العربي الآن

السوريون ضحايا الاعتقالات: كانون الأول 2023 الأعلى رقماً والأسد وقسد في المراتب الأولى

العربي القديم – وسنان الأعسر

ودعت سلطات الأمر الواقع في سورية العام 2023 برفع وتيرة الاعتقالات في مختلف مناطقها، فبلغ عدد المعتلقلين خلال الشهر الأخير من العام 2023 (232) حالة، وفق ما وثقه تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان الصادر مؤخرا، ليكون شهر كانون الأول / ديسمبر الأعلى في عدد حالات الاعتقال بين كل شهور السنة.

وأصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرا حصلت (العربي القديم) على نسخة منه، عن حوادث الاعتقال التي طالت السوريين عام 2023 قالت فيه في إنَّ ما لا يقل عن 2317 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز وقعت، وكان من بين المعتقلين 129 طفلاً و87 إمرأة.

وأوضح التقرير – الذي جاء في 36 صفحة –  أن عمليات الاعتقال مازالت نشطة ومستمرة حيث وثقت الشبكة  232 حالة في شهر كانون الأول/ ديسمبر الفائت، مشيرةً إلى استهداف قوات النظام السوري للعائدين من اللاجئين والنازحين والمواطنين المحتجين في مناطق سيطرته على خلفية التعبير عن الرأي والنزاع أو انتقاد الأوضاع المعيشية.

آليات الاعتقال

ولخص التقرير آليات الاعتقالات التي تتم لدى معظم القوى وعلى رأسها نظام الأسد وفق النقاط التالية:

  1. معظم حوادث الاعتقال في سوريا تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة
  2. غالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية.
  3. يتعرَّض المعتقل للتَّعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرَم من التواصل مع عائلته أو محاميه.
  4.  تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحوَّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.

أسد وقسد على رأس القائمة

التقرير عرض حصيلة عمليات الاعتقال التَّعسفي/ الاحتجاز التي سجلها في عام 2023 على يد أطراف النِّزاع والقوى المسيطرة في سوريا، وقد أغفل حالات الخطف لأنه لم يتمكن من تحديد الجهة التي تقف وراءها. وتم توزيع حالات وحوادث الاعتقال تبعاً لمكان وقوع الحادثة. ويتضح من مراجعة حصيلة الشهر الأخير من عام 2023 أن قوات نظام الأسد مازالت تأتي على رأس قائمة من يمارسون سياسة الاعتقال والاختفاء القسري بحق السوريين، تليها في المرتبة الثانية من حيث هذا النهج القمعي قوات الوحدات الكردية شرق سورية (قسد) التي تسمى نفسها “قوات سورية الديمقراطية”!!!

فمن أصل (232) حالة اعتقال وقعت في شهر كان الأول/ ديسمبر الماضي، اعتقلت قوات نظام الأسد، وقوات الوحدات الكردية (173) شخصا، في حين اعتقلت باقي فضائل قوى الأمر الواقع في سورية مجتمعة، (59) شخصا

وسجل التقرير استمرار قوات سوريا الديمقراطية في تنفيذ سياسات الاحتجاز التَّعسفي والإخفاء القسري على نحو متصاعد وموسع، وقد تزامنت معظم حملات الدهم والاعتقال التي قامت بها واتخذت طابعاً جماعياً بعمليات إطلاق الرصاص العشوائي والاعتداء بالضرب على المدنيين، إضافةً إلى تكسير ونهب للمنازل. وتم تنفيذ هذه الحملات الجماعية ضد المدنيين والنشطاء والسياسيين والعاملين في المؤسسات التابعة لها بذريعة محاربة خلايا تنظيم داعش. شاركت قوات التحالف الدولي في بعض هذه العمليات، وسجل عمليات احتجاز استهدفت المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال، ضمن حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش، بسبب انتقادهم للأوضاع المعيشية والخدمية في المناطق التي تخضع لسيطرتها. تركزت هذه الاعتقالات في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة. ورافقت هذه العمليات مصادرة مبالغ مالية وهواتف محمولة تعود ملكيتها للمحتجزين، كما سجل عمليات احتجاز استهدفت عدداً من المدنيين لدى عودتهم إلى منازلهم في المناطق الخاضعة لسيطرتها بعد تضرر أماكن إقامتهم في تركيا عقب حدوث الزلزال في 6/ شباط/ 2023

حلب ودير الزور وريف دمشق أكثر المناطق استهدافا!

وخلال العام 2023  حلت حلب وريفها، ومحافظة ريف دمشق، ثم محافظة دير الزور في المراتب الثلاث الأولى التي شهدت اعتقالات،  فيما جاءت السويداء ثم القنيطرة ثم طرطوس في المراتب الأخيرة من حيث عدد الاعتقالات.

وتخضع محافظة حلب التي تسيطر على أجزائها قوات نظام الأسد وقوات الوحدات الكردية وفصائل المعارضة (الجيش الوطني) وحسب تقرير الشبكة فكل هذه الجهات ممارست سياسة الاعتقالات ما يفسر تبوأ حلب المركز الأول، ثم تليها محافظ دير الزور التي تتقاسم السيطرة عليها قوات نظام الأسد وقوات الوحدات الكردية، المساة “سورية الديمقراطية” وقد مارست هذه الأخيرة حملة اعتقلاات واسعة في صفوف عشائر المنطقة التي انتفضت ضد سياساتها التعسفية والعنصرية خلال العام المنصرم. أما محافظة ريف دمشق فتخضع بالكامل لقوات نظام الأسد وحلفائه، حيث تنشط مخابراته في اعتقال الشبان فيها، كونها كانت لسنوات واحدا من أكبر معاقل الثورة ضد نظامه، وخرجت عن سيطرته بشكل كامل أكثر من خمس سنوات، قبل أن يستعيد السيطرة عليها بمساعدة قوات الاحتلال الروسي.

أسباب ودواعي الاعتقالات لدى نظام الأسد

بالنسبة لقوات وأجهزة مخابرات نظام الأسد، وهي الأنشط والأكثر شراسة في ممارسة سياسة الاعتقالات وتقييد حريات السوريين وانتهاك حقوقهم وتعذيبهم، فقد صنف التقرير حالات الاعتقالات وأسبابها وفق الفئات التالية:

  1.  الذين أجروا تسوية لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي سبق لها أن وقَّعت اتفاقات تسوية معه، وبينهم عدداً من المدنيين العاملين سابقاً في صفوف فصائل المعارضة المسلحة والمنشقين عن قوات النظام السوري والناشطين في المجال الطبي والإغاثي سابقاً.  وقد تركَّزت هذه الاعتقالات في محافظات ريف دمشق ودرعا ودير الزور والرقة، وحصل معظمها ضمن أُطر حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش.
  2.  الحركات والأنشطة الاحتجاجية المناهضة للنظام السوري بمختلف أشكالها التي شهدتها مناطق سيطرته، إما عبر نشر المقاطع المصورة التي تهاجم سياسة النظام السوري أو عبر القيام بحركات احتجاجية ككتابة عبارات مناهضة على الجدران وتوزيع المنشورات وحرق صور بشار الأسد وغيرها، وقد تركزت هذه الاعتقالات في محافظات اللاذقية وطرطوس، ودمشق، وريف دمشق وحلب ودير الزور.
  3.  المواطنون الذين عبَّروا عن مطالبهم وانتقدوا الأوضاع المعيشية المتدهورة أو الفساد الحكومي في مناطق سيطرة قوات النظام السوري على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينهم إعلاميين موالين للنظام السوري وطلاب جامعيين وموظفين حكوميين، ووُجهت إليهم سلسلة تُهم مرتبطة بقانون مكافحة الجريمة المعلوماتية.
  4. اللاجئون والنازحون الذين عادوا إلى مناطق سيطرة قوات النظام السوري، وقد بلغت ذروة هذه الاعتقالات في أيار بالتزامن مع قيام المديرية العامة للأمن اللبناني والجيش اللبناني بحملات دهم واعتقال استهدفت اللاجئين السوريين في لبنان، وترحيلهم قسرياً إلى سوريا، مما عرضهم لعمليات اعتقال موسعة من قبل أجهزة الأمن السورية لم تستثنِ هذه الاعتقالات الأطفال والنساء، كما سجل عمليات اعتقال استهدفت العائدين من “اللاجئين والنازحين” أثناء محاولتهم الوصول إلى مناطق عودتهم الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري، واستهدفت هذه الاعتقالات اللاجئين الذين عادوا عبر المعابر مع لبنان وتركيا “معبر كسب” ومطار دمشق الدولي بمدينة دمشق،
  5. المدنيون الذين اعترضوا على توزيع المساعدات الإنسانية المخصصة لمتضرري وضحايا الزلزال الذي حدث في 6/ شباط/2023 وسرقتها ونهبها من قبل مجموعات عسكرية تابعة لقوات النظام السوري وتصوير هذه العمليات ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتركزت هذه الاعتقالات في عدة محافظات سورية أبرزها اللاذقية وحلب.
  6. عمليات اعتقال/ احتجاز متعددة استهدفت مدنيين بغرض الابتزاز المادي لأسر المعتقلين من قبل الأفرع الأمنية، بعضها استهدف مدنيين ممن يتلقون حوالات مادية خارجية بذريعة تعاملهم بالعملة بالأجنبية، وتركزت هذه الاعتقالات في عدة محافظات سورية أبرزها ريف دمشق ودمشق وحلب وحماة، وبحق مدنيين تم إطلاق سراحهم في وقت سابق من مراكز الاحتجاز التابعة لها.

مراسيم الإفراج عن المتعقلين

على صعيد الإفراجات، رصد التقرير إفراج قوات النظام السوري عن 284 شخصاً بينهم 4 أطفال و2 سيدة ممن جرى اعتقالهم في عام 2023 وتراوحت مدة اعتقالهم وسطياً بين أسابيع وأشهر عدة معظمهم لم يخضع لأي محاكمات وأفرج عنهم من الأفرع الأمنية المنتشرة في المحافظات السورية. وأشار التقرير إلى أن عام 2023 لم يشهد أي عمليات إفراج مرتبطة في سياق اتفاقيات المصالحة والتسوية التي يجريها النظام السوري في العديد من مناطق إدلب، ودرعا، وريف دمشق وحلب. وأشار التقرير إلى أنَّ كافة مراسيم العفو أفرجت عن 7351 معتقلاً تعسفياً وما زال لدى النظام السوري قرابة 135253 معتقلاً/ مختفٍ قسرياً. وأنَّ مراسيم العفو لا تفرج إلا عن قدرٍ محدودٍ جداً من المعتقلين، أما عمليات الاعتقال التعسفي فهي نهج واسع وما زال النظام السوري مستمراً في عمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري بصرف النظر عن مراسيم العفو التي يصدرها.

زر الذهاب إلى الأعلى