الرأي العام

الرأي العام في الضفة الغربية: السلطة الفلسطينية في مواجهة عامليْن ضاغطين

دينيس روس

منذ التصريحات الأولية “المؤثرة” للرئيس بايدن بشأن هجوم 7 أكتوبر، أظهرت التصريحات والأفعال الأمريكية دعما لا لبس ّ فيه لإسرائيل، وتفهما كبيرا للتهديد الذي تواجهه. فالولايات المتحدة لم تدعم إسرائيل في الأمم المتحدة فحسب، بل نشرت أيضا مجموعتين من حاملات الطائرات الهجومية في المنطقة، واعترضت الصواريخ والطائرات بدون طيار التي أطلقتها قوات الحوثيين في اليمن.  ومن خلال اتخاذ هذه الخطوات، ركزت الإدارة الأمريكية على ردع فتح جبهة ثانية، ودعم الهدف الرئيسي لإسرائيل (أي عدم مواجهة أي تهديد من «حماس» مجددا)، وتقليل التكلفة البشرية في غزة.

في الوقت نفسه، حذرت الإدارة الأمريكية إسرائيل من الصعوبات التي تواجهها حملتها البرية في منطقة حضرية كثيفة السكان مثل غزة، مستخدمة التجارب العسكرية الأمريكية بالفلوجة والموصل في توجيه مناقشاتها مع المسؤولين الإسرائيليين. وعلى الرغم من أنه قد لا يتم تقدير الاختلافات بين تلك التجارب والواقع الحالي في غزة بشكل صحيح، فإن الدروس المستفادة منها لا تزال تؤثر في ذهنية واشنطن.

ويُعد التواصل أساسيا في هذه المرحلة. ومن دون تواصل واضح، ستستمر صور الحرب ّ المروعة في خلق التوتر والضغط الشعبي في المنطقة، والخسائر بالأرواح في صفوف المدنيين الفلسطينيين. لذلك لا بد، ولو جزئيا، تخفيف الضغط من خلال فتح المزيد من الممرات للمساعدات الإنسانية، وخلق فترات توقف مؤقتة، للسماح بالمزيد من حركة المدنيين وتسليم المساعدات. وتضطلع هذه الأهداف بأهمية قصوى لدى واشنطن، فالضغط الدبلوماسي الأمريكي سينتقل من الأوساط الخاصة إلى العامة إذا لم تنفذ هذه الهدن، وتجدر الإشارة مجددا إلى أن الصور ومقاطع الفيديو المأساوية القادمة من غزة تؤثر بشدة في الرأي العام بالدول العربية.

إن اتخاذ خطوات لتوفير مناطق آمنة، وتقديم المساعدة للفلسطينيين يمكن أن يساعدا في تقليل الضغط الذي دفع الكثير من الحكومات الإقليمية إلى الضغط من أجل وقف إطلاق النار.  من جهة أخرى، ترسم وجهات النظر الفلسطينية والعربية حول الحرب صورة مختلفة تماما عن تلك التي ترسمها المصادر الإسرائيلية، ولا سيما مع تحويل الأحداث التي وقعت في 7 أكتوبر إلى أحداث ثانوية، بينما يجري بسرعة تداول الصور والقصص عن المعاناة الفلسطينية الشديدة في غزة، مما يفرض المزيد من الضغوط الشعبية على القادة . وعلى الرغم من هذه الضغوط، ظلت الضفة الغربية هادئة نسبيا حتى الآن، ُقتل فيها ما يصل إلى 150 فلسطينيا التي حتى تاريخ كتابة هذا المقال خلال الأزمة الحالية. في حين أن المؤامرات الإرهابية وعنف المستوطنيت الإسرائيليين آخذان في الازدياد . مع ذلك، فإن التوترات والاشتباكات ليست محتدمة بقدر ما يمكن أن تكون عليه.

وبطبيعة الحال، قد ينقلب هذا الوضع رأسا على عقب، نظرا للضعف الحالي لـ«السلطة الفلسطينية»، حيث دخل قادة السلطة الأزمة وهم يواجهون عاملين ضاغطين رئيسيين:

  • الرأي العام في الضفة الغربية الذي يدين بشدة «السلطة الفلسطينية» وإسرائيل في الوقت نفسه.
  • والوزراء الإسرائيليين الذين يستهدفون السلطة الفلسطينية عمدا من خلال خطاباتهم وسياساتهم اليمينية المتطرفة.

يجب أن يحظى تحقيق استقرار “السلطة الفلسطينية” والضفة الغربية بالأولوية.

المصدر: معهد واشنطن 

زر الذهاب إلى الأعلى