قوانين اللجوء والتقارير الأمنية لبعض النخب السورية!
غسان المفلح – العربي القديم
وفقا للمادة 16a من الدستور الألماني” يتمتع الملاحقين سياسيا بحق اللجوء. حق اللجوء حق أساسي ينص عليه الدستور الألماني. هدفه الأساسي هو حماية كرامة الإنسان. ولكنه يحمي أيضا حياة الإنسان، سلامته الجسدية وحريته وحقوق الانسان الأساسية الأخرى. حق اللجوء هو الحق الأساسي الوحيد الذي يتمتع به الأجانب فقط”.
طبعا هنالك نوعان أساسيان للجوء: الأول هو اللجوء السياسي. الثاني هو اللجوء الإنساني أو ما يعرف بالحماية المؤقتة.
الأول يجب أن يثبت بالوثائق أنه ملاحق في بلده الأصلي لأسباب سياسية.
الثاني يجب أن يكون آتيا من مناطق حرب. تنتفي أسباب الحماية في حال توقفت هذه الحرب في بلده.
تتراوح التقديرات عن عدد اللاجئين السوريين بين 6.5 وثمانية ملايين لاجئ.
لن أتحدث في هذه المادة عن اللاجئين في الدول المجاورة لسورية. الحديث بشكل خاص عن اللاجئين السوريين في أوروبا الغربية. أو في دول الاتحاد الأوروبي.
لا يمنح حق اللجوء من كان إرهابيا وفقا لقوانين هذه الدول، أو من ارتكب جناية جرمية مثل القتل. بإمكان القارئ الكريم العودة لمصادر المعلومات من مواقع دوائر الهجرة واللجوء في هذه البلدان.
قوانين اللجوء التي أقرتها الأمم المتحدة وهذه الدول، لا تعنى بالميول الأيديولوجية ولا بثقافة صاحب طلب اللجوء. لا بعاداته ولا بتقاليده، ما لم تكون ممنوعة في قوانين تلك البلدان. لا تميز اللاجئ من دينه أو معتقده. بريطانيا مثلا أعطت حق اللجوء لكثير من زعماء وكوادر التيار الإسلامي الفارين من بلدانهم.ألمانيا ودول أخرى أعطت حق اللجوء للسوريين مسلمين ومسيحيين ومن أقليات اثنية وطائفية كثيرة. طالما الفرد منهم مستوفي لشرط اللاجئ السياسي أو الإنساني.
بعض النخب السورية نقلت صراعها مع مجتمعها إلى بلدان اللجوء الجديدة. هذه النخب ليست فقط نخبا” علمانية” بل أيضا نخبا” إسلامية” كما تزعم. نخب يسارية وليبرالية وقومية كالكرد السوريين المضطهدين. المعايير التي تستخدمها بعض النخب السورية في الحكم على أبناء بلدهم من اللاجئين هي معايير تخصهم وتخص صراعهم. هذه المعايير ما يثير حفيظة هذه النخب أن بلدان الاتحاد الأوروبي لا تأخذ بها. تجدهم أحيانا كمن يرفع تقارير لدوائر اللجوء والهجرة في هذه الدول. المواد التي يكتبونها عن اللاجئين المسلمين تحديدا، تشعر أنها تقارير امنية للأسف!
مع ذلك دول الاتحاد الأوروبي وقوانينها لا تأخذ بهذه التقارير. تشعر أحيانا وانت تقرأ بعض هذه المواد، أن صاحبها عندما يرى فتاة محجبة تسوق ترام مثلا في شوارع فيينا او باص في مدينة سويدية، تجده يريد ان يستل مسدسه.
بعض النخب السورية من أصول مسيحية او طائفية أخرى، يلتقون على محاربة اللاجئين المسلمين من أبناء بلدهم. حتى تجد أنك أمام شعار ضمني لكتاباتهم هو” أنهم وحدهم من يستحق اللجوء في اوروبا الغربية”. كأن مسيحيته السورية مثلا يجب ان تعطيه امتيازا على المسلم السوري. الاطرف تجده في دفاعه عن هذا الشعار كأن مسيحيته هذه تجعله يشعر أن هؤلاء طالبي لجوء في بلده فرنسا او المانيا. لأن مواطنيها أغلبهم مسيحيين مثله!! لأنه مسيحي من حقه فقط أخذ اللجوء. هو لا يعترض على اللاجئ الاوكراني مثلا أيضا لأنه مسيحي حتى لو كان عضوا في مافيا اوكرانية هذه المافيا التي تعتبر من أخطر المافيات وتجارة البشر. تحزن وانت تتابع بعض النقاشات بين هذه النخب. يا صديقي مهما حاولت لن تفيدك هذه التقارير التي تكتبها كمواد رأي أو بوستات على السوشيال ميديا تحت شعار أنك” علماني”. خذوا نفس قليلا. مهما خيم من شبح اليمين الأوروبي على اللوحة، لن تتغير قوانين اللجوء هذه لأن هذه الشعوب نسبيا تجاوزت معارككم هذه.
نأتي على المقلب الآخر.
النخب الإسلامية السياسية أو التقليدية. أيضا تتصرف ويحاول أن ينشط بعضهم وكأنه يريد تطبيق الخلافة الإسلامية في البلدان الاوروبية. أيضا من السوريين من أتوا من منبت ريفي قروي يريد أن يبقى على نفس العادات والتقاليد تقريبا. على هؤلاء يحاول الإسلام السياسي الشغل. هل يعقل أن تطالب عائلة من ريف حوران أو ريف الجزيرة السورية أو ريف حلب ان تصير بين ليلة وضحاها عائلة أوروبية او مسيحية مثلك أو إسلامية سياسية؟
الإسلام السياسي وليد هذه الحضارة الغربية نفسها، هو تيار سياسي من تياراتها بالدرجة الأولى. لا يعاقب على نشاطه السلمي. الإسلام السياسي شبيها باليمين الأوروبي حتى العنصري منه! فهل شاهدت قانونا أوروبيا يحاكم هذه اليمين؟ بالعكس هو ينجح أحيانا بالانتخابات هولندا مثالا. لمن تتركوا المسلمين من أبناء بلدكم؟ ألا تتركوهم فريسة للإسلام السياسي عندما تعادونهم؟ اجزم أن هؤلاء بأغلبيتهم يحاولون أخذ فرصتهم في هذه المجتمعات الجديدة. من خلال تعليم أبنائهم في كل المهن المتاحة. تجدهم في سوق العمل باعتراف هذه البلدان نفسها. محاولة مهما بدت متعبة وبائسة أحيانا، أن يوفق بين عيشه هنا وبين عاداته او تقاليده او اسلامه. طبعا نشكر شعوب وقوانين بلدان أوروبا التي تتيح لشعبنا بمعزل عن اديانه وطوائفه مثل هذه الفرصة في العيش الكريم. على الإسلام السياسي أن يفهم ان هذه البلدان هي بلدان تقبلهم هم، فلماذا هذا الجحود؟ الصراعات السياسية موجودة وستبقى، لكن ابتعدوا عن الجاليات المسلمة. اتركوها تأخذ فرصتها. وهي ستأخذها مهما طال الزمن. أما مفرزات قصة الإرهاب، فلن اناقشها هنا.
ابنة أخي حصلت على ماسترز صيدلية وهي محجبة، عرض عليها مباشرة أحد اساتذتها أن يسلمها صيدلية. وقال لها: “متى شعرت أنك بدون عمل قدمي طلبك لنا” وأعطاها بطاقته. لأنها تعمل في صيدلية أيضا. لو كان من النخب السورية التي ذكرتها أعلاه لكان رسبها في الامتحان رغم جدارتها!! فقط لأنها محجبة. أو لو كان الأستاذ من الإسلام السياسي لكان أعطاها بطاقة عضوية في تياره! لكن البروفسور الألماني حاول أن يضمها لفريق عمله.
إرأفوا بجاليتنا السورية. أنا متأكد أن أجيالها الحالية والقادمة سيصيرون مواطنين فاعلين في بلدانهم الجديدة هذه القضية قضية زمن فقط. لن توقفهم الحياة عند ترهات بعض النخب السورية سواء كانت علمانية أو إسلامية أو أسدية أحيانا!