رسول جديد في الدراما التركية.. والوحي "تطبيق هاتفي"!
العربي القديم – محمد حميدان
يثير مسلسل تركي جديد اسمه “كُبرى” يعرض الآن على منصة “نتفلكس” جدلاً واستياءً كبيرين في أوساط المسلمين الذين اعتبروه تجرؤاً على الذات الإلهية… ومحاولة للاستثمار في القيم الدينية لأغراض تجارية وترفيهية!
كليم الله!!!
بدون سابق إنذار يتلقى بطل العمل شاتاي أولوسوي الذي يؤدي دور شاب تركي مسلم، يعيش في ضواحي مدينة إسطنبول رسائل مجهولة المصدر عبر تطبيق قيل إنّ اسمه “تاتش سول” تنبّئ الشاب بما سيحدث قبل وقوعه، فينقذ حياة طفل من عائلة غنية مرتين، الأولى عندما يتدخل لإخراجه من تحت أنقاض سيارة تحترق والثانية عندما يعلم من والد الطفل أنّ ابنه مصاب بمتلازمة “بهجت” وهو مرض عضال لا أمل من شفائه، لكنّ رسالة من الوحي تحث الشاب “غوكان” والملقب “سيمافي” على نُصح والد الطفل بمراجعة طبيب آخر لأنّ تشخيص حالة ابنه خاطئ، فيعمل الأب بتلك النصيحة ويكتشف أنّ ما يعانيه الطفل هو “حمى البحر الأبيض المتوسط” وأن الدواء الذي كان يلتزم به سابقاً كاد يودي بحياة الطفل.
تتصاعد الأحداث في المسلسل حين يخبره الوحي أن الأنبياء يُمتحنون بأحبائهم، وتحمّل شقيقته نفسها مسؤولية موت والدها قبل عامين وتعيش في صراع مع تأنيب الضمير ينتهي باتخاذها قراراً بالانتحار، فيتجه “سيمافي” إلى المكان الذي دلّه عليه الوحي ليجدها تتجهز لرمي نفسها من سطح مبنى مرتفع لكنه يمتحنه بالصبر والرضا بقضاء الله، وأن تدخله لحماية أخته يعني أنه لا يؤمن بحكمة الله، لكن صوتا يشبه صوت أبيها المتوفى منذ سنتين يخرج من هاتف الفتاة طالباً منها التراجع عن فكرة الانتحار ومواصلة الحياة، ليتجرأ بعدها “سيمافي” على إخبار عائلته والمقربين منه بأنه “كليم الله”!!!
ثم يخبره الوحي بمكان فتاة محتجزة في أحد الشقق المهجورة فيطلب من أصدقائه في الحي الذهاب إلى هناك وإنقاذ الفتاة فتزداد شعبيته ويصبح له أتباع يؤمنون به، وكل من يعارضه يكشف عن ماضيه الأسود أمام الناس فيفا هارباً.
المخابرات التركية تتدخل!
وبعد أن يصبح “سيمافي” حديث وسائل التواصل الاجتماعي تستدعيه المخابرات التركية للتحقيق وتتهمه بالتعاون مع منظمة إرهابية تسببت في قطع التيار الكهربائي عن كل إسطنبول، لكن تحقيقاتها لا تقود لشيء فتضطر لإطلاق سراحه، فيلقي خطبة تدعو الناس إلى الشعور بالفقير فيتهافت المتبرعون على “سيمافي” وجماعته في حين يتصدى آخرون من المشايخ وطلبة العلم له بكونه دجالاً ويهددونه بالتصعيد أكثر ما لك يتراجع عن ادعاءاته.
تنقلب الأمور ضد “سيمافي” عندما يقتل أحد مناصريه خلال محاولة الشرطة اعتقاله ومصادرة التبرعات التي جمعها، فينقلب سكان الحي ضد الدولة مطالبين بمحاسبة الضابط الذي أطلق النار ويفشل “سيمافي” في تهدئتهم مع انقطاع الوحي المزعوم عنه وعدم قدرته على اتخاذ قرار ملائم، لكن “معجزة” جديدة تعيد إيمان أتباعه به حين يتعرض لإطلاق النار ويظن الجميع أنه أصيب أو قتل لكن الرصاصة تلك لم تخترق جلده.
ورغم أنّ “سيمافي” رفض العروض المقدمة له من أجل الترويج إلى حزب سياسي، إلّا أن أحد أصحاب النفوذ أرسل له قوة أحضرته إلى منزله وطلبت منه زيارة علنية يبارك فيها المشروع السياسي له، ثمناً لما تم تقديمه من تسهيلات ومساعدات لمؤسسة “سيمافي” التي أنشأها.
ومع مواصلته الرفض انقلبت الطاولة مجدداً على “الرسول المزعوم” وأصدرت الحكومة قرارات عديدة منها تجميد الحسابات المصرفية لمؤسسته ثم اعتقال والدته وتفتيش مكاتب المؤسسة ومصادرة ملفاتها، لتعلو بعدها أصوات تدعو إلى تسليح أنصاره.
انقطاع رسائل الوحي!
كل هذه الأحداث تجري مع انقطاع مستمر لرسائل “الوحي” وسط حيرة ويأس يتملكان “سيمافي” الذي لم يكن قد اكتشف بعد أكذوبة المعجزة، التي دبرتها خطيبته وصديقه باستخدام رصاصة مزيفة لإيهام الأنصار أنه محمي ولا يمكن حتى للرصاص اختراق جسده.
الصدمة الكبرى تصيب “سيمافي” عندما يباغته ضابط الأمن بقميصه الذي أصيب فيه لحظة المعجزة المزعومة، ومعه تحليلاً للحمض النووي الخاص بالدم الذي صبغ قميصه، ونتيجته أنّ ذلك الدم ما هو إلا دم دجاجة، فيكتشف أنه يعيش وسط كذبة كبيرة أطرافها أقرب الناس إليه.
الحلقة الأخيرة من المسلسل يكشف فيها مساعد أحد مهندسي الذكاء الصناعي ل “سيمافي” أنّ “كبرى” ما هو إلا نظام ذكاء صناعي تظاهر بأنه الإله الذي اختار رسولاً، مستفيداً من قدرته على التحكم في نظم المعلومات وشبكات الاتصالات والانترنت واختراق برامج التشغيل، لإقناع سيمافي بأنه الله، ولكن الأخير يصر على أنّ محاولات من يقف وراء كل تلك الألاعيب ما هي إلا تسخير إلهي لتذكيره بالدعوة إلى طاعة الله وإحقاق الحق ورفع الظلم.
انتقادات غاضبة
وشنّ العديد من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي هجوماً لاذعاً على المسلسل والشركة المنتجة والممثلين، معتبرين إياه استهزاءً بالذات الإلهية وتطاولاً على هيبته جلّ جلاله، ومحاولة لتوظيف قيم دينية سامية في ألاعيب ترفيهية رخيصة لأغراض تجارية، فيما دافع آخرون عن السيناريو بوصفه يحاكي ما يعترض الأنبياء والرسل من تصديق وتكذيب.