فيلم (سبايا): كيف تخاطر بحياتك لإنقاذ السبايا من داعش؟!
يتابع المخرج هوجير هيروري تفاصيل عمل منظمة تطوعية تعتني بالنساء الأيزيديات اللاتي أجبرن على العبودية الجنسية من قبل داعش؛ هكذا يبدأ عرض الفيلم الوثائقي “سبايا”.
عندما يتعلق الأمر بصراع معقد مثل التدخل العسكري، ضد داعش، فمن السذاجة الافتراض أنه عندما ينتهي الهجوم الإقليمي الرئيسي، فإن الحرب سوف تنتهي. إن المنظور الذي يقدمه الفيلم الوثائقي سبايا، حول هذه القضية يهدف إلى تسليط الضوء على مثال واحد من بين أمثلة أخرى عديدة، حول استمرارية حالة الحرب هذه، والتي ستؤثر في هذه الحالة، على مصير مئات من النساء اللواتي تم أسرهنّ، وإرغامهنّ على العبودية الجنسية، من قبل ما يُسمّى “دولة الخلافة” التي نصّبت نفسها حاكماً، وقاضياً، وجلاداً. ويشار إلى هؤلاء النساء بالسبايا، وهو ما لا يتمّ ذكره كثيراً في الخطاب العام حول داعش.
داعش وكفى!
لا يقدم الفيلم شرحاً عميقاً ومهماً عن أسباب نشوء داعش، أو عن الألاعيب الاستخباراتية للنظام السوري وسواه في استثمارها، إنه يستثمر في خوف الغرب من “التطرف الديني السني” رغم أن الأكثرية السنية في سورية والعراق لم تسلم من جرائم إرهاب داعش، ولكن عندما يتعلق الأمر بالأقليات يصبح للجريمة وقع آخر، ولهذا يبدو هذا الفيلم له تأثير صدمة قصيرة وحادة أكثر من كونه دراسة مستفيضة، وقد لاقى اهتماماً كبيراً في مهرجان (صندانس) السينمائي، وحصل على جائزة أفضل إخراج أجنبي للمخرج العراقي السويدي هوجير هيروري.
سيكون الانطباع هادئاً للغاية، إذا وصف المرء هذا الفيلم بأنه فيلم وثائقي تسجيلي، على الرغم من أن هذا هو بالضبط ما هو عليه في الحقيقة. يبدو أكثر ملاءمة أن نقول إنه فيلم فوري تماماً، فيلم بصيغة المضارع بشكل بارز، يلقي بنا في منتصف الأحداث الخطيرة في نفس اللحظة التي تحدث فيها، دون أن نضطر أبداً إلى الشعور بأن الكاميرا هي وجود غير مناسب، من شأنه أن يجعل الوضع غير طبيعي لمجرد وجودها.
الشخصيتان الرئيسيتان أيضًا متوترتان، ومشغولتان جداً، بحيث لا يمكن ملاحظتها. إنهما محمود وزياد، اللذان يديران مركز استقبال الإيزيديين في شمال شرق سوريا، وهو أحد الموقعين الرئيسيين في الفيلم. هاتان الشخصيتان القريبتان من تلك الشخصيات البطولية التي يمكن أن تلهم هذا النوع من الأدوار التي يلعبها الممثلون المشهورون في الأفلام التي تدور حول مناطق الحرب، لديهم مهمة تحديد موقع السبايا المخفية في مخيم الهول الضخم، واستخراجها من مكان احتجازهم. مخيم اللاجئين، الذي يسكنه الآن عدد كبير من الموالين السابقين لداعش. إن الشجاعة الباردة التي تنبعث منهم ملهمة، على الرغم من أن هذا ربما يكون مجرد قناع آخر ترتديه الصدمة التي سببتها الحرب.
صراحة مفجعة
متطوع آخر يصور المهام الليلية من وجهة نظر مشحونة بالأدرينالين، وينظر من فوق كتفه، بينما يبحث عن النساء اللاتي تعرفت عليهنّ الجاسوسات في الموقع، والمعروفات باسم “المتسللات”، اللاتي يجدن طريقة لدخول المعسكرات، من خلال التظاهر بأنهنّ عشاق داعش. نحن نلاحظ هذه التسللات ونعلم جيداً أن الشخصيات المركزية والمخرج معرضون لخطر مميت – حتى إن كلمة الشجاعة تبدو ضعيفة جداً في هذه الظروف. يتم بعد ذلك إحضار النساء إلى المركز لمتابعة ما يمكن وصفه بإلغاء البرمجة، ويتم إعطاؤهن، بدلاً من البرقع الأسود وشاحاً جديداً، لتغطية رؤوسهنّ، بطريقة تمارسها زوجة محمود، سهام.
إن الشهادات التي نسمعها، بعد ذلك من أفواه الناجين مفجعة في صراحتها الأساسية، اللحظات الأكثر إنسانية في الفيلم. ليلى المرأة التي قُتلت عائلتها بأكملها أمام عينيها، وتزوجت بعدها لمدة خمس سنوات من أحد أعضاء داعش، تعلن أنها “تكره العالم” – “سوف تعلمون قريباً أنني انتحرت”، كما قالت أيضاً. . يخبرنا الفيلم أن هذا النوع من النتائج شائع جداً للأسف بين النساء الأيزيديات اللاتي تحررن فجأة من عبوديتهنّ. وفي نهاية الفيلم، نكتشف أيضاً أن عدداً كبيراً من الناجين يعودون إلى هناك كمتسللين للمساعدة في عمليات الإنقاذ الأخرى، وهكذا ينتهي الفيلم الوثائقي حيث بدأ.
نأسف، لأن الرجال المسؤولين عن عمليات الإنقاذ هذه يظلون غامضين للغاية، وعنهم وعن خلفيتهم، فيما يتعلق بهذا الصراع، ليس هناك أدنى تفصيل، ولا نسمعهم لحظة واحدة يفكرون في مهمتهم أيضاً. ولسوء الحظ، فإن هذا الفيلم ليس سوى قصة قصيرة عن أزمة مترامية الأطراف سيكون لها تأثير على الأجيال.
(سبايا) إنتاج سويدي من إنتاج شركة Lolav Media وGinestra Film، بالتعاون مع SVT.