانعة منذ تعليق معارضتهم ضدَّ بشَّار الأسد، وفقًا للبيان لَّذي أصدره البيانونيُّ سنة 2010، ويشيد عزمي بشارة دائمًا بقوَّة الأخوان المسلمين التَّنظيميَّة في معظم الدُّول العربيَّة مقابل نقده اللَّاذع للأنظمة العربيَّة الرَّسميَّة باستثناء أنظمة المقاومة وحركات الممانعة، الَّتي لا ينفكَّ عن دعمها ومديحها والإشادة بها برغم مردودها الصِّفريِّ في هذا المجال، أو برغم مردودها ما دون الصِّفريِّ؛ وذلك لأنَّ بشَّار الأسد بوصفه نظامًا من أنظمة الممانعة قتل وسجن من الشَّعب السُّوريِّ الثَّائر ضدَّ حكمه أضعاف ما قتله من الأعداء؛ ولأنَّه لم يقتل أحدًا من الأعداء يمكن القول: إنَّه قتل من السُّوريِّين الثَّائرين ضدَّه أضعاف من قتله الأعداء من العرب كلِّهم منذ بداية حروبهم مع الشُّعوب العربيَّة حتَّى وقتنا الرَّاهن، فلماذا يحرص عزمي بشارة على الإشادة بأنظمة المقاومة وحركاتها؟ تأتي الإجابة بسهولة: لأنَّه ربيبها وصنيعتها، ولأنَّها أثبتت عدم فاعليَّتها منذ بداية الألفيَّة الثَّالثة على الأقلِّ، ولأنَّها أدوات عبوره للتَّأثير في المتلقِّي العربيِّ.

 ولماذا يشيد دائمًا بفاعليَّة الأخوان المسلمين التَّنظيميَّة؟ بسبب مصالحه المشتركة معهم؟ يموِّلهم، ويضمنون له الوصول إلى المتلقِّي العربيِّ بالسُّكوت عن خطابه، وعدم تفنيد مغالطاته؛ ذلك الخطاب الَّذي يدغدغ مشاعر المتلقِّي العربيِّ البسيط، ويحرِّك عواطفه الدِّينيَّة مع أنَّ عزمي بشارة يدَّعي العلمانيَّة واللِّيبراليَّة؛ وكذلك تضمن له أنظمة الممانعة وصوله وتأثيره في الأحزاب القوميَّة وأتباعها من خلال توصيفه بلقب المفكِّر (العربيِّ). لكن وبعد هذا لماذا انتقد عزمي بشارة تفجير أجهزة البيجر واللَّاسلكيِّ في 17 و18 أيلول 2024 بأيدي حملتها من قادة حزب الله ومجرمي الحرب الميدانيِّين من قتلة الشَّعب السُّوريِّ مع أنَّ عزمي بشار يقود تلفزيون المعارضة السُّوريَّة الثَّائرة ضدَّ المجرم بشَّار الأسد؟ في الحقيقة لم يكتفِ عزمي بانتقاد تفجير الأجهزة بأيدي حملتها، بل ادَّعى أنَّ حملة هذه الأجهزة مواطنون مدنيُّون لبنانيُّون، واعتبر أنَّ تفجير الأجهزة جريمة، ولطَّف جرائم حزب الله الطَّائفيَّة في سوريا مثله مثل محلِّل قناة الجزيرة فايز الدٌّويريِّ، وعدَّ بشارة الحزب حركة مقاومة (مذهبيَّة)، وأدرك في المقابلة أنَّه يستغبي كلَّ متلقٍّ ومتابع، وأيقن أنَّه لا يستطيع إقناع أحدٍ، ولا يقنع حتَّى نفسه بكلامه؛ لذلك تدارك، وأشار إلى خطأ حزب الله أو خطأ عمره بتحوُّله إلى ميليشيا طائفيَّة عابرة للحدود، ذهبت لقتل المدنيِّين في سوريا، وبرغم هذا حاول بشارة بعد ذلك التَّرقيع أو الدِّفاع عنهم، وعدَّ تفجير أدوات جريمتهم جريمة؛ أي عدَّ تفجير أجهزة البيجر جريمة، وعدَّ حملة البيجر المجرمين مواطنين مدنيِّين لبنانيِّين؛ فهل وراء هذا التَّدليس تدليس؟ ولكن ما أسباب هذا التَّدليس؟

يبدو لي أنَّ عزمي بشارة يدرك جيِّدًا تأثير العواطف الدِّينيَّة والقوميَّة وفكر المقاومة في المواطن العربيِّ (السُّنِّيِّ والشِّيعيِّ والقوميِّ والعروبيِّ والعلمانيِّ معًا) ويبدو لي أنَّه يدرك جيِّدًا تقهقر نظام بشَّار الأسد واقتراب سقوطه بعد سقوط حزب الله وتفكيكه؛ لذلك لا يريد خسارة جمهوره العربيِّ صاحب الميول الدِّينيَّة والقوميَّة وصاحب الإيمان بالتَّحرُّر والمقاومة الحقيقيَّة؛ ومن هنا راح ضمنًا يقدِّم أوراقه للتَّعاون المستقبليِّ مع نبيه برِّي قائد شيعة لبنان كلِّهم بعد تفكيك حزب الله ومقتل الصُّفوف الأولى من قادته. وبعد تفسير مقولات عزمي بشارة ومواقفه وتحليلاته الأخيرة ومعرفة أسبابها يمكننا أن نتفهَّم ادِّعاء عزمي بشارة بعزوفه عن السِّياسة والاتِّجاه نحو الفكر والفلسفة، ويشير تحليلنا مقابلة عزمي بشارة في التِّلفزيون العربيِّ إلى أنَّ تفكُّك خطابه وعدم ترابطه وبعده عن التَّأثير والمنطقيَّة؛ وهذه بتقديرنا نتيجة حتميَّة لانهيار حلفائه من محور المقاومة الوهميَّة وانحيازه غير المنطقيِّ وغير الأخلاقيِّ لهم؛ لأنَّه طالما موَّلهم، وتدفَّأ على نيرانهم، وقدَّموه إلى المواطن العربيِّ بصفة مفكِّرًا عربيًّا لا صاحب نفوذ اقتصاديٍّ وإمبراطوريَّة إعلاميَّة يستثمر في عقول المواطنين العرب من خلال بوَّاباتهم وشعاراتهم.

نتنياهو أكبر المستفيدين من هدوء ما قبل الانتخابات الأمريكيَّة

 استشعر نتنياهو منذ مدَّة تراجع شعبيَّته داخل إسرائيل، وأدرك-بعد انتخابات مبكِّرة أجبرته على نسج أكثر من ائتلاف حكوميٍّ-أنَّ مناوشاته التَّقليديَّة السَّابقة بالهدهد وصواريخ الكاتيوشا مع محور المقاومة سابقًا لم تعد تجدي نفعًا، ولم تعد تنطلي على النَّاخب الإسرائيليِّ؛ فبعد كلُّ مناوشة كان نتنياهو يعلن انتصاره في الإعلام النَّاطق باللُّغة العبريَّة، وكذلك يعلن محور المقاومة السَّابق انتصاره في الإعلام النَّاطق باللُّغة العربيَّة، ويصفِّق المؤيِّدون (للمتهاوشين كرَّاجاتيًّا) هنا وهناك؛ ومن هنا وهنالك وهناك ندرك ضعف تأثير مقاومة عزمي بشارة ومرتزقته وعدم جدواها؛ لأنَّها تقاوم خارج إسرائيل لا داخلها؛ وهو القادر على المقاومة بالإعلام النَّاطق باللُّغة العبريَّة-هذا لو أراد المقاومة الحقيقيَّة-بدل تمثيليَّات المقاومة بعشرين منصَّة ناطقة باللُّغة العربيَّة، وبدل أن يفتح تلفزيونًا للمعارضة السُّوريَّة باسم سوريا وآخر باسم التِّلفزيون العربيِّ وما يقرب من عشرين منصَّة إعلاميَّة ومركز أبحاث ومعهد دراسات تنطق كلُّها بالعربيَّة ليته فتح هذه القنوات والمراكز بالعبريَّة، ودرَّس باحثيه اللُّغة العبريَّة، وتوجَّه بهذه الطَّريقة للإنسان النَّاطق باللُّغة العبريَّة مباشرة، وصنع جمهورًا وشعبيَّة جارفة تدعم عرب48، والمرشَّحين العرب من رافضي الظٌّلم مثل أحمد الطَّيبي والمتحالفين معه بدلًا من المقاومة الخلَّبيَّة غير المجدية والنَّاطقة باللُّغة العربيَّة، والَّتي تهدف إلى خلق شعبيَّة لعزمي بشارة بين العرب بدلًا من خلق شعبيَّة له وللكتلة العربيَّة المناهضة للظُّلم داخل إسرائيل.

المهمُّ ههنا أنَّ نتنياهو بعدما تأكَّد من تراجع شعبيَّته، وأيقن من دعم أمريكا كلِّها له بأحزابها ومعارضتها، وفهم انكفاء المرشَّحين نحو تأمين الشَّعبيَّة اللَّازمة للنَّجاح بانتخابات الرِّئاسة المقبلة بدأ بتصفية قيادات محور المقاومة لتقديمها كإنجازات حقيقيَّة للنَّاخب الإسرائيليِّ في المستقبل، وعندما تيقَّن من هشاشة محور المقاومة تطاول، وضرب داخل طهران ذاتها، وفي دمشق وبيروت، وبعد تخويفه من اقتحام غزَّة برِّيًّا اقتحم جنوب لبنان ودخل القنيطرة في سوريا، وراح يهدِّد باقتحام دمشق وبيروت أيضًا، ولكن يبدو أنَّ 20 يومًا قبل الانتخابات الأمريكيَّة لم تعد كافية لتحقيق مثل هذه الأحلام الرَّعناء، وإن تمكَّن من تفكيك حزب الله وتدمير جناحيه: السِّياسيِّ والعسكريِّ معًا، ولم يعد بإمكان هذا الحزب أن ينهض في الوقت القريب والمنظور إن لم يتدخَّل نبيه برِّي المقبول عربيًّا ودوليًّا باعتداله وحنكته السِّياسيَّة ومعارضته الضِّمنيَّة لجرائم بشَّار الأسد وحزب الله في سوريا، ومن هنا يبدو أنَّ نتنياهو قد ألحق بمحور المقاومة السَّابق ضربات موجعة، لم يعد بإمكان هذا المحور الفكاك من تبعاتها، وجاء دور نتنياهو بالتَّعاون من رئيس أمريكا القادم لصرف هذه الضَّربات الموجعة وتحويلها إلى مكاسب سياسيَّة من خلال الإملاء والتَّهديد الأمريكيَّين بعد الانتخابات القادمة، وهكذا يبدو أنَّ خطوط المرحلة القادمة قد رُسمت، وملامحها قد حُدِّدت، وكُتبت حروفها العريضة، وستضع نتائج الانتخابات الأمريكيَّة بعضَ النُّقاط على بعض الحروف، وسيُبنى عليها كثير من مقتضيات خريطة سوريا ولبنان ومستقبل الشَّعب المظلوم بهوبرات المقاومة و(تهويشها الكرَّاجاتيِّ) ردحًا طويلًا من الزَّمن.

رئاسات لبنان ورئاسة سوريا

نقصد برئاسات لبنان كلَّا من رئاسة الجمهوريَّة ورئاسة الحكومة ورئاسة المجلس النِّيابيِّ أمَّا رئاسة سوريا فيقصد بها رئاسة الجمهوريَّة الَّتي يشغل المجرم بشَّار الأسد منصبها نتيجة لانتخاباته الأخيرة والمزوَّرة فيها. وقد أُقيمت الانتخابات النِّيابيَّة الأخيرة في لبنان في أيَّار-مايو 2022، وتنتهي ولاية أعضاء هذا المجلس النِّيابيِّ في 2026 إذا لم يتَّفق اللِّبنانيُّون على إجراءانتخابات نيابيَّة مبكِّرة بعد الانتخابات الأمريكيَّة، وهذا واحد من أكثر السِّناريوهات المحتملة لحلِّ مشكلات لبنان السِّياسيَّة المستعصية بعد ضرب شبكة اتِّصالات حزب الله وتفكيك جناحيه: العسكريِّ والسِّياسيِّ. وبرغم تراجع شعبيَّة حزب الله المفكَّك حاليًّا بموجب الانتخابات النِّيابيَّة الأخيرة مع تراجع شعبيَّة حليفه المسيحيِّ التَّيَّار الوطنيِّ الحرِّ (ميشيل عون وجبران باسيل) فقد استطاع أن يضمن بقاء نبيه برِّي رئيسًا لمجلس النُّوَّاب، ويرجع هذا في تقديري لقبول نبيه برِّي لدى السُّنَّة وبعض المسيحيِّين والأشقَّاء العرب خارج لبنان. كما تمكَّن حزب الله من إيصال نجيب ميقاتي إلى رئاسة الحكومة اللُّبنانيَّة بعد تعليق تيَّار المستقبل بقيادة الرَّئيس سعد الحريريِّ مشاركته في الانتخابات النِّيابيَّة السَّابقة، وبقي كرسيُّ الرِّئاسة اللُّبنانيَّة شاغرًا في ظلِّ ترشيح حزب الله سليمان فرنجيَّة، وترشيح كتلة حزب القوَّات اللُّبنانيَّة رئيسها الدُّكتور سمير جعجع بوصفه رئيس أكبر كتلة نيابيَّة مسيحيَّة، وعندما استعصت الأمور حاول حزب القوَّات اللُّبنانيَّة دعم ميشيل معوَّض أو جوزيف عون قائد الجيش اللُّبنانيِّ في الوصول إلى رئاسة لبنان للخلاص من الشُّغور الرِّئاسيِّ؛ لكنَّ حزب الله استقوى بعدم دعوة نبيه برِّي إلى جلسات مفتوحة لانتخاب أيِّ رئيس جديد للبنان غير مرشَّحه سليمان فرنجيَّة.

من هنا ما تزال أسماء الدُّكتور سمير جعجع وسليمان فرنجيَّة وجوزيف عون وميشيل معوَّض أبرز الأسماء المرشَّحة لفوز أحدها برئاسة لبنان بعد صفقة شاملة في المنطقة ستعقب الانتخابات الرِّئاسيَّة الأمريكيَّة، وإن أشارت القراءة الظَّاهريَّة إلى تراجع دور محور المقاومة في دعم حظوظ مرشَّحه سليمان فرنجيَّة بعد تفكيك حزب الله فإنَّ هذه القراءة ظاهريَّة لا يُبنى عليها؛ فقد يكون إيصال سليمان فرنجيَّة لرئاسة لبنان نتيجة منطقيَّة لتخليص الشَّعب السُّوريِّ من سطوة عائلة الأسد وظلمهم، وبهذا تُحلُّ الأمور على صيغة لا غالب ولا مغلوب؛ إذ يُخلَّص السُّوريُّون من ديكتاورهم المجرم، ويتحوَّل محور المقاومة السَّابق إلى محور سياسيِّ أو أحزاب سياسيَّة بعيدًا عن الاستقواء على المدنيِّين السُّوريِّين واللُّبنانيِّين بسطوة السِّلاح، وفي الوقت نفسه تُعطى رئاسة الحكومة في لبنان لشخصيَّة من تيَّار المستقبل أو قريبة منه، إن لم يُفضِّل اللُّبنانيُّون الانتخابات المبكِّرة. وأعتقد أنَّ كثيرًا من القوى اللُّبنانيَّة لا سيَّما حزب القوَّات اللُّبنانيَّة وتيَّار المستقبل سيفضِّلون الانتخابات النِّيابيَّة المبكِّرة؛ ليبنى على نتائجها كثير من المقتضيات؛ ومن هنا نخلص إلى أنَّ نتنياهو كان أبرز المستفيدين في سنة 2024، ومحور المقاومة كان أبرز الخاسرين، ويبدو أنَّ زمن المجرم بشَّار الأسد صار قاب قوسين أو أدنى من أفوله، وسيرجع أهلنا من الوطنيِّين الأحرار المعارضين لجرائم حزب الله في سوريا، سيرجعون مظفِّرين إلى بيوتهم في جنوب لبنان، وكذلك قريبًا سيرجع الأحرار السُّوريُّون إلى بيوتهم بعد تخليص سوريا من مجرمها بشَّار الأسد، وإنَّ غدًا لناظره لقريب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى