كل ما تحتاج معرفته عن مزاعم تسريب معلومات من مكتب نتنياهو
بقلم: بيثان ماكيرنان – ترجمة: مهيار الحفار
قد تتسع الفضيحة المتعلقة بالتسريب المزعوم لمعلومات عسكرية سرية لوكالتين إخباريتين
من المعروف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مهووس بصورته وحريص على البقاء في منصبه، وهو ما يراه أفضل طريقة لتجنب الملاحقة القضائية بتهم الفساد المستمرة منذ فترة طويلة، التي دأب على نفيها.
وقد اتُهم نتنياهو، في الداخل والخارج، بالمماطلة في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة، بهدف إرضاء شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف، الذين قد يتسببون في انهيار حكومته. ويُقال أيضاً أن رئيس الوزراء على استعداد لإطالة أمد وتوسيع التدخل العسكري الإسرائيلي في المنطقة، من أجل تأجيل المساءلة عن الإخفاقات الاستخباراتية والأمنية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وقد أدى تسريب معلومات عسكرية سرية من مكتبه إلى وسيلتين إخباريتين إلى اعتقال خمسة أشخاص حتى الآن، وذلك لأن التسريب ربما أضر بفرص التوصل إلى اتفاق. بيد أن هذه المعلومات تم تحريفها والتلاعب بها لصالح موقف رئيس الوزراء بشأن محادثات الرهائن.
كيف بدأ كل هذا؟
في الصيف الماضي أضاف نتنياهو مطلباً مثيراً للجدل في محادثات الرهائن ووقف إطلاق النار، بعد التوصل إلى إطار مشروط بالفعل: وهو بقاء القوات الإسرائيلية على الحدود بين غزة ومصر . وقد قوبل الإنذار الجديد ببعض المفاجأة من جانب المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي لم تعتبره ضرورياً. ورفضته حماس، وفشلت المحادثات.
ثم دارت تساؤلات حول مقالين، أحدهما لصحيفة “جويش كرونيكل” البريطانية والآخر لصحيفة “بيلد” الألمانية الشعبية، نُشرا بفارق يوم واحد في أوائل سبتمبر/أيلول. وزعمت مقالة “جويش كرونيكل” ، استناداً إلى مواد اكتشفها الجيش الإسرائيلي في غزة، أن زعيم حماس يحيى السنوار خطط لتهريب نفسه والرهائن الإسرائيليين إلى خارج القطاع عبر مصر.
وقال تقرير بيلد إن وثائق حماس التي عثرت عليها القوات الإسرائيلية أظهرت أن الجماعة الفلسطينية المسلحة تخطط لإطالة أمد المحادثات لأطول فترة ممكنة كشكل من أشكال الحرب النفسية. وكانت قناة تلفزيونية إسرائيلية قد أطلقت ادعاءات مماثلة في وقت سابق من هذا العام.
ثم ماذا حدث؟
بسبب مخاوف من أن يؤدي نشر المقالات إلى تعريض جمع المعلومات الاستخباراتية للخطر، بدأ الجيش الإسرائيلي تحقيقاً في التسريب. وتراجعت صحيفة كرونيكل اليهودية عن قصتها بعد أن قال الجيش الإسرائيلي إنها تبدو ملفقة، وقطعت العلاقات مع الصحفي المستقل الذي كتبها بعد ظهور مخاوف بشأن مقالات أخرى ساهم بها. وتمسكت صحيفة بيلد بتقريرها، قائلة إن الجيش الإسرائيلي أكد صحة المادة.
وقد قوبل التقريران بالتشكك في إسرائيل، حيث لوحظ أن النقاط التي تناولتها المقالات تتوافق مع نقاط الحديث التي طرحها رئيس الوزراء نفسه في وقت كان تحت ضغوط غير مسبوقة للموافقة على صفقة بعد اكتشاف ستة رهائن قتلى في نفق في رفح.
وقتل الرهائن قبل وقت قصير من العثور عليهم من قبل القوات الإسرائيلية، مما زاد من الشكوك بين الجمهور الإسرائيلي في إمكانية إطلاق سراح الأسرى المتبقين من خلال عمليات الإنقاذ والضغط العسكري، كما أصر نتنياهو. كما زعم مرارًا وتكرارًا أن المتظاهرين الذين يدعون إلى التوصل إلى اتفاق “يقعون في فخ حماس”.
لماذا وصلت الفضيحة إلى ذروتها الآن؟
هزت هذه القضية إسرائيل منذ يوم الجمعة، بعد أن أعلنت المحكمة عن اعتقال خمسة أشخاص خلال الأسبوع الماضي في تحقيق مشترك بين الشرطة وأجهزة الأمن الداخلي والجيش بشأن “خرق مشتبه به للأمن القومي ناجم عن تقديم معلومات سرية بشكل غير قانوني”، الأمر الذي “أضر بتحقيق أهداف الحرب الإسرائيلية”، أي إطلاق سراح الرهائن.
تم تحديد اسم المشتبه به الرئيسي إليعازر فيلدشتاين، الذي قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إنه تم تعيينه متحدثاً ومستشاراً إعلامياً في مكتب رئيس الوزراء، بعد وقت قصير من هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023. وذكرت وسائل إعلام محلية أن الأربعة الآخرين هم جنود يخدمون في وحدة استخبارات مكلفة بمنع التسريبات، وتم الإفراج عن أحدهم. ومنذ ذلك الحين لا تزال العديد من التفاصيل تحت أمر حظر النشر.
القناة 12 الإسرائيلية قالت يوم الاثنين إن المحققين يعتقدون أن سرقة الملفات السرية من قواعد بيانات جيش الدفاع الإسرائيلي، والتي تم تسريبها لاحقًا إلى أفراد في مكتب رئيس الوزراء، كانت “منهجية”، وأن التقارير الإخبارية في المنافذ الأجنبية تعرض حياة الجنود والرهائن في غزة للخطر.
ماذا يقول نتنياهو؟
لا يُعتقد أن رئيس الوزراء مشتبه به في القضية وقد نأى بنفسه عن فيلدشتاين. وقد سعى إلى التقليل من أهمية هذه القضية، داعياً إلى رفع حظر النشر من أجل تحقيق الشفافية. كما لعب بورقته المفضلة: اتهام القضاء بالتحيز من خلال الإشارة إلى أن العشرات من التسريبات الأخرى المتعلقة بمفاوضات وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، ظهرت في تقارير إعلامية دون إثارة أي تحقيقات.
وفي يوم السبت، نفى نتنياهو أي تورط في التسريب، أو ارتكاب موظفيه أي مخالفات. وقال مكتبه إن فيلدشتاين “لم يشارك قط في مناقشات أمنية، ولم يتعرض أو يتلقى معلومات سرية، ولم يشارك في زيارات سرية”.
ماذا يحدث بعد ذلك؟
لايزال حظر النشر الجزئي قائما، مما يعني أن التفاصيل من المرجح أن تظهر ببطء، ولكن الفضيحة قد تتسع أكثر فأكثر. ففي يوم الثلاثاء، سمحت إحدى المحاكم بنشر خبر مفاده أن وحدة مكافحة الفساد التابعة للشرطة الإسرائيلية تجري تحقيقاً جنائياً يتعلق بالأحداث “منذ بداية الحرب”.
مرة أخرى منع أمر حظر النشر، ظهور الكثير من المعلومات، ولكن يُعتقد أن القضية تركز على مسؤولين في مكتب رئيس الوزراء يحاولون على ما يبدو تغيير مذكرات اجتماعات مجلس الوزراء، ونصوص الإحاطات الأمنية. ووصف مكتب نتنياهو التقرير بأنه “كذبة كاملة”.