فنون وآداب

مسلسل سراب: اقتباس مصري لا يشبه ما نعيشه؟!

فكرة الاقتباس قائمة منذ زمن بعيد في السينما المصرية، ولكنها طارئة نسبياً وغريبة عن روح الدراما التلفزيونية

أحمد صلال- العربي القديم

في إطار التشويق والإثارة تدور أحداث المسلسل المصري “سراب” المقتبس من المسلسل الأسترالي الشهيرseven types of ambiguity، حول طفل يختطف في السابعة من عمره في ظروف غامضة ويحاول والده كشف ملابسات ما حدث، ثم يعود الطفل سالماً لكن يبقى الغموض مستمراً، بينما تتوالى التحقيقات حول هذا الاختفاء لتكشف عن حقائق وعلاقات متشابكة تقلب كل شيء رأسًا على عقب.

العمل الذي يجسد بطولته خالد النبوي، يسرا اللوزي، هاني عادل، نجلاء بدر، دياموند بو عبود، وإخراج أحمد خالد، وتأليف هشام هلال تصدر التريند على منصات التواصل الاجتماعي في مصر هذا الشهر.

الجواد الخاسر

يبدأ العمل من خلال التعرف على أسرة طارق حسيب الذي لا يرضخ للعب مع طفله ثم يدخل إلى المنزل لتناول الطعام في جو أسري هادئ سعيد مليء بالإيمان والحب، وسرعان ما تتحول الأحداث فجأة بسبب جريمة الخطف. ويتفرغ طارق للبحث عن الجاني الحقيقي.

وما يجعل العمل غير متماسكا في جانبه الفني؛ هو سير الخط السردي  بضعف في المستوى العام والشخصي، وتحرك الأحداث العام، الأمر الذي يخلق تتابعا درامياً مفككاً وغير مشوق.

جاءت طريقة سرده للأحداث بطريقة كلاسيكية لا تحمس الجمهور المتوقع لطريقة مختلفة في تناول الأحداث؛ ثمة ضعف واضح في تناول الأحداث وكذلك هو الحال في التنفيذ، الذي كان قد طرح فكرة صعبة التنفيذ، كان الجواد الخاسر في سباقه الدرامي وراءها.

الاقتباس

فكرة الاقتباس قائمة منذ زمن بعيد في السينما المصرية، ولكنها طارئة نسبياً وغريبة عن روح الدراما التلفزيونية التي عنيت على مر عقود بسبر واقع الحياة المعاشة عبر كتاب مصريين مبدعين في التقاط مشكلات الواقع ومعالجتها، وأرى أنها فكرة تقوم على مسارين، مسار ضار إن كان الاقتباس له مثيل أو أفضل في الإنتاج المحلي. ومسار جيد إن كانت الفكرة المقتبس عنها لم يتم تناولها من قبل وتشكل إضافة للمحتوى الدرامي. وعملنا المطروق ينتمي لفئة النجاح المضمون في مضمار اللهاث وراء الإثارة والمشاهد الغنيمة.

يفهم المشاهد أن كل شيء في سياقه الدرامي يتحرك من داخل شخصية طارق حسيب، الذي أجزم أنها لم تصل للجمهور، البطل الأوحد خالد النبوي؛ هو يمثل كل شيء في هذا العمل.

ربما كانت أبرز السلبيات هي”المط”و”العلك” والحشو بالسيناريو في حين كانت حلقات المسلسل المقتبس عنه العمل 6 ,حلقات، جاءت النسخة المصرية في 10 حلقات.

 وهنا كان يكمن التحدي أمام المؤلف، الذي لم ينجح في خلق شخصيات من لحم ودم، واكتفى بمصرنة القصة، الذي هو بدوره فاشل بها، حيث جاء العمل في أغلبه في أجواء من السهر الأحمر المفتوح والنوادي الليلية والديسكوهات والقصور الفخمة والخمور ولباس البرندات، الذي يظهر أكثر مما يخفي والخيانات الزوجية والفشل العاطفي والأمراض النفسية، كولاج لا يمصرن مجتمع يقوم على القيم والأخلاق.

وهنا كان أمام المؤلف مهمة مفترضة؛ تقوم على العديد من التغييرات والتدخل والحذف والإضافة على النص الأصلي كي يلائم المجتمع المصري والمشاهد العربي، كل هذا جاء في جو أقرب للترفيهي الباذخ، الذي لا يشبه ما نعيشه ولا يلامس جوهر النمط المصري بخصوصيته البالغة أو العربي عموما

بناء الشخصيات

كل الشخصيات في العمل المطروق؛ حملت درجات من الضعف الدرامي في بنائها، ولكن يبقى أفشل وأضعف الشخصيات”طارق حسيب”الذي قام بدوره الممثل خالد النبوي.

الشخصية المفترض تناولها طارق حسيب يفشل نبوي في تقديمها وتناولها وإبراز متناقضاتها، حيث تأتي الشخصية غير جاذبة ومفرطة في العنف والجبروت والسطوة والمال والشهرة، إذ تشاهد ممثل لا يستطيع رسم شخصيته أمام الكاميرا، أكل عيش لا أكثر، ومازاد الطين بلة، سماجته في لغة الجسد وردات فعله الكربونية في كل مرة تشاهده لا يشدك إلى الشخصية والرغبة في معرفة بداياتها ونهاياتها.

خالد النبوي ليس أكثر من نجم يؤدي دوراً مكتوباً والسلام، ويبقى في عمله الدرامي فنان بلا رؤية أو وعي بمجريات الأمور بعمق خارج ما تنطق به الكلمات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى