بصمات | متشابهون مثل بيض المداجن
د. علي حافظ
وصفت لغة الإعلام السوري بـ “الخشبية”؛ وهذا يعود طبعاً إلى النظام نفسه الذي حدد للمسؤولين القائمين عليه والموظفين الظاهرين على قنواته وإذاعاته باستمرار، طبيعة تلك اللغة الشحيحة بمفرداتها وإنزياحاتها ومجازياتها…
ورغم ذلك، أعتبر هذا الوصف مجحفاً بحق الخشب، الذي يتمتع بأرواح وألوان وتعريقات متنوعة، وله روائح عذبة وزكية؛ بينما الأسد ومسؤوليه وإعلاميه هم مجرد زمرة رمادية باهتة لا يتمتع أفرادها بأي شيء مميز!
كذلك، لا يمكن وصفهم حتى بـ “القمامة”؛ لأن هناك بون شاسع بينهم وبين أنواعها المختلفة؛ والتي يمكن تدويرها وإنتاج أشياء كثيرة مفيدة منها.. إنهم أقرب للبلاستيك المعالج عشرات المرات، والذي لا ينتج عنه شيء في النهاية غير السخام البلاستيكي!
وهكذا، كلما جلست لسماع ما يقوله الأسد، أو أحد مسؤوليه، أو إعلاميه، في خطاباتهم أو لقاءاتهم أوتصريحاتهم، أشعر بالقرف والغثيان، لدرجة أنني أتوقف مباشرة عن سماعهم، وأطرح على نفسي بعض الأسئلة: من أين يأتي هؤلاء بكلامهم الهلامي؟ من أين لهم كل هذا الهراء؟ أي نوع من التفاهة يمثلون؟ إلى أية درجة من الانحطاط وصلوا حتى يعبرون بتلك الطريقة المخزية؟ كيف يستطيعون إخراج كل هذا الرغاء والزبد من أفواههم الكريهة؟ كيف يمكنهم أن يحملوا كل هذا البصاق فيها، ومن ثم يصبونه على كل من يشاهدهم أو يستمع إليهم؟
هذا الأمر لا يتوقف على ماهية المسؤول أو وظيفته أو منصبه أو درجته العلمية أو منطقته وأصله، بل يشمل الجميع.. الجميع متشابهون بالحديث والمنطق والشكل واللباس والرائحة الكريهة.. الجميع متشابهون مثل بيض المداجن!
إنك أمام مسرح خاص للعبث والهزل والسخرية، أبطاله يخاطبون جماهيرهم بلغة جلدية جافة محشوة بالكذب والافتراء، لدرجة أنه لا يستطيع أحد غيرهم الإبداع في مثل هذا الدجل والخداع والاحتيال.. إنهم يكذبون في كل كلمة يقولونها؛ وهم قادرون على إغراق جميع المجاري الإعلامية بقذاراتهم، ليس في سورية وحسب، وإنما في المنطقة بأكملها!
رغم كل محاولاتهم البائسة أن يكونوا جديين وموضوعيين، إلا أنك تجد الغباء ظاهر بوضوح على وجوههم ونظراتهم وحركاتهم وقوامهم، ليقدموا أنفسهم – في أحسن الحالات – كمجموعة من الكوميديين البائسين، الذين لا يمكنهم سوى إضحاك الآخرين عليهم!
ومع ذلك هم دائماً على صواب، بحيث لا يعترفون بالذنب أبداً، ويرفضون جميع الاتهامات على الفور حتى عندما يكون من الممكن تخفيف الموقف لصالحهم، لأنهم سيفقدون بذلك عرق وجوههم المصفرة أمام جمهورهم الغبي مثلهم.. هم دائماً على صواب وحق، بحيث لا يمكنهم حتى الاعتذار تحت أي ظرف من الظروف.
إحدى مفارقات السلوك العام للسلطات الأسدية هي الفجوة بين كلامهم وأحاديثهم وخطاباتهم وتصريحاتهم، والواقع الذين يعيشون فيه. ومع ذلك يصرون على مثل هذا النوع من الثرثرة القطيعية المستدامة… تكمن المشكلة في كونهم قادرون على الاستمرار بهذا الهراء إلى الأبد!
احسنت دكتور علي فعلا للخشب روح وهم بلا روح
qOTentKCLsHXykm