كتاب "حريق سينما عامودا" لملا أحمد نامي: ذكرى مأساة تاريخية من زمن الوحدة بين مصر وسورية
رودي حسو – العربي القديم
في 13 تشرين الثاني نوفمبر عام 1960، وفي زمن الوحدة بين مصر وسوريا، وقعت مأساة في سينما عامودا بمدينة “عامودا” الواقعة في شمال شرق سوريا. تمت دعوة 500 طفل لحضور عرض فيلم “سواق نص الليل” في سينما شهرزاد التي لا تتسع لأكثر من 200 متفرج. الهدف من العرض كان دعم الثورة الجزائرية من خلال التبرع بواردات العرض لثورة الجزائر، لكن النتيجة كانت كارثية. حيث توفي مئات الأطفال وأصيب آخرون في هذا الحادث.
بعد مرور أكثر من ستة عقود على وقوعها، ما زالت المطالبات مستمرة بفتح ملف “المجزرة” للكشف عن الأطراف المسؤولة عن هذا الحادث المأساوي الذي لا يزال محفوراً في ذاكرة الناس ومجتمع عامودا. وبعد عقود من وقوع الحادثة التي تركت بصمة عميقة في قلوب الأهالي بمدينة عامودا، يأتي إصدار كتاب”حريق سينما عامودا” للكاتب الراحل “ملا أحمد نامي”، ليستعيد روح الحادثة بكل ما تحمله من ألم وتأثير على المجتمع وذاكرة الناس الذين روعوا بفقد أبنائهم. حيث يأخذنا الكاتب الراحل في رحلة تاريخية مؤلمة تستحضر ذاكرة حادثة الحريق بأسلوب سردي مميز.
سيران: تعزيز الوعي بالأحداث التاريخية
في خطوة تدرك الأهمية الإلزامية للذاكرة التاريخية، أعلن مركز سيران للطباعة والنشر عن إصدار كتاب “حريق سينما عامودا” للكاتب الراحل ملا أحمد نامي، والذي يعتبر شهادة توثيقية وأدبية تنقل بدقة تفاصيل الحادثة وروحها من خلال كلمات مؤثرة. وباصدار هذا الكتاب القيّم، يأمل الناشر والمؤلف أن يلقى قبولاً وتقديراً من القراء والمهتمين بالأدب والتاريخ، وأن يساهم بفعالية في تعزيز الوعي بالأحداث التاريخية المهمة والحفاظ على ذاكرتها لأجيال قادمة. كما يعزز مركز سيران للطباعة والنشر مكانته في المشهد الثقافي والأدبي، مقدمًا أعمالًا تاريخية وأدبية توثق تجارب الشعوب وتسلط الضوء على جوانب مهمة من تاريخنا المشترك.
نافذة على تاريخ يجب ألا يندثر
بإصدار هذا الكتاب، يفتح “نامي” نافذة على تاريخ يجب ألا يندثر، بل يجب أن يبقى حياً في ذاكرة الأجيال الحالية والقادمة. إن نشره يعتبر خطوة جريئة نحو التحقيق في خفايا الحدث وتسليط الضوء على تأثيره العميق.
الكتاب يقدم نظرة عميقة وشاملة في أحداث ومسببات الحريق الذي نتج عنه وفاة مئات الأطفال، مع تأثيراته الواسعة على المجتمع المحلي في تلك الفترة. بإصداره باللغة الكُردية بالحروف اللاتينية، يسهم هذا الكتاب في توثيق التاريخ وحفظ ذاكرة الأحداث التي لا يجب نسيانها.
“حريق سينما عامودا” سيكون مرجعاً أساسياً في مكتبات محبي الأدب والتاريخ المحلي، مؤكداً على أهمية الأدب في تثبيت الذاكرة الجماعية والحفاظ على التراث الثقافي. يُؤمّن الناشر والقائمون على الكتاب بأن يلقى هذا العمل استحسان القرّاء والباحثين، وأن يسهم في تثبيت تاريخ الحدث الأليم والحفاظ على ذكراه.
يعتبر استخدام اللغة الكُردية بالحروف اللاتينية في كتابة هذا الكتاب قراراً مهماً يعكس هوية الكاتب ويُسلط الضوء على جذوره الثقافية. تتجلى فلسفة الكاتب” نامي” في اختياره لهذه اللغة، حيث تمثل لغة الكُردية بالحروف اللاتينية عنصرًا مميزًا يضيف عمقًا وثقافة إلى العمل الأدبي.
إلى جانب ذلك، يبرز في أسلوب الكاتب الخاص والمميز في تقديم الأحداث وصياغة الشخصيات. برهان واثق وحساسية فنية تسود كلماته، ما يجعل قراءتها ممتعة ومثيرة للتأمل، فيستطيع القارئ أن يتأمل في عمق التفاصيل ويلمس مشاعر الشخصيات كأنها حقيقية، مما يمنح العمل الأدبي بعدًا إنسانياً مميزاً.
“حريق سينما عامودا”، بأسلوبه الإبداعي والواقعي، يخلد ذكرى تلك المأساة التاريخية بطريقة تربط بين الماضي والحاضر، وتسلط الضوء على تأثيراتها المستمرة في المجتمع. يعد هذا الكتاب مرجعًا حضاريًا يساهم في حفظ التراث وتوثيق الذاكرة، وبث روح الأمل والتفاؤل رغم الألم الذي يحمله.
قدرة على جذب القارئ
تعكس صفحات “حريق سينما عامودا” تفاعل الكاتب الراحل مع الحقبة التي عاصرها وتظهر بوضوح بصماته الفكرية والأدبية التي تجعل من هذا العمل قطعة أدبية فريدة. يتميز الكتاب بقدرته على جذب القارئ وجعله يغوص في عوالم مختلفة تنقله إلى الزمن الذي شهد حادثة الحريق، وتعيد إلى الأذهان تلك اللحظات المؤلمة والتأثيرات العميقة التي تركتها.
باستخدام أسلوبه السردي الفذّ، ينجح الكاتب في استعادة أحداث ذلك اليوم الأليم بكل تفاصيله، مما يجعل القراء يعيشون تجربة مميزة تحمل في طياتها دروسًا وعبرًا تستمد قوتها من التاريخ والإنسانية.
من المؤكد أن “حريق سينما عامودا” سيظل تحفة أدبية لا تنسى تلهم الشباب وتحفزهم على التفكير في مضامينها العميقة وتأثيراتها الشاملة على المجتمع. يعتبر هذا الكتاب للكاتب الراحل “ملا أحمد نامي” لحظة فارقة في عالم الأدب الكردي، ويمثل إرثًا ثقافيًا هامًا ينبغي المحافظة عليه ونشره للأجيال القادمة.
وفي النهاية، يعكس إصدار كتاب “حريق سينما عامودا” التزاماً راسخاً بالحفاظ على التاريخ وتوثيق الذاكرة الجماعية، مما يجعله إسهاماً بارزاً في الثقافة الوطنية والأدبية.