رياض نعسان آغا في (ما تبقى): حلقة للهرج والمرج ورفع المسؤولية عن بشار الأسد
رزق العبي _ العربي القديم
لفتني عنوان الصورة المرفقة مع رابط اليوتيوب للقاء أجراه تلفزيون سوريا مع الدكتور رياض نعسان آغا، مكتوب فيه “رحلة مع الأسدين” ولأنني أحب كثيراً هذا الرجل الذي شغل مناصب عليا في الدولة السورية من سفير في عدة دول إلى وزير ثقافة، إلى رجل يجلس في بيته، إلى أن ترك سوريا وغادر مع اشتداد العنف الأسدي المستمر ضد السوريين.
وكنت قد عملت سابقاً لسنوات مع الدكتور رياض في الإعلام وهو الرجل المحنّك إعلاميّاً والذي كان له عظيم الفضل في توجيه النصائح التحريرية وتحسين العناوين الصحفية واختيار نوع التحقيقات التي يجب أن نشتغل عليها في أيام عملنا. التي أصبحت في أحد محطاتها مديرا للتحرير في موقع كان يرأسه الدكتور رياض… ولكن!!
كل هذه الأسباب دفعتني لمتابعة اللقاء ذي الـ 52 دقيقة، وللأسف الشديد كان ممتلئاً بالهرج والمرج والحشو غير المفيد والمناقض في مفاصل عدة لعنوان الحلقة ولمحاورها أيضاً.
بدأ الهرج عندما تعذَّر الاتصال بالدكتور رياض نعسان آغا، فذهب المذيع، إلى تنوير المتابعين بأن الدكتور لا يعرف شيئا عن استخدام وسائل التواصل ثم وعندما أصبح متاحاً كرر المذيع ما قاله عن الدكتور رياض وراح يُسهب في الشرح عن ذلك، ولم يخف إعجابه “بكرافيتا” الضيف كذلك بشيء من السماجة، وكلّه على حساب الحلقة التي اختار فريق إعدادها موضوعاً باهتاً مستندين إلى افتراض يعرف أصغر سوري أنه مستحيل الحدوث وهو (في حال قامت حرب بين إسرائيل وحزب الله إلى جانب من سيقف الأسد؟).
بدأ الدكتور بالحديث، وسط نقل تلفزيوني سيء جداً، ومعيب أن يظهر على شاشة يفترض أنها تتمتع بحد أدنى من الاحترافية، يجعل المشاهد يهرب “سفر سنة” من متابعة القناة التي من المفترض أن تكون بحلة جديدة وبتقنيات حديثة بعد بهرجة الانطلاقة الجديدة التي احتفلوا بها أيما احتفال، واستناداً إلى الإمكانيات المالية التي تتوفر لديها كان من المفترض أن تذهب إلى منزل الدكتور رياض وتنقل صورته وصوته بطريقة لائقة، لكونه قامة سورية سياسية وإعلامية وثقافية هامة بدل من أن يتساءل المذيع على الهواء مباشرة: “الدكتور رياض نعسان آغا معنا يا جماعة… هل هناك أمل أن يجهز الدكتور رياض نعسان آغا”؟ وطبعا يجب ألا ينقطع الأمل!!!
بعد أقل من دقيقتين على الحديث في صلب الموضوع، انحرف مسار الحلقة للحديث عن زواج بشار الأسد من أسماء الأخرس، وعن الفتيات اللاتي طلب الأسد يدهُنَّ للزواج ولم يقبلن به. وفجأة بدأ الدكتور بالحديث بنعومة عن الأسد وعن ذكرياته معه، وكأنه يتحدث عن حَمل وديع، وليس عن مجرم حرب متَّهم بقتل واعتقال وتشريد الملايين من السوريين. وفي وقت يتَّفق فيه الكثير من زعماء العالم على أن بشار الأسد شخصية تكذب كثيراً قال الدكتور رياض إن الأسد كان مُستمعاً ودمثاً!! لم ينتهِ الأمر بعد، استبعد الدكتور رياض صفة الإجرام عن بشار الأسد الضالع بقتلنا وتشريدنا واعتقالنا مدّعياً أن الحلفاء أجبروه على الحل العسكري، وكأنه يتحدث عن فتاة أجبرها أهلها على الزواج من ابن عمها.
في نهاية الحلقة وبعد 14 عاماً من القتل يتوقع الدكتور رياض نعسان آغا أن يتراجع بشار الأسد عن موقفه وسياسته التي يتَّبعها في سوريا، حيث إنه يرى ذلك بوابة للحل في البلاد، وهو ما يُشبه الدوس على جراح السوريين والشرب من دموعهم ودمائهم.
مؤسف جدّاً ما جاءت به هذه الحلقة من برنامج “ما تبقى” على تلفزيون سوريا، وإنه لعتب من ابن بلد يحب ويحترم الدكتور رياض نعسان آغا، ويتمنى له دوام الصحة والعافية، وأن يتابع الكتابة في الثقافة وحدها. لأننا نستمتع حين يكتب عن الشعراء والكتّاب.. ونصدم حين يتحدث بلغة السياسة المواربة التي تزور الحقائق وتضيع الحقوق!
سيبقى بشار الأسد في نظر ملايين السوريين هو الإرهابي الأول والمجرم الأول والتابع الأول لإيران وكل من لفّ لفيفها من المجرمين وقتلة أحلام الشعوب، حتى لو أصبح في نظر العالم ملاك نازل من السماء.