تنصيب ترامب: قراءة في جغرافيا سياسة ترامب الخارجية
الحفاظ على التفوق العالمي، كان الهدف الأساسي للسياسة الخارجية والعسكرية الأمريكية منذ نهاية الحرب الباردة.
أحمد صلال – العربي القديم
في مناطق عديدة من العالم، ستعنى السياسية الأمريكية التي سيبدأ ترامب بتنفيذها بعد تنصيبه، باستثمار الامتيازات والموارد من الدول الأخرى وخاصةً دول الخليج العربي، وهذه صفقات لا تبالي بالتحالفات أو التباينات الإيديولوجية.
إن النظام العالمي؛ الذي سيكون ترامب مسوؤلا عن الإشراف عليه اعتبارا من 20 كانون الثاني/ يناير الجاري، سيمكّن الرئيس الجديد من التعامل مع الشؤون الخارجية بطريقة مختلفة عن سلفه: فاهتمامه بوضع “أميركا أولاً” من شأنه أن يغير العالم بشكل عميق بما يخص علاقات واشنطن مع العالم الخارجي.
رقعة شطرنج كبيرة
بينما كان الرئيس ترامب ورفاقه يصورون العالم على أنه رقعة شطرنج كبيرة، حيث تسعى الكتل الصديقة والمعادية إلى الحصول على ميزة جيوسياسية في المناطق المتنازع عليها، يرى ترامب العالم لعبة مونوبولي كبيرة، حيث يتقاتل الكثير من المنافسين من أجل الحصول القيمة.سواء كانت العقارات أو الأسواق أوالموارد. في عهد بايدن، كانت للأديولوجية الأولية:كان من المفترض أن تكون’الديمقراطية،و”إحترام سيادة القانون”، و”القيم الغربية” أساساً. أما بالنسبة لترامب، على العكس من ذلك، فإن السياسة الخارجية يجب أن تكون محكومة بالسعي الجامح من أجل تحقيق المزايا الاقتصادية والإستراتيجية.
قرارات عملية لا أوهام مثالية
على شبكة x في تشرين الثاني/ نوفمبر، قدم السيناتور مركو روبيو، الذي أختاره ترامب وزيراً للخارجية، ملخصاً موجزاً للنظرة العالمية للرئيس الجديد: فيما يتعلق بالشؤون الخارجية “يجب أن يرتكز الدور الأمريكي لا على أوهام مثالية، بل على قرارات عملية، تضع المصالح الوطنية الأساسية فوق كل شيء” ماذا يعني السيناتور روبيو بالضبط بالمصالح الوطنية الأساسية؟ من الصعب الجزم، حيث أن ترامب وروبيو تحدثا عن ذلك كثيراً وبطرق مختلفة ومتناقضة. ولكن تبرز أربعة مبادئ أساسية: إدامة التفوق العالمي للبلاد، واحتواء الصين، الاستفادة القصوى من التحالفات، وتأمين استخراج الموارد. هذه هي الأهداف الأساسية للسياسة الأمريكية.
لا شك أن الحفاظ على التفوق العالمي، كان الهدف الأساسي للسياسة الخارجية والعسكرية الأمريكية منذ نهاية الحرب الباردة. وهدف هذه السياسة منع ظهور منافس جديد.
المساعدات الأمريكية لن تستمر
السياسات الخارجية الأمريكية المرتقبة بعد تنصيب ترامب ستشمل تخفيف الدعم المقدم لكل من كييف وحلف الناتو، ترامب أكد مراراً وتكراراً أن المساعدات الأمريكية لن تستمر دون تفاوض على اتفاق سلام مع موسكو؛ هذا الاتفاق الذي سيلزم كييف التنازل عن خمس من أراضيها على الأقل لموسكو. نفس الحال هو منوال ترامب حيث طالب أعضاء حلف الناتو الأوروبيين الدفاع عن أنفسهم مع التلويح بخفض سقف المساعدات بشكل كبير.
يبدو أن هاجس الدفاع عن أوروبا أصبح قلق ثانوي، بهدف إحتواء قوة الصين. حيث أن الولايات المتحدة الأ مريكية، لا تمتلك القوة العسكرية اللازمة للتدخل في كل مكان. ولا يمكن تخصص الكثير من الموارد العسكرية والاقتصادية لمواجهة روسيا في أوروبا، حين يمثل الصينين الخطر الأكبر والأكثر خطورةً وأهمية.
جانب رئيسي آخر من سياسة ترامب الخارجية هي هوسه في إنتاج الموارد الحيوية والسيطرة عليها. من جانب آخر يبدو ترامب سيتخلى غن اتفاقيات الطاقة المتجددة والاستمرار في استخراج الغاز والنفط على أراضي الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التقدم التكنولوجي والاقتصادي على الرغم من أن البلاد مكتفية ذاتياً إلى حد كبير في هذا المجال.
ولا يخفي ترامب قربه من الدول المنتجة للنفط والغاز، وإقامة علاقا وثيقة معها، وخاصةً مماليك الخليج وبالأخص منها المملكة العربية السعودية. و هذه العلاقات تقوم اعتبارات عديدة منها مالية ومنها العداء المشترك لإيران.