التطاول على التاريخ: مراسل حربي يصبح رئيساً لقلعة حلب الرياضية!
كتب حسام خطاب:
ربما لم يكن أحدٌ من جماهير أكبر أندية العاصمة الصناعية والرياضية لسوريا يتخيل أن يأتي يومٌ يرى فيه أحد مراسلي الاعلام الحربي في ميليشيات أسد رئيساً لقلعة الرياضة الحلبية أهلي حلب (الاتحاد سابقاً) لكن هذا اليوم جاء فعلاً وأصبح شادي حلوة المراسل الحربي، وعامل بلدية حلب السابق رئيساً للنادي الأحمر في بلدٍ أنهكتها الحرب.
ذاكرة النادي العريق
المؤكد أن كبار مشجعي الأهلي الذين عاشوا هذا اليوم ورأوا الحلوة على رأس الهرم في ناديهم العريق، ستعود بهم الذاكرة لرجالاتِ حلب العظماء الذين قادوا هذا الكيان الرياضي الذي تأسس مطلع عام 1949 تحت مسمى “حلب الأهلي” بعد دمج ثلاثة فرقٍ شعبية هي أسود الشهباء، النجمة، المعري، وتم الإعلان الرسمي عن النادي يوم 25 كانون الثاني عام 1953 من قبل المؤسسين: محمد زم، محمد خير فارس، ثريا كعدان، غالب كعدان، مصطفى عزيزي، جورج ناقوس وساطع هبراوي، ليصدر قرار الإعلان من وزارة المعارف آنذاك، مع انتخاب أول مجلس إدارة للنادي تألف من السادة: محمد جلب رئيساً، مصطفى عزيزي نائباً للرئيس، مظفر عقاد أميناً للسر، وكل من عارف ترمانيني، عبد السميع تلجبيني، سالم ايمش، وعدنان هباش أعضاءً للإدارة.
توالى على رئاسة نادي حلب الأهلي العديد من رجالات حلب من التربويين والمثقفين، وحظي المربي أحمد هلال زين الدين مدير تربية حلب الأسبق ونائب رئيس اتحاد كرة القدم في تلك الفترة بأطول فترة رئاسية للنادي الأحمر امتدت لعشر سنوات ما بين 1958 حتى 1968 إضافة لشخصيات وطنية ونخبٍ مثقفة تسلمت رئاسة النادي أمثال: جلال ملاح، ثابت ناصر آغا، يحيى حجار، محمود دملخي، جودت محوك.
رئيس بلا عضوية
علال أحمد هلال زين الدين عضو إدارة نادي أهلي حلب لخمس ولاياتٍ سابقة يقول: أعيش ضمن أروقة النادي الأحمر منذ 55 عام خلال فترة رئاسة والدي للنادي، وخلال فترات عضويتي لمجالس الإدارة، لا أذكر أنني رأيت المدعو شادي حلوة في حياتي داخل أسوار النادي، وليس له عضوية في النادي، حتى أنني أشك أنه يعرف مقر النادي الأهلي أو يعرف شيء عن الرياضة قبل سنوات الثورة السورية.
يضيف زين الدين: عتبي الكبير على أبناء النادي الأهلي الموجودين في حلب وحضروا المؤتمر الانتخابي الأخير ولم يترشح أحد منهم لرئاسة أو عضوية النادي، شيءٌ مخجلٌ ومعيب في تاريخ النادي أن تصل مثل هذه الشخصيات لتكون على رأس هذا الهرم الرياضي الكبير.
علال زين الدين عضو إدارة أهلي حلب الأسبق توقع أن يكون شادي حلوة أغرى كبار أبناء النادي الأحمر ببعض المناصب الإدارية، والمكتسبات في حال وصوله لسدة الرئاسة، وهذا ما يفسر عدم ترشح هؤلاء لرئاسة النادي أو حتى عضويته، إضافةً لرضى أحمد منصور أمين فرع حزب البعث في حلب، وأحمد مازن بيرم رئيس اللجنة التنفيذية بفرع الاتحاد الرياضي العام في حلب عن ترشح الحلوة لرئاسة النادي، قبل فوزه بمقعد الرئاسة بالتزكية بعد انسحاب مرشحا الرئاسة مفيد مزيك، وزياد الشيخ عمر.
عقد توظيف برتبة عامل نظافة
بالعودة لملف شادي حلوة بدأ في الظهور ضمن المجتمع الحلبي عبر عمله في البرامج الخدمية في إذاعة “شهبا اف ام” أول إذاعة خاصة في حلب، وموقع عكس السير، وراديو فرح، قبل تقربه من رئيس بلدية حلب الأسبق معن شبلي المعروف في أوساط مدينة حلب بفساده المالي، فقد تم توظيف الحلوة في المكتب الإعلامي للبلدية، لكن عقد التوظيف كان عامل نظافة في البلدية، كون القانون لا يسمح الا بالتعاقد مع عمال النظافة فهي الشواغر الوظيفية الموجودة في بلدية حلب، ليصبح بعدها حلوة اليد اليمنى لرئيس البلدية معن شبلي، وعمل على تجميل واقع البلدية وفسادها عبر مجموعة من التقارير الإعلامية.
النقلة النوعية في مسيرة شادي حلوة الإعلامية كانت بانتقاله للعمل في المركز الإذاعي والتلفزيوني بمدينة حلب مع انطلاق الحراك الشعبي في سوريا، تعرض خلال تلك الفترة للكثير من الاهانات من المتظاهرين السلميين في حلب، كان أبرزها ضربه بحذاء أحد المتظاهرين ووصف الاعلام السوري بالكاذب أثناء بثه تقريراً مباشراً من مدينة حلب.
الحلوة تابع التسلق بانتقاله للإعلام الحربي وتغطية المعارك التي شنها جيش النظام وميليشياته ضد أبناء مدينة حلب وأريافها، وعُرف تقربه الكبير من سهيل الحسن قائد ميلشيا النمر احدى أكثر ميليشيات نظام الأسد العسكرية اجراماً.
مع الاستقرار الأمني النسبي في مدينة حلب، حاول شادي حلوة خلال السنوات الماضية تبييض صفحته أمام أبناء مدينة حلب بتقديمه برنامج “الناس لبعضا” على منصات التواصل الاجتماعي، يقدم من خلاله المساعدات المالية للفقراء عبر مسابقات وصفت بالهزلية والمهينة لأبناء المدينة التي توصف بعاصمة الاقتصاد السوري، وبحسب مقربين تقدم المبالغ الأكبر لهذه المسابقات من شركة قاطرجي المملوكة لأحد أكبر تجار الحرب المقربين من ضباط الأمن والجيش في نظام الأسد، كون الحلوة هو المدير العام لإذاعة “صدى اف ام” الذراع الإعلامي لشركة قاطرجي.
وهكذا يتابع شادي حلوة مشوار التسلق والانتهازية الذي سلكه منذ سنوات طويلة، ونراه اليوم يصل لرئاسة نادي أهلي حلب، المنصب الذي وصفته الكثير من الجماهير الأهلاوية بأنه أكبر بكثير من الحلوة، كما اعتبرت هذه الجماهير رئاسة حلوة للنادي الأحمر نقطة سوداء في تاريخ النادي، وتجسيداً واضحاً لحالة الفساد والانهيار المجتمعي والأخلاقي الذي يعم سوريا اليوم.