الرأي العام

تفاصيل سورية | رد والدي على محاولة تجنيدي كمخبر للنظام!

بقلم: غسان المفلح
كي تتضح معالم تلك الفترة. ثمة حدثان مهمان في حياتي لا بد من الوقوف عندهما.

الأول: كنت قد بدأت القراءة المكثفة لكتب ماركس ولينين وإنجلز من جهة، والثاني: انضمامي للمقاومة الفلسطينية من جهة أخرى.

لقد انضممت لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني بزعامة الدكتور المرحوم سمير غوشة، في مدريد عن طريق المرحوم نصري حجاج وأخيه وليم. وتم اتصالي ببيروت الفاكهاني وما أدراك ما الفاكهاني بعد عودتي من اسبانيا. استطعت في حينها شد خليل وبعض الأصدقاء إلى العمل في الجبهة باعتبارها عنصرا فاعلاً في جبهة رفض الحلول الاستسلامية* من جهة ومعادية للنظام الأسدي. فوافق الأصدقاء والصديقات على المشروع.

كان المشروع في الحقيقة يتضمن محاولة إنشاء حالة سورية معارضة، من خلال العلاقة مع المقاومة الفلسطينية الجذرية آنذاك. حسب ما كنا مقتنعين لحظتها. بدون ذكر أسماء الجميع. خلال هذه الفترة بدأ خليل متحمسا للمشروع وسافر لبيروت لوحده، لم يكن أحد يعرف سوانا. كي يرى الأمر عن قرب من خلال الاحتكاك بمسؤول الساحة السورية في الجبهة. هذه الفترة أيضا شهدت توسع علاقات شلتنا هذه. عن طريق العمل بالجبهة تعرفت إلى الصديق المرحوم المحامي سمير عباس. سمير الذي أتى من منبت حركة 23 شباط (جماعة صلاح جديد)، أو حركة البعث الديمقراطي على ما أذكر. كان والده قاضيا معروفا واسما لامعا في هذا الحقل، كان رئيسا لمحكمة النقض في دمشق على ما أذكر أيضا، قبل أن يفتتح مكتب محاماة في الصالحية خلف مبنى المحافظة، وكان سمير يعمل في هذا المكتب وتحول هذا المكتب لمزار لكل ناشطي اليسار الذين يعرفهم سمير، لكن أنا وخليل وحبيب وبقية الشلة كنا أكثر زواره.

 والده الذي تربطه علاقة شخصية بحافظ الأسد حتى قبل أن يصير سفاح سورية رئيسا لها. مرة واحدة فقط اجتمعت بوالد سمير، كان رجلا دمثا مهذبا، ذكرت والده لأنه كان سببا مع السيدة (فريال مهنا) خالة سمير كما أذكر، كانت مستشارة إعلامية للأسد الأب إذا لم تخني الذاكرة، كانا سببا في إطلاق سراح سمير عباس بعد سنتين من اعتقاله. أغلب أعضاء هذه المجموعة اعتقلت لاحقا لانضمام معظمها لرابطة العمل الشيوعي، أو حزب العمل الشيوعي لاحقا. إلا أنا وخليل حيث رفضنا الانضمام للرابطة في تلك الفترة 1979، رغم انني صرت على تواصل أولا مع فاتح جاموس وثانيا مع الصديق أكرم البني بعد خروجه من المعتقل بفترة قصيرة.

أكرم أتى عدة مرات واجتمعنا في غرفتي الصغيرة في بيت أهلي. قبل أن أكمل الحديث عن الصديق سمير، لا بد من ذكر الصديق والملهم أيضا في إخلاصه للعمل المعارض سمير الحسن. الذي كان من الأسماء المعروفة في المخيم. أيضا سأعود إلى تفاصيل تلك الفترة. لكنني استطعت جمع السميرين في حلقة ثقافية، شارك فيها سمير ثالث هو الصديق سمير حديد المقيم في السويد الآن، والصديق المرحوم رشيد عودة رحمه الله، وصديق آخر لا أريد ذكر اسمه لأنني لا أعرف أين يقيم الآن!

من هذه الحلقة الثقافية التي لم تستمر طويلا، أتى الرفيق فاتح جاموس إليها أكثر من مرتين، وتبادلنا أطراف المحاولة للانضمام للرابطة. كان سمير عباس من عرفني على فاتح جاموس. بعدها بفترة فرطت الحلقة! لم أعد اذكر لماذا؟ لكنني غادرت سورية بعد ذلك إلى يوغسلافيا. هذه الحلقة لم يعرف عنها خليل شيئا، ولا بقية شلتنا باستثناء هيثم سرية صديق العمر وبعدها سافرنا سويا ليوغسلافيا، عدت وهيثم لم يعد.

لا أزال متخوفاً من فتح صفحة هيثم ههههه لكني سأفتحها لأبو الكاراتيه التي كان مغرما بها، إنها صفحة عشرة العمر. هذه الحلقة كانت على هامش استمرار عملنا في الجبهة. وكان سمير أحد الكوادر في الساحة السورية اثناء العمل السري للجبهة. لم اعرف بانضمام سمير عباس وعماد نداف وحبيب برازي للرابطة إلا لاحقا بعدما اعتقلوا في بداية عام 1982 أيضا على ما أذكر. حيث استدعيت بعدها لفرع فلسطين الذي كان قد اعتقلني قبلها بعام ونيف تقريبا وسألني الضابط المسؤول عن التحقيق معي اثناء اعتقالي قبلها عن سمير وعماد وحبيب أين هم؟ فقلت له بالسجن. قال: لماذا انت لست في السجن؟ فقلت له أنا لا أعمل مع المعارضة السورية. لهذا الضابط قصة معي. لأنه حاول معي كثيرا بالترهيب والترغيب، لكي أعمل معه مخبرا. عدة مرات أرسل لي عنصريين للجامعة كي يأخذاني موجودا لعنده. منذ المرة الأولى الاولى أخبرت والدي رحمه الله بالقصة. فاجأني جوابه. والدي قال لي بالحرف الواحد: نحن فلاحين ولا نستطيع القيام بمثل هذا العمل، ثم سألني: ابني هل تعمل مع أي حزب من المعارضة السورية؟ أجبته الحقيقة: لا لم انضم لأي حزب. قال لي بعدها إذا أذهب وقل له: كما قلت لك. لكنني في الحقيقة خفت في المرتين الأوليتين. خفت أن أقول له ما قاله لي والدي رحمه الله. لكن في المرة الثالثة عندما أتوا للجامعة واخذوني موجودا، قلتها له بكل وضوح.

………………………………………….  إلى زاوية قادمة.

** ملاحظة: كثيرة هي الأسماء التي وردت في هذه الزاوية، تربطني بهم ذاكرة دافئة عن تلك الفترة من جهة، ومن جهة أخرى كان لحضورهم في حياتي معنى جميلا. إضافة إلى ذلك الكتابة عنهم أيضا واجبة لكن لا أعرف ظرف بعضهم الآن ولا موقفه العام ولا موقفه الخاص مني.

* هامش: كان في الجبهة التحالفية الرافضة: الجبهة الشعبية جورج حبش وجبهة النضال وجبهة التحرير العربية والجبهة الشعبية القيادة العامة التي انسحبت لاحقا من هذا التحالف الذي اتى على خلفية: ما حدث في عام 1974، حيث أقر المجلس الوطني الفلسطيني برنامج النقاط العشر التي تمت صياغتها من قبل قيادات الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والتي تدعو إلى إنشاء سلطة وطنية على أي قطعة محررة من أرض فلسطين، والعمل الفاعل لإنشاء دولة علمانية ديمقراطية ثنائية القومية في فلسطين/إسرائيل، يتمتع فيها كل المواطنين بالمساواة والحقوق، بغض النظر عن العرق والجنس والدين. اعتبر برنامج النقاط العشر أول محاولة من قبل م.ت.ف.   لحل سلمي، علمًا بأن الهدف النهائي كان إكمال تحرير كامل التراب الفلسطيني، وكخطوة على طريق الوحدة العربية الكاملة. مما أدى ذلك بفصائل مثل “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامّة” وآخرون إلى الخروج وتشكيل “جبهة الرفض” مما أدى لانشقاق هذه الجبهة، وتفي عام 1974، أقر المجلس الوطني الفلسطيني برنامج النقاط العشر التي تمت صياغتها من قبل قيادات الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والتي تدعو إلى إنشاء سلطة وطنية على أي قطعة محررة من أرض فلسطين، والعمل الفاعل لإنشاء دولة علمانية ديمقراطية ثنائية القومية في فلسطين/ إسرائيل، يتمتع فيها كل المواطنين بالمساواة والحقوق، بغض النظر عن العرق والجنس والدين. اعتبر برنامج النقاط العشر أول محاولة من قبل م.ت.ف. لحل سلمي، علماً بأن الهدف النهائي كان إكمال تحرير كامل التراب الفلسطيني، وكخطوة على طريق الوحدة العربية الكاملة.

أدى ذلك بفصائل مثل “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامّة” وآخرون إلى الخروج وتشكيل “جبهة الرفض”، والتي تصرفت بشكل منفصل عن منظمة التحرير الفلسطينية في السنوات اللاحقة.  تأسيس ما عرف بجبهة التحرير الفلسطينية بقيادة أبو العباس وطلعت يعقوب، والتي تصرفت بشكل منفصل عن منظمة التحرير الفلسطينية في السنوات اللاحقة. 

زر الذهاب إلى الأعلى