مؤرخون فرنسيون يسخرون من فيلم المخرج البريطاني ريدلي سكوت عن نابليون بونابرت
بعد بدء العرض الجماهيري له في كل من باريس ولندن ونيويورك والقاهرة هذا الأسبوع، بدا أن فيلم (نابليون بونابرت) الذي يقدم جزءا من التاريخ الفرنسي، ويروي سيرة الشخصية الإمبراطورية الأشهر والأكثر إثارة للاعتزاز في ذاكرة الفرنسيين، مرشحا ليكون الفيلم الأكثر إثارة للجدل والاختلاف، وخصوصا في ظل الحساسية التقليدية بين الفرنسيين والبريطانيين.
ويروي الفيلم الذي كتبه الأمريكي دافيد سكاربا، قصة حياة بونابرت، الإمبراطور الفرنسي والقائد العسكري، والمحرك الرئيسي في انقلاب 1799، والذي توّج نفسه إمبراطوراً للفرنسيين في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول 1804، وقمع فرنسا بعد ذلك وأسس دولة بوليسية، متنقلا بين السياسي والشخصي وباحثاً في نشأة بونابرت وصعوده السريع إلى منصب الإمبراطور، وعلاقته المتقلبة مع زوجته وحبه الحقيقي جوزفين. ناهيك بالطبع عن تصوير معارك نابليون الشهيرة وطموحه الدؤوب وعقله الاستراتيجي المذهل، كقائد عسكري استثنائي وصاحب رؤية حربية.
مخرج الفيلم البريطاني ريدلي سكوت، المولع بالدراما التاريخية والملحمية، والذي عرفه المشاهد العربي من خلال فيلم (مملكة السماء) عن سيرة صلاح الدين الأيوبي والحروب الصيليبة، أثار حفظية الفرنسيين منذ البداية، بعد ان اتهموه بأنه وقع في أخطاء تاريخية، في حين منحته صحف بريطانية بارزة كالغارديان والتايمز الأوسمة وعلامات التقدير التامة.
التاريخ برواية بريطانية
وبينما حصل الفيلم على تأييد كبير في الصحف البريطانية؛ حيث أعطته صحيفة (الغارديان) تصنيف خمس نجوم؛ وأعطته صحيفة التايمز أربع نجوم واصفة إياه بالفيلم المذهل والممتع. شنت الصحف الفرنسية حملة شعواء على الفيلم ومخرجه البريطاني فقالت صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية ساخرة: إنه يمكن إعادة تسمية الفيلم «باربي وكين تحت الإمبراطورية» أما مجلة (جي كيو) الفرنسية فقالت إن هناك شيئاً «مرتبكاً للغاية وغير طبيعي ومضحك، ولكن بغير قصد في رؤية الجنود الفرنسيين عام 1793 وهم يهتفون “تحيا فرنسا” بلهجة أميركية».
وكانت ذروة الهجوم من المؤرخة باتريس جينفي المختصة بكتابة سيرة نابليون التي وصفت الفيلم في مجلة (لو بوان) الفرنسية بآنه «مناهض لفرنسا ومؤيد للغاية لبريطانيا وفيه محاولة لإعادة كتابة التاريخ برواية بريطانية» كما انتقد المؤرخ باتريس غينيفيه في (لوبوان) أيضا، ما أسماه: «الصورة الكاريكاتيرية التي أعطاها الفيلم عن نابليون كغول كورسيكي طموح، متفاخر ومتجهم، ومثير للاشمئزاز أيضا في علاقته مع زوجته جوزفين» التي تؤدي دورها فانيسا كيربي.
في صالات العرض الباريسية اختلفت آراء الفرنسيين الذين حضروا الفيلم، كما أفاد مراسل (العربي القديم)، إذ لاحظ بعضهم ضخامة العمل الذي بلغت تكاليف انتاجه 200 مليون دولار، وأخذ عليه آخرون في المقابل “الأخطاء التاريخية” التي يحفل بها، واعتبروه مسيئا إلى شخصية وطنية، فيما جاء موقف النقاد مائلا إلى الفتور، إذ لم تجاوز العلامة التقييمية للفيلم 2.9 على 5.
وقال كليمان بيّيه بعد مشاهدته الفيلم في سينما “بارادي” في فونتينبلو بجنوب باريس “إنه هراء! لا، لم يعجبني”.
ورغم إقراره بأن المخرج البريطاني تمكنّ “بشكل جيد إلى حد ما” من تحقيق التحدي المتمثل في “سرد حياة نابليون في ساعتين وأربعين دقيقة”، لم تقنعه على الإطلاق مشاهد المعارك التي تُعدّ مع ذلك أبرز ما في الفيلم.
أما جاك لوك فوصف الفيلم بأنه “خيبة أمل كبيرة”، وانتقد “الأخطاء التاريخية فيه ومهاجمته نابليون”، الذي أدى دوره الممثل جواكين فينيكس. فيما شددت ماري لور جان موجان على أن بعض مشاهد الفيلم “غير الضرورية أساءت إلى صورة” نابليون الذي يشكّل في تاريخ فرنسا “شخصية استثنائية، سواء أكان المرء يحبه أم لا”.