حي الرمال في غزة: نشأ أيام الانتداب البريطاني ودمرته إسرائيل عام 2023
العربي القديم- خاص
يعتبر حي الرمال الذي دمرته طائرات الاحتلال الإسرائيلي في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أحد أرقى أحياء مدينة غزة، وهو يقع بمحاذاة الخط الساحلي على البحر الأبيض المتوسط في وسط غزة على بعد 3 كيلومترات من مركز المدينة، متوسطا شارع عمر المختار الذي يصل بين الجزأين الشرقي والغربي لغزة.
ومن أبرز المعالم الحي الذي كان يضم المجلس التشريعي الفلسطيني، حديقة الجندي المجهول، برج فلسطين، والجامعة الإسلامية؛ فضلا عن أنه كان مركزا تجارياً هاماً في غزة نظراً لموقعه الجغرافي قرب شاطئ المدينة، وبين شطريها الشرقي والغربي.
مولود جديد على أطراف المدينة
وعن تاريخ إنشاء حي_الرمال، كتب د. أباهر السقا في كتابه (غزة: التاريخ الاجتماعي تحت الاستعمار البريطاني 1917- 1948) الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2018:
كان حي الرمال في بداية الحقبة البريطانية يقع على أطراف المدينة التي تعج بالكثبان الرملية قبل الوصول إلى البحر، وكانت هذه الكثبان نتيجة زحف رمال البحر، فعمل رئيس بلدية غزة فهمي الحسيني (وهو شخصية وطنية تولى رئاسة بلدة المدينة بالانتخاب عام 1928) على إنشاء حي جديد فيها، لم يكن فيه إلا عشرات البيوت في المناطق القريبة من شارع عمر المختار، وخصوصاً في جانبه الشمالي.”
من كثبان رملية إلى حي راق
نشأت غزة الجديدة التي قرر الحسيني بناءها عبر التوسع في المدينة، من خلال سياسة تشجيع السكان على تملك أراض فيها. ولتشجيع الناس على الانتقال إلى هذه المنطقة، أنشئت خزانات للمياه بسعة 3000 متر مكعب. وبدأ الناس بشراء أراض، وكان المواطن يدفع جنيهاً ويقسط 3 جنيهات على مدار عشرين عاماً، وكانت مساحة القسائم بين 100 و 1500 متر. وبالتالي حول فهمي الحسيني الكثبان الرملية المحاذية لشاطئ البحر إلى أحد أرقى أحياء مدينة غزة خلال الحقبة البريطانية… وفي الفترة 1928- 1939، تحسنت الخدمات للمواطنين، وألزم السكان بالاشتراك بشبكة المياه.”
غزة الجديدة هو حي به شوارع واسعة وأرصفة، وتفصل مسافة بين البيوت فيه، ونتيجة هذا التوسع تقرر توسعة المدينة في اتجاه الرمال وأراضي المنتزه البلدي، أي إلى الحي الغربي… شهدت المدينة في الثلاثينيات ومع بداية الأربعينيات حركة بناء وعمارة ملحوظة. كان البناء في غزة قد تغيّر خلال فترة الحكم البريطاني، من النمط المعماري العربي-الإسلامي إلى النمط البريطاني، وتم تحديد علو العمارات بحسب قانون العام 1938 الذي حدد علو العمارات بعلو 10 أمتار، ولم تعرف غزة الأبراج العالية إلا في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. وبناء على ما سبق، وكما هي الحال في كثير من المدن، شهدت المدينة حراكاً جغرافياً، أدى إلى حراك اقتصادي واجتماعي.”
لبنة أساسية للمدينة الجديدة
يعد حي الرمال اللبنة الأساسية للمدينة الجديدة ذات الشوارع الواسعة والأرصفة، وفي سنوات لاحقة أصبحت تتمركز فيه المؤسسات العامة، والهيئات، والنوادي، وأماكن الاصطياف، والمطاعم، والشوارع الواسعة والأرصفة للتنزه… وفي أزمنة تاريخية لاحقة، جرت مجموعة تغيرات على هذا الحي فأصبح حيين: شمالياً ومركزياً (الحي الأول الأصلي) وجنوبياً، وأعاد هذا توزيع علاقة السكان بالمركز والأطراف في فضاء حضري، إذ تمددت مدينة غزة نحو البحر في اتجاه الشمال والشرق والغرب حتى البحر، والواضح أن المدينة شهدت تطوراً عمرانياً ملحوظاً ونهضة حضرية ناشطة.”