العربي الآن

حرائق الساحل السوري: فوضى النيران وتضارب الروايات

فوضى إعلامية وحرائق مشتعلة واتهامات متبادلة بين الأطراف السورية حول مسبب النيران في الساحل السوري

ممدوح نجم * – العربي القديم

تشتعل الحرائق في ريف اللاذقية لليوم السادس على التوالي، مخلفةً وراءها دمارًا هائلًا يطال أكثر من 7 آلاف هكتار ونحو 25 قرية.

رغم الجهود الجبارة لفرق الدفاع المدني والإطفاء السورية، التي تدعمها أفواج من الدفاع المدني التركي والأردني، لا يزال المشهد ضبابيًا تحفه الرياح العاتية ومخلفات الحرب. وبينما تتضافر الجهود لإخماد النيران، تتصاعد حدة الجدل حول أسباب هذه الكارثة ومن يقف وراءها، لتتداخل الحقائق الرسمية مع روايات مضللة وادعاءات تحريضية.

النيران تستعر

أكد وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السوري، رائد الصالح، أنهم سيطروا على نسبة كبيرة من النيران، وأشار الصالح إلى أن الرياح الشديدة ومخلفات الحرب تشكل عائقًا أمام السيطرة الكاملة، وأن قرية قسطل معاف تعد من أكثر القرى تضررًا. ولحسن الحظ، لم تسجل أي خسائر بشرية جراء هذه الحرائق التي اجتاحت الغابات.

أعرب الوزير عن تفاؤله بالسيطرة الكاملة على الحرائق مساء اليوم إذا ما استقرت سرعة الرياح، مشيدًا بجهود رجال الدفاع المدني والإطفاء التي وصفها بالجبارة والعظيمة.

تأتي هذه التصريحات الرسمية في وقت تتواصل فيه عمليات الإغاثة والمساعدة، حيث انضمت فرق من الدفاع المدني التركي والأردني لدعم الجهود المحلية، مما يعكس حجم الكارثة واتساعها.

صراع الروايات

في خضم المأساة، تبرز روايات متباينة حول مسببي الحرائق والمستفيدين منها.

حيث كتب الدكتور فيصل القاسم على صفحته الشخصية في منصة فيسبوك” أن هذه الحرائق هي استكمال لشعار “الأسد أو نحرق البلد”، وهو الشعار الذي ينسب لمؤيدي النظام السوري السابق، ويشيرون بأصابع الاتهام إلى “أيتام النظام والمستائين من النصر”.

 ويروج آخرون لفرضيات مختلفة تمامًا، حيث تداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي  تسجيلًا مصورًا يظهر فيه مقداد فتيحة وهو يرد هاتفيًا على أحد “فلول النظام البائد” وسط حرائق اللاذقية بقوله: “وإن عدتم عدنا وبالملايين”. هذه الرواية، وإن كانت لا تحدد بوضوح أسباب الحرائق، إلا أنها تزيد من نار الطائفية المشتعلة في سوريا.

في المقابل، انتشرت تقارير إخبارية عن تورط قيادي في “قسد” في إشعال الحرائق. فقد زعمت طائرات استطلاع تابعة لجهاز الاستخبارات التركية أنها وثقت صورة لأحد عناصر قسد، وهو يشعل حرائق في جبال اللاذقية. المتهم هو قيادي من القامشلي، ويُعتقد أنه كان ينفذ “مهمة تخريبية تستهدف البيئة والغطاء الحراجي في الساحل السوري، في إطار تصعيد ممنهج يهدف إلى خلق فوضى بيئية وأمنية في المنطقة”.

وأشارت التحليلات الأولية إلى أن هذه العمليات التخريبية ليست عشوائية، بل “تأتي ضمن خطة مدروسة لإلحاق الضرر بالمناطق الحيوية والزراعية في الساحل، ما يعكس تطورًا خطيرًا في نمط العمليات التخريبية لبعض الأطراف المرتبطة بأجندات انفصالية أو انتقامية”.

دعوة لمدونة سلوك إعلامية صارمة

وفي وسط كل الفوضى الإعلامية والحرائق المشتعلة والاتهامات بين الأطراف السورية حول مسبب النيران في الساحل السوري، دعا الصحفي عبد العزيز العذاب إلى ضرورة وضع مذكرة سلوك للعمل الصحفي واتخاذ إجراءات صارمة بحق كل من ينشر الفتنة الطائفية. فالإعلان الدستوري يشكل مرجعًا قانونيًا صارمًا وكبيرًا في هذا الشأن، ويجب أن يكون الموجه الرئيسي لأي تشريع أو مدونة سلوك تنظم العمل الإعلامي.

المسؤولية تقع على عاتق الإعلاميين في التحقق من المعلومات، والابتعاد عن الشائعات، وعدم الانجرار وراء الأجندات التي تسعى إلى تقسيم المجتمع وتغذية الكراهية. فالكلمة، عندما تتحول إلى وقود للفتنة، يمكن أن تدمر أكثر مما تفعله النيران. لذا، يجب أن تضمن المدونة المقترحة التزام الصحفيين بالموضوعية والدقة، وأن تكون هناك آليات واضحة للمحاسبة لمن يخرج عن هذه المعايير، وذلك لضمان أن يظل الإعلام منبرًا للحقيقة والتنوير، لا أداة للتضليل والتحريض.

_________________________________________

*صحفي وكاتب سوري

زر الذهاب إلى الأعلى