هل من فرق بين بشار الأسد ودونالد ترامب؟
لا بد من خلعه من شروشه فقد تم إصلاحه أكثر من مرة والآن "كوع عدم الرجوع" تكلَّس من الداخل وضاقت فتحته عن المطلوب

عبد الرزاق دحنون – العربي القديم
سألتُ صديقي محمد حداد، معلم تمديدات صحية من حارتنا في المساكن الشعبية الجنوبية في مدينة إدلب في الشمال الغربي من سورية، عن الفرق بين خلع شختور تواليت عربي مسطوم، مسدود، لا يعمل – أجلّكم – وكرسي تواليت أفرنجي من البورسلان الأبيض المشهور. قال ضاحكاً -أضحك الله سنكم- فرق شاسع يا صديقي، وهذا الفرق يشبه خلع رئيس عربي من كرسي الرئاسة وخلع رئيس إفرنجي عن كرسي الرئاسة. قلت مستغرباً التشبيه: لم أفهم. قال: يا صديقي بعد نداء عاجل عبر هاتف المنزل الأرضي أذهبُ لإصلاح تواليت عربي في أحد البيوت وتكون الساعة قد قاربت العاشرة ليلاً يقول لك إن تواليت بيته في الدور الخامس من بناية “السعد” في حارة المهندسين قد طفح بالنجاسة. أسأله من أين حصل على رقم هاتفي في هذه الساعة المتأخرة من الليل فيقول حصلت عليه من صديقك عبد الرزاق دحنون، فأشتمه وأشتمك. ماذا أفعل غير حمل عدتي على دراجتي الهوائية والانطلاق إلى بيت عبد الفتاح الذي يسكن بناية “السعد” أسعد الله أوقاتكم بكل خير. وأقول في سري: يا فتاح يا عليم.
تتكهن أول الأمر أين العلَّة -تضرب مندلاً – الخبرة هُنا ليست ذات شأن، في أية “كوع” أو “تي” أو “عكس” حصل الاستعصاء. تسأل عبد الفتاح بعض الأسئلة فيشرح لك تاريخ مرض التواليت -أجلكم- ويقول لك: لو كان المكان أوسع لاستبدلناه بتواليت إفرنجي أنظف وأريح وخلصنا من الإصلاح وأوجاع الرأس.
ويكون جوابي صادماً: لا حيلة في اليد يا عبد الفتاح، لا بد من خلعه من شروشه فقد تم إصلاحه أكثر من مرة كما تقول والآن “كوع عدم الرجوع” تكلَّس من الداخل وضاقت فتحته عن المطلوب في الصرف الصحي، وفوق ذلك هو من معدن “الفونط” الذي بطل زيَّه من زمان، الآن نستعمل طرازاً آخر من “كوع عدم الرجوع” مصنوع من خلطة بلاستيكية أسهل في الجريان وأريح في الخلع والتبديل.
وتبدأ العدِّة اليدوية والكهربائية عملها في الكسر والحفر والنبش، لتكتشف بعد حين مصيبة أخرى تتمثل أمامك فصيحة، مواسير المياه الجارية التي تُغذي البيت بمياه الشرب أكلها الصَّدَأُ – صدأت أيام الساسة والحُكّام – نتيجة تسريب المياه المالحة من التواليت العربي.
والنتيجة يا صديقي لا بد من استبدالها بجديد وهذا يُكلِّف وقتاً ومالاً وجهداً، كنا في الطب صرنا في البيطرة، نحن نريد إصلاح التواليت العربي المسطوم صرنا في تمديدات المياه الجارية، المهم، كنا في شيء صرنا في شيء آخر، عندها تلعن الساعة التي رنَّ فيها هاتفك في عتمة الليل، لأنك بدأت العمل في بيت مأهول وليس من الأخلاق أن ترحل وتترك ساكنيه في حيص بيص. وبعد جهد جهيد وعمل شاق لا يُدركه من هب ودب ومشاحنات مع الجيران والنسوان تنهي العمل مع شروق شمس صباح يوم جديد.
أقول: طيب، هذه فهمناها يا محمد، أكمل جميلك، واشرح لنا حالة التواليت الإفرنجي؟ فيقول، واثقاً مما يقول: برغيان أحدهما على اليمين والآخر على اليسار فكهما واستبدل القديم بآخر جديد وانتهت الحكاية.