كيف تهزم أعظم قوة عسكرية في العالم
قراءة تاريخية لـ: كايل مورنين
هل تساءلت يوماً كيف تمكنت المستعمرات الأمريكية من هزيمة أعظم قوة عسكرية في عصرها؟ عندما أدرس تأسيس أمريكا، غالباً ما أتوقف وأركز على جمال وعبقرية إعلان الاستقلال. ومن الصواب أن نفعل ذلك. ولكن من الأهمية بمكان أيضًا أن نفهم العواقب العملية للإعلان. كما يذكرنا الدكتور ماكلاي، كان إعلان الاستقلال هو الجزء السهل من الأمر. أما هزيمة أعظم قوة عسكرية في العالم، فكانت مسألة أخرى.
في كتابه ” القصة الأميركية العظيمة: أرض الأمل “، يلاحظ الدكتور ماكلاي أن القضية الأميركية لم تكن على الورق قادرة على مواجهة التحدي المتمثل في هزيمة قوات الإمبراطورية البريطانية. ولكنها كانت تتمتع بميزتين لم يتم تقديرهما على النحو اللائق.
من ناحية أخرى، لم يكن عليهم سوى الدفاع عن النفس. ولم يكن عليهم الفوز في كل المعارك ـ ولم يكن عليهم الفوز بأي معارك ـ ما داموا قادرين على إبقاء الحرب مستمرة لفترة كافية لاستنزاف صبر واستعداد خصومهم البريطانيين للقتال.
كان المحيط الأطلسي الشاسع الذي يفصل البريطانيين عن مستعمراتهم السابقة سبباً في تكبد البريطانيين مبالغ طائلة من الثروة أثناء الحرب. ولم يكن نقل الجنود والأسلحة عبر هذه المسافة الطويلة رخيصاً. وعندما وصلوا إلى هناك، كان عليهم أيضاً أن يتعاملوا مع الإزعاج الناجم عن كونهم أقل دراية بالتضاريس والمناظر الطبيعية.
لقد ساعد اللعب الدفاعي المتمردين الأميركيين. ولكن لا ينبغي لنا أيضاً أن نقلل من أهمية الدور الذي لعبه رجل عظيم:
هناك ميزة أخرى، ميزة لا يمكن حسابها، كانت لدى الأميركيين، يمكنني التعبير عنها بكلمتين: جورج واشنطن.
ولعل من غير الممكن أن نجد رجلاً حياً في ذلك الوقت يتمتع بمثل هذه الشخصية المحبوبة. فقد كان نموذجاً للفضائل الضرورية لشعب جمهوري. وكان ضبطه لذاته الذي لا يتزعزع، ومعرفته العملية، وقدرته على إلهام الآخرين بالولاء، وحبه الشديد للحرية سبباً في إنقاذ البلاد، بل وحتى قمع الانتفاضات المحتملة. وكان محبوباً على نطاق واسع إلى الحد الذي أتيحت له الفرصة لتوحيد الأميركيين أثناء الحرب الثورية، ثم مرة أخرى بصفته أول رئيس لهم بموجب الدستور. وباعتباره القائد الأعلى للجيش القاري، رفض أي أجر، وخدم بدلاً من ذلك من أجل حب الشعب.
كان جورج واشنطن رجلاً يتمتع بشخصية كاريزمية، وشجاع، وغير أناني، ولا يعرف الكلل. لم يكن رجلاً مثقفاً من الطراز العالمي مثل جيفرسون. لكنه كان يتعلم دوماً وكان يتمتع بقدر كبير من الحكمة العملية والحكيمة.
كانت القضية الأميركية في تلك الأشهر والسنوات التي أعقبت يوليو/ تموز 1776 هشة. ولم يكن بوسع المتمردين أن يظلوا متحدين في وجه الصعاب والتحديات التي واجهتهم في حملتهم الشاقة من أجل الاستقلال إلا في ظل وجود رجل لا غنى عنه مثل جورج واشنطن على رأس القيادة.
_______________________________
المصدر: hillsdale college