الشيوعيون وإغواء السقوط
غيض من فيض من مواقف هذا الحزب المخزية بحق السوريين وثورتهم وبحق الوطن

العربي القديم – أسامة المصري
“… مظاهرات أتت ردا على نهج السلطة المذهبي والاستباحة المستمرة لتلك المناطق، عمليات القتل والخطف والسبي الممنهج، أصبح الانتماء لتلك المناطق تهمة يستحق عليها المواطن الموت كحد اقصى، حتى الجبال لم تسلم من أذيتهم فأحرقوها، جاءت مظاهرات الساحل عقب دعوة الشيخ غزال غزال، وإن لم تكن نتيجة لها، مواجهة السلطة للتظاهرات بالتظاهر المضاد تحت شعارات مذهبية (شارع مقابل شارع)….”
هذه مقتطفات من بيان لحزب العمل الشيوعي صدر في 28 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
سقوط أخلاقي
بعد مقتل زعيم ميلشيا حزب الله العام الماضي كتبت مقالا بعنوان “حزب العمل الشيوعي سقوط سياسي وأخلاقي” في ذلك التاريخ ما دفعني لكتابة المقال ليس مواقف هذا الحزب منذ انطلاق الثورة واصطفاف العديد من أعضائه ضد الثورة بذريعة أنهم لا يقفون مع ثورة تنطلق من الجوامع، (ولا بد من الإشارة إلى أنه وفي الجهة المقابلة وقف أيضا العديد من أعضاء الحزب إلى جانب الثورة ودفعوا أثمانا باهظة لقاء مواقفهم، وعانى الكثير منهم ليس من السلطة وأجهزتها وحسب، بل من رفاقهم الذين وصفوهم بأقذع الأوصاف، ولا زالوا)، لكن في حينها كتبت المقال بسبب مواقف العديد منهم من مقتل المجرم حسن نصرالله حيث توجوا مواقفهم المنحازة للنظام بالبكاء على المجرم ونظموا الشعر في رثائه، ورفعوه إلى مرتبة القديسين، حينها انبرت الأقلام ليس لمناقشة ما ورد في المقال وإدانة الممجدين، بل شنوا الهجوم على كاتب المقال، لم يناقش أي من المهاجمين ما ذكرت في المقال ولا المآلات ولا المواقف المخزية لرفاقهم، بل اعتبر بعضهم أن تاريخ الحزب النضالي وقضاء المئات من أعضاؤه سنوات طويلة في السجون شرفا لا يمكن لأحد النيل منه..الخ.
انتماءات ما قبل وطنية
الآن أعود واكتب بعد أكثر من عام، لأسلط الضوء مرة أخرى على هذا الحزب الذي يمكن وصفه كحد أدنى بغير الوطني؛ بل تحول إلى تجمع يعلن في كل مناسبة أن لا علاقة له بالوطن بل تنسجم مواقفه مع مواقف قادته وانتماءاتهم ما قبل وطنية، مع ملاحظة مهمة أن العديد من الأعضاء السابقين يشكلون جداراً حامياً لمواقف هذا الحزب، ويروجون له ويدعمونه بشكل مباشر وغير مباشر كل من موقعه، فتشاهد كمية كبيرة من الأسماء تضع (اللايكات) لبيانات ومواقف هذا الحزب، فعلى سبيل المثال وضعت مئات (اللايكات) لنداء أصدره هذا الحزب بعد إسقاط النظام بأسبوع، يدعو فيه أعضاءه ومناصريه ورفاقه القدامى، للتجمع من أجل الوقوف بوجه الخطر الذي يهدد وحدة البلاد، وكأن من أسقط النظام أتى ليقسمها، وهم أنفسهم بقوا صامتين مع حزبهم طوال 14 عاما تجاه إجرام الأسد بحق الأكثرية السورية، التي دمرت مدنهم وهجر الملايين منهم وقتل وسجن ربما مليون أو يزيد، وقسم البلاد، وتحدث عن سوريا المفيدة وسلم الجزيرة السورية لحزب العمال الكردستاني، واستجلب المحتلين، ولم يلحظ هذا الحزب ميليشيات إيران التي احتلت دمشق وضواحيها وحلب وحمص وبقية المدن السورية، ولم يلحظ هذا الحزب الرايات السود والحمر التي ارتكب تحتها مجازر حزب الله في “القلمون والقصير” وعشرات غيرها نحرا بالسكاكين، لم يلحظ هذا الحزب قطعان الميليشيات وهم يهينون الناس في مدنهم، وكيف تحولت شوارع دمشق إلى أماكن لـ “اللطم” وأداء الطقوس الدينية الايرانية لم يسمعوا خطابات المجرم “نصرالله”، وقوله لأصحاب الأرض السورية (اذا لم يعجبكم البحر أمامكم) ولم يسمعوه عندما قال أنه مستعد للدفع بمائة الف مقاتل من أجل قتال أصحاب الأرض وطردهم من سوريا، لم يرو المدن المهدمة ولا براميل الأسد ولا يسمعوا بسجن صيدنايا (الذي أمضى معظمهم سنوات فيه) ولا بمئات آلاف المعتقلين الذين قضوا في السجون، ولا بالمقابر الجماعية، ولم يصدر بيان واحد من هذا الحزب من أجلهم ـ حتى بعد إسقاط النظام، ولم يسمعوا بمخيمات اللاجئين في تركيا والأردن ولبنان والمخيمات في الشمال السوري التي آوت الملايين لكنهم بكوا على ” نصرالله” عندما قتلته إسرائيل.
نترات الأمونيوم
هذا الحزب دافع عن حزب الله المجرم في قضية انفجار “نترات الأمونيوم” في مرفأ بيروت عام 2020، في مقال مطول محاولا تبرئة “حزب الله” من الانفجار مطلقا عليه صفة “المقاومة” ومهاجما المحقق العدلي بالانفجار طارق البيطار الذي عينته الحكومة اللبنانية، وأيضا مهاجما المملكة العربية السعودية ومدافعا عن الحوثيين الذين كان يمجدهن أحد قيادات هذا الحزب ليل نهار على صفحته في “فيسبوك”.
وفي مقال الحزب المنشور بالعدد رقم 95 من نشرته المسماة (الآن)، يقول:
“كرّس «أصدقاء لبنان» كل جهودهم من أمريكان وخليجيين على إشعال فتيل حرب طائفية سنية – شيعية بغرض استنزاف حزب الله وتأمين ذريعة لتدخل دولي على أمل توجيه ضربة قاضية له”،
واضح من هذه الفقرة أن مقال الحزب يخشى على حزب الله من المؤامرة الأمريكية الخليجية وبنفس الوقت لم يلحظ هذا الحزب ما فعله هذا الحزب والنظام وإيران في سوريا، منذ دخول قاسم سليماني وإشرافه بشكل مباشر على المجازر التي ارتكب في جميع انحاء سوريا وعملوا على تحويل الثورة إلى حرب طائفية دينية.”
قانون قيصر
في افتتاحية العدد “93” لنشرة الحزب “الآن”، يُحمل هذا الحزب المسؤولية عن صدور قانون قيصر إلى ثلاث جهات هي نظام الأسد وأمريكا والناشطون السوريون الذي وصفهم بعملاء واشنطن.
فيقول في نفس الافتتاحية “تعاونت أطراف ثلاثة على صدور قانون قيصر: 1-استبداد النظام وجرائمه. 2- سياسات الهيمنة الأمريكية المعروفة. 3- منظمات السوريين العملاء للإدارة الأمريكية في واشنطن.”
هذا الحزب يصف من ساهم بفضح جرائم الأسد، والتي راح ضحيتها مئات الآلاف من السوريين بأنهم عملاء لواشنطن، وساوى بينهم وبين النظام الذي ارتكب أفظع الجرائم، بالتسبب بإصدار قانون قيصر، فهل فريد المذهان وأسامة عثمان الذين فضحوا جرائم الأسد عملاء لأمريكا؟؟؟ وهل بعد ذلك يستطيع أعضائه ومن يقف خلفهم الادعاء بأن هذا الحزب ليس ساقط أخلاقيا ولا يهمني إن كان ساقط سياسيا بعد ذلك، وبالطبع هو يدين من عمل على إصدار قانون قيصر ضد النظام بوصفهم عملاء لأمريكا، ولا ندري إذا كان لديه ممثلوه بين من عملوا ضد إلغاء قانون قيصر، ولن نستغرب من هذا الحزب إذ أدان من عمل على إلغائه من أبناء الجالية السورية الوطنيين، بمن فيهم اليهود الذي تآمر حافظ الأسد مع إسرائيل لترحيلهم من سوريا.
مأساة السوريين
وفي نفس الافتتاحية يحمل استمرار الحرب في سوريا ومأساة السوريين إلى تركيا ودول الخليج مسقطا الدور الايراني ودور النظام فيقول في افتتاحية العدد المذكور: (والذين أوغلوا في الدم السوري من دول طائفية ووراثية وقروسطية منحطة وتابعة لازالوا يدعمون نفس المجموعات الجهادية الإرهابية التي تتوهم أنها بحربها ستسقط النظام! بينما هي لا تفعل شيئاً سوى أنها تساهم مع بقية الجوقة المعادية لشعبنا بإسقاط المجتمع السوري والشعب السوري غير عابئة بجوع السوريين وذلهم، ولا تنصر في الجوهر إلا النظام) بالطبع لم يتحدث الكاتب عمن أذل السوريين ومن جوعهم.
مواقف مخزية
هذا غيض من فيض من مواقف هذا الحزب المخزية بحق السوريين وثورتهم وبحق الوطن فهو متحالف مع “حزب الله” الذي ارتكب المجازر بحق السوريين وصمت عن الوجود الإيراني الإجرامي، ولن نذهب بعيدا بل لنعود إلى عدة أيام فقط عندما ظهر المدعو فاتح جاموس على شاشة الاخبارية السورية في برنامج معاذ محارب على الطاولة متبنيا بيان غزال غزال بكل تفاصيله مطالبا بـ “اللا مركزية” مقدما حججا واهية وسخيفة، وحتى لا يقول لي أحد أن هذا الشخص لا يمثل الحزب، فها هو واثنين آخرين ممن مجدوا “نصرالله” العام الماضي حضروا اجتماع رفيع المستوى لهذا الحزب، فقد ورد في بيان للحزب ذاته ما يلي:
(عُقدت في دمشق على مدى يوميّ 13 و14 تشرين الثاني 2025 ثلاثة اجتماعات مطوّلة شارك فيها عدد من رفاق الحالة التنظيمية القائمة وأبناء التجربة التاريخية للحزب وأصدقائه (الأسماء موجودة في البيان) كما وفي بيان آخر تحدث عن تشكيل لجنة عمل تضم الجاموس وجاء نصا في البيان (1- إطلاق ما سبق أن تقرر من زيارة لجنة العمل جميع المحافظات والمناطق، بالبدء بزيارة السلمية وحمص (إذا سمحت أوضاع الأخيرة) من قبل فريق متنوّع مكلّف من اللجنة (الأسماء موجودة في البيان) وهذا ما يؤكد أن الجاموس الذي وقف طوال فترة الثورة والحرب إلى جانب النظام والقتلة. وصاحب مقولة على (المعارضة الخارجية أن تستسلم وترفع الراية البيضاء والاعتراف بهزيمة الثورة والاعتراف بقوة الاطراف الداخلية بعد الهزيمة التي منيت فيها الميليشيات في الغوطة الشرقية) إضافة إلى تبنيه كل مقولات نظام الأسد وعلاقة وطيدة مع المجرم (معراج أورال مرتكب مجزرة البيضاء) ومع ذلك هو أحد أعضاء لجنة العمل لهذا الحزب، والكاريكاتير المرفق في المقال الذي نشر في العدد 90 شهر أيار 2019، يؤكد ويلخص مواقف الجاموس ومواقف الحزب وتطابقها من الثورة والمعارضة، بقضها وقضيضها.

ولنعد إلى بيان هذا الحزب بتاريخ 28 تشرين الأول
مظاهرات غزال
يقول هذا الحزب (شهد الساحل السوري وبعض مناطق حمص وحماة مظاهرات هي الأولى من نوعها، وقد أتت ردا على نهج السلطة المذهبي والاستباحة المستمرة لتلك المناطق وعمليات القتل والخطف والسبي الممنهج، مما حول حياة الناس إلى جحيم على كل الصعد أولها الصعيد الاقتصادي من فقدان الوظائف دون تعويض، حتى الجبال لم تسلم من أذيتهم فأحرقوها).
يتهم هذا الحزب السلطة الحالية بالمذهبية وكنا سنقبل معه ذلك الاتهام لو أنه وصف نظام الأسد بالطائفي مثلا، ولو أنه تحدث عن تدمير المدن السورية من قبل ذلك النظام الطائفي المجرم بامتياز، وكنا سنقبل معه هذا الاتهام لو وقف ضد رايات حزب الله وجرائمه، بل نظم كوادره وقادته الأشعار ورفعوا المجرم “نصرالله” إلى مرتبة القديسين، وكنا سنقبل منه الحديث عن الخطف والسبي لو تحدث خلال أربعة عشر عاما عما جرى من قتل وعمليات اعتقال واختطاف واغتصاب النساء في السجون وفصل الأطفال عن عائلاتهم، وقتل الناس على الحواجز لمجرد انتمائهم، لكن ليثبت هذا الحزب أن طائفي بامتياز لم تهتز حنجرته إلا عندما حدثت انتهاكات بحق حاضنة النظام البائد، وأخيرا يتهم السلطة بإحراق جبال الساحل فهل لدى هذا الحزب ادلة على أن السلطة هي من افتعلت حرائق الساحل وهي نفسها التي كافح طواقمها لأسابيع بحضور وزير الطوارئ مقدما مثالا غير مسبوق لعمل المسؤولين الحكوميين، واذا كان لديه أدلة فليقدمها.
ينفي هذا الحزب أن المظاهرات التي خرجت هي استجابة لغزال غزل، رغم أنها أتت في اليوم والوقت الذي حدده الشيخ غزال فيقول:
اتت مظاهرات الساحل عقب دعوة الشيخ غزال غزال، وإن لم تكن نتيجة لها، في محاولة منه، لاعتبارها انها خرجت بسبب ممارسات السلطة بحق الطائفة العلوية، وليس استجابة لرجل يعتبر من فلول الأسد ومنسق مع القوى الانفصالية الـ “قسدية” و”الهجرية” ولم يلحظ ان هذه المظاهرات لم تحمل راية سورية وبشعارات فئوية، وطالبت بإطلاق المجرمين الذين ينسقون مع قيادات النظام الأسدي كما أوضح تقرير رويترز حول نشاطات رامي مخلوف وكمال الحسن وماهر الأسد.
فجور وسقوط
يقول هذا الحزب أيضا في نفس البيان (أما بشأن مواجهة السلطة للتظاهرات والاعتصامات فهي تتبع أسلوبا جديداً قديما بدفع الموالين لها إلى الصدام المباشر والاشتباك مع المتظاهرين المعارضين بالتظاهر المضاد تحت شعارات مذهبية (شارع مقابل شارع ) بينما أدواتها الأمنية تقف متفرجة لتتدخل في حال اتسع الصدام والعنف الأهلي لأنها تخشى استخدام أذرعها العنيفة سواء القوات الحكومية أو البداوة (مجازر السويداء) أو المجموعات الدينية الراديكالية المنفلتة (مجازر الساحل) بعد أن وضعت سوريا تحت البند السابع)، بالطبع بيان الحزب جاء تأكيدا لممارسات ناشطوه طوال العام المنصرم في العداء لانتصار الثورة السورية وصدمتهم من رحيل نظام الأسد.
يتخيل هذا الحزب مع سمير متيني ونضال معلوف ورامي عبد الرحمن أن السلطة الحالية وضعت تحت البند السابع. وبالفعل فإن حزبا فاجرا لدرجة يصعب مواجهة فجوره وسقوطه الأخلاقي فكل العالم شاهد مظاهرات الفلول التي دعا لها غزال ومحملة بكلماته وشعاراته ولم تطلق رصاصة ولم يصب شخص، بل الأمن العام حمى المتظاهرين وعادوا جميعا إلى بيوتهم سالمين، فأين حدثت مزاعم هذا الحزب الأقلوي الطائفي المختبئ خلف كلمة شيوعي بشارع مقابل شارع، الواقع يؤكد أن مظاهرات غزال انتهت وحماها رجال الأمن العام، أن مظاهرات خرجت باليوم التالي ردا على محاولات شعارات “الفدرلة” و”اللا مركزية السياسية” التي طالب بها غزل ورددها متظاهروه، ضمت عشرات الألوف في نفس المدن وغيرها تؤكد على وحدة سوريا وترفض (لا مركزية) “غزال” و”قسد” و”دولة الباشهجرية”، فهل ازعجت هتافات “وحدة سوريا” وشعبها هذا الحزب؟؟؟
القتل الممنهج
ثم إنه يحمل السلطة الجديدة المسؤولية عن الوضع الاقتصادي وفقدان الوظائف فهل يرى هذا الحزب أن الوضع الاقتصادي الصعب هو من نتاج هذه السلطة مثلا؟، أم أنه يتحدث عن الوضع الاقتصادي لحاضنة النظام التي فقدت الوظائف دون تعويض؟ فهل يرى أن السلطة الجديدة يجب أن تدفع الرواتب لمئات الآلاف ممن وظفهم النظام بالمخابرات والفرقة الرابعة وفرق الموت؟، أو جلادو السجون وقادة الطائرات الذين كانوا يرمون البراميل المتفجرة على الأطفال والمدنيين، وأن تعيد توظيفهم أو تعوضهم عما فعلوه بالسوريين؟ أم أنها مجبرة على تقديم تعويضات للموظفين الذين لم يعملوا يوما بل كانوا يداومون في بيوتهم؟، وأخيرا يصف البيان أن ما جرى من أعمال قتل وانتهاكات القتل بـ “الممنهجة”، وهذا كذب وتزوير للحقائق فما حدث في الساحل لم يكن ممنهجا بل ردة فعل على ما ارتكبه الفلول بقتل المئات من رجال الأمن العام. لم تحدث أي عمليات قتل ممنهجة ضد أي جماعة سورية، بعد تحرير سوريا وسقوط الأسد، وحتى ما جرى في السويداء من جرائم وانتهاكات لم يكن ممنهجا أيضا، فقد كان ردة فعل على ما ارتكبته ميليشيات الهجري بحق رجال الأمن والعشائر، لكن بالتأكيد إن حزبا لم ير القتل الممنهج في سجون الأسد وخارجها خلال 14 عاما، واتهم من نشطوا لفضح جرائمه بالعملاء لا بد أن يتهم السلطة الجديدة بهذه الطريقة.
تجاهل أحداث
بالمناسبة هذا الحزب لم يصدر بيانا واحدا حول “باشان الهجري” التي تريد الانفصال والالتحاق بإسرائيل، ولا أدان رفع علم اسرائيل ونتنياهو في السويداء، لا هو ولا كوادره النشيطون على “فيسبوك” لكنهم يضخون يوميا مئات المنشورات ضد السلطة باحثين بين النفايات عن كل منشور يعبر عن الكراهية والتحريض الطائفي، وكل حسب طائفته العلويون لم يروا غزال وبيانه، والدروز لم يرو كل ما يفعله الهجري وعصاباته بالوطن بل بالعكس بدا أنهم متواطئون معه من خلال كل منشوراتهم، حتى عندما قام جلاوزته بتصفية الشيخين رائد المتني وماهر فلحوط قبل أيام.
أما فيما يتعلق بالقوة الانفصالية الأخرى ” قسد” فالتنسيق معها على قدم وساق وهناك علاقات بين الحزب وبينها وبالتأكيد لن يتعرضوا بأي انتقاد لها، بل العكس ربما يعتبرونها مثال للسلطة الديموقراطية وعلى السلطة الجديدة الاقتداء بها، وهناك من كوادر الحزب واظبوا على حضور المؤتمرات التي تعقدها “قسد” والتنسيق يجري معها وبالطبع والأسماء معروفه.
بالطبع لن أناقش كل ما جاء في هذا البيان، أو ما جاء في مقالاته وافتتاحيات نشراته فهذا يتطلب مساحة واسعة من الصعب الإحاطة بذلك في مقال.
ذكرى التحرير
لا أدري ما ذا سيحدث قبيل أو بعد الذكرى الأولى لتحرير سوريا وإسقاط النظام وما يخبؤوه الهجري وغزال واليساريين وحزب العمال الكردستاني الذي تمثله “قسد” لإفساد الذكرى والتخريب على احتفالات السوريين وأفراحهم، لكن من المؤكد أننا لم نعد نخشى على سوريا التي تنفس أبنائها رائحة الحرية بعد أكثر من نصف قرن من حكم النظام البائد، الذي التف حوله كل الشراذم من الشيوعيين إلى القوميين السوريين والقوميين الناصريين والبعثيين في كل المنطقة العربية، ودافعوا عنه وحموه طوال عقود من سيطرته، ولا زالوا يحاولون إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء عبر النيل من بطولات السوريين وثورتهم وتتويجها بهذا الانتصار العظيم، الذي لم يكن يتصوره شيوعيو وسياسيو الأقليات وغيرهم، الذين ارتموا بأحضانه بشكل مباشر أو غير مباشر عبر الاختباء وراء اصبعهم واعتبار النظام البائد وطنيا لأنه على حد زعمهم معاد لإسرائيل، وأنه في محور ما يسمى بـ”المقاومة” أو “الممانعة”، وحتى الآن لم يستوعبوا أن النظام سقط وماهر الأسد لن يعود وأن قدوتهم “حسن نصرالله” قتل وكتابة الأشعار لن تكون سوى شهادة على سقوطهم الأخلاقي، وكأن سقوطهم ينطوي على حالة إغواء نفسي لا يستطيعون مقاومتها مهما حاولوا تبديل جلودهم والحديث عن العلمانية والديموقراطية وحقوق الأنسان أو السلم الأهلي، محاولين بشتى الطرق عدم الفصل بين السلطة الحاكمة والأكثرية السورية، ورافضين حنى احترام مشاعر الفرحين بإسقاط النظام البائد.
خاتمة
أخيرا أتوجه إلى بعض الأصدقاء الذين لا زالت تربطهم علاقة روحية بحزب العمل الشيوعي الذي تأسس منتصف سبعينيات القرن الماضي كرابطة ومن ثم كحزب، ولا زالوا برون بأنه كان تجربة غنية عبرت عن تلك الحقبة، خاصة أنهم أمضوا سنوات طويلة من أعمارهم في سجون الأسد الأب، واعتقد أنً أي منهم لم ير بيانات ومآلات الحزب، بعد أن بدأ نشاطه من جديد بعد عام الـ2000، كما أنهم ليسوا على اطلاع على مواقف أعضائه وقياديه خلال الثورة السورية العظيمة وانتصارها، وكان بجب عدم السماح لهذه الجماعة أن تستمر بنفس اسم الحزب حتى لا تسيء إلى تاريخ المناضلين الذين وقفوا بوجه وحشية حافظ الأسد، بل واقترح عليهم أن يتم إدانة مواقف هذه الجماعة من قبل أعضاء الحزب القدامى، وطلب تغيير الاسم.