13 سنة ثورة | من حرف الثورة... ومن تصدّر مشهد الارتزاق؟!
العربي القديم – نوار الماغوط
إلى كل السوريين
تحية لسوريا، تحية لأبناء سوريا، وتضحياتهم، تحية الثورة والحرية .
تحية الحدث الأهم في تاريخ سوريا الحديث .
ثورة 15آذار، الثورة التي تجمعت ضدها كل دول العالم الاقليمية والدولية على حد سواء، لمعرفتهم الأكيدة بارادة هذا الشعب ورغبته الأكيدة في التخلص من نظام فاشي وفاشل، أنهى الحياة العامة في سوريا، وأورثها الهلع و الرعب والجوع والخوف، وساهم في الانقسامات والخراب الشامل في كل مجالات الحياة ..
كثيرة هي الأسباب التي دفعت السوريين إلى الخروج في كل قرى ومدن سورية، تطالب بالحرية والكرامة وبتحقيق العدالة والمساواة، وتصاعدت المطالبات بإسقاط النظام بعد فشل الدولة في الإفراج عن الأطفال الذي اعتقلهم الأمن في درعا، والاستفزازات المهينة التي تعرضوا لها أهاليهم من الضابط عاطف نجيب الذي لم يتمكن رئيس البلاد وقتها بشار الاسد من معاقبة هذا الضابط، وهو الموقف الذي أشعل الثورة بشكل مباشر!
ولكن هناك أسباب غير مباشرة عديدة دفعت للثورة، من أهمها ضعف هوامش الحياة السياسية، بل إن الحياة السياسية معدومة بعدما اختزلها النظام بـ “الحزب القائد” والأجهزة الأمنية المختلفة، ثم أصبحت أسرة الأسد هي محور الحياة، يدور حولها المنتفعون والتجار الكبار، وكبار المسؤولين في الحزب والدولة. وهذا ما جعل الأجهزة الامنية تتغول في حياة السوريين وتصبح كابوساً مرعبًا في كل الوقت وفي أي مكان .
وعاماً بعد عام، كانت هذه العوامل الضاغطة ناهيك عن انتشار الفساد المتصاعد، تسهم في تهيئة ظروف عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في سورية فضلاً عن ازدياد الهوة الطبقية العميقة، بين الطبقة الحاكمه لحزب البعث وجبهته الوطنية التقدمية الشكليه والشعب المقهور والفقير.
تأخذنا الذكريات الى فترات عاشتها سوريا وويلات حرب النظام على شعبه مازلنا نتذوق مراراتها، التي امتدت لأكثر من ثلاثة عشر عامًا انقسم فيها الشعب السوري المعارض للنظام إلى قسمين: بين من يحب بلده حقاً ويعمل من أجل إحلال الحرية والكرامة، وبين من يستفيد من الثورة ويركبها ليصفي حساباته القديمة مع كافة أعدائه الشخصيين، ويخرج كل عقده باسم الثورة والحرية والكرامة.
لا تختلف الثورات كثيراً بين بلد وآخر لأن فمن يقوم بها هم البشر وهؤلاء فيهم المخلص وفيهم دون ذلك. ولا ننسى ما للعناصر الأجنبية الدخيلة من دور ومصالح تعمل على تحقيقها مستفيدة من الصراع الدائر بين أبناء الوطن الواحد.
فالنصر لا يُطلب من الآخرين، إن في طلبه خيانة، وفي الحالة السورية لم يكن استجداء الآخرين حالة عفوية، بل مدروسة ومخطط لها إنها تحايل على ثورة شعب وقمع لها… إنها خيانة!
إن هدف الثورة الأساسي النهوض بحياة الناس، بل صون الكرامة الانسانية، لجميع أبناء البلاد المهمشين وجعلهم أكثر وعياً وإدراكاً للأمور التي تحول دون حقوقهم.
الثورة السوريةً كانت تهدف إلى القضاء على النظام، ولكنها تحولت إلى ساحة صراع دولية على الأراضي السورية من كل الجنسيات، قُبل فيها المتطوعون كأطراف داخل المعركة، في إطار التحالفات المعروفة بين أنصار الفصائل المتنازعة، وذلك بدعم من أطراف سياسية لدول كبرى، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية، تدعم فيه الطرف الذي يوافق أهواءها ومصالحها، ويضمن لها استمرار التبعية لها.
الشعب السوري واحد واحد واحد في المعاناة والألم والقهر، إلا نيّف من الأنذال سواءً أكان معارضاً أو مؤيداً للنظام، أما “واحد” من الوحدة الوطنية، فهي حقيقة مُرتجاة، ولكن وهمية لا وجود لها على أرض الواقع اليوم، ولا في إرادتنا الجمعية.
إن أمراء الحرب في الداخل و الخارج وتشكيلاتهم التي أبقت سوريا في الأسر، باتوا امتداداً للنظام، ولم يرتقوا لمبادئ وقيم ثورة السوريين الباهظة الثمن، الثورة الجماهيرية الأكثر إشراقا في تاريخ سوريا الحديث.ة
نعم… هناك من سعى لحرف مسار الثورة وارتكب أخطاءً كارثية أدت للانقلاب عليها، وربما ما حدث كان مخيبا للآمال لدى شرائح واسعة من المؤمنين بالثورة، فقد انقسم أهل سوريا ما بين مؤيد ومعارض، ولم يسقط النظام بل سقطت قيم الثورة في يد حركات راديكالية تعتنق أفكارا متطرفه، وتتبنى عقيدة سياسية لا تختلف عن عقيدة النظام الذين ثاروا ضده!
ومما يؤكد ذلك أن أبرز الشخصيات في المعارضات السورية التي تصدرت المشهد هم إما مؤيدون سابقون لنظام الأسد، أو ينتمون إلى تيارات الإسلام السياسي، وبالتالي فإن النظام السوري وهذه المعارضات وجهان لعملة واحدة، كل وجه تاجر بسوريا المنكوبة وشعبها الجائع على النحو الذي يجيده.. والمجتمع الدولي لم يبقِ للسوريين إلا خيارين: السيء والأسوأ، النظام السوري يُمثل الخيار السيء والمؤسس لكل سوء بلاشك، والمعارضات السورية تُمثل الأسوأ من حيث خيبة آمال الناس فيها.
هذا الإخفاق الكبير صنعه الذين كانوا يقودون الثورة من داخل مؤسسات المعارضة ، الذين كانوا يملكون نفوذا وتواصلا مع جهات دولية واقليمية، وتأثيرا على الرأي العام الدولي والسوري، لا أريد الخوض في هذه المسألة بالأسماء والوقائع، فمعظم السوريين يعرفون كيف تم إدارة هذا الملف، وكيف تم تسويق هذه المعارضة للسوريين ولدول الإقليم وللعالم.
إنني أدعو كل الذين كانوا شهودا على تلك المرحلة ولديهم معلومات حول التدخلات المريبة التي أدت لانهيارالثورة للحديث عن كل ما يعرفونه، كبراءة ذمة تجاه الله والوطن والسوريين، إننا نحتاج لهذه المعرفة لأن هذا يجعلنا أكثر يقظة في المستقبل وأكثر قدرة على التصدي للمحاولات المتكررة التي تسعى لعدم خروج ثورتنا من نفقها المظلم، وهذا لن يتم دون تحقيق شامل يكشف المستورعما حدث، ويقصي كل مقصر أو متواطئ على إفشال ثورتنا .
وهي رغبة جماهير شعبنا بأسره أن ترى ذلك يحدث في يوم ما، فهذا سوف يمنح الشعب قوة لن يجرأ احد بعدها أن يدعي تمثيل الثورة الا اذا كان جديرا بها
وليقول الشعب السوري لا لمن يرفعون شعارات الصمود والتصدي الصمود على الكراسي و والتصدي لمن يقترب منها ويعملون على إعادة كتابة تجاربهم بحبر الفشل والخراب .
ما يحدث اليوم ما هو إلا استمرار لحرب الثورة المضادة على شعبنا، وهي حرب بالوكالة خدمة لأعداء شعبنا في الخارج وفي الداخل أعداء لا تريدينا أن نحيا أحرارا ونتمتع بالكرامة والعدالة والمساواة بين الجميع، والكل شركاء في الوطن.
سوريا بلدنا المعذّب، وهذا الأرض لنا، جوا وبحرا وفضاءً، وليس من حق أحد بيعها أو تاجيرها أو تملكها. وكما تعلمون، لم ينتعش في هذه الحرب سوى أمراء الحرب والعصابات التي ينتمون لها التي تقوم بسرقة المال العام والخاص، وانتعش أيضا المرتزقة من الكتاب والصحفيين الذين يعملون عند الاخرين باسم الثورة، هذا الارتزاق الذي يجري تحت رعاية دول أصدقاء الشعب السوري، وربما تحت رعاية سوريا نفسها
ويبدو أن حل الصراع السوري وإعادة بناء البلاد أمر صعب. ويعتمد النظام على الدعم المالي من روسيا وإيران. وتربط أوروبا التزامها بالمساعدات بمطلب الإصلاحات السياسية ، من بين أمور أخرى، سلامة عودة اللاجئين، لكن الحكومة السورية ترفض حتى الآن جميع المطالب. ومع ذلك، حتى الإصلاحات التي من شأنها مكافحة الفساد والعنف والافراج عن المعتقلين
لذلك لا يوجد سوى حل وحيد قابل للحياة في سوريا وهوقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 والبدء فورا، بالإفراج عن المعتقلين وكشف مصير المفقودين ووضع خطة زمنية محددة لمغادرة كافة القوات الأجنبية، وتهيئة الظروف لعودة آمنة وكريمة وطوعية للاجئين والنازحين وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت اشراف عربي ودولي بمشاركة سياسية من الجميع. غير ذلك ستبقى النكبة مستمرة
ختاما، أود أن أوجه تحية لكل الذين شاركوا في الثورة السورية، والذين لم يشاركوا وكان لديهم موقف متشكك أو رافض لها، لكنهم اليوم يقفون معها، ولا شكرا لأولئك الذين مازالوا خدما عند السلطة، فرطوا بكرامتهم من أجل الحصول على مكاسب من هنا أو هناك، وهنا نوجه نداء الى كل الشعب السوري بكل مكوناته للالتفاف حول ثورة موحدة لبناء دولة موحدة نظامها ديمقراطي جمهوري يضمن التعددية السياسية، واحترام القانون وتنفيذه. المجد و الخلود لشهداء الثورة والنصرللسوريين.
كانت انطلاقة الثورة في 18/3/2011 ولم تكن قبلها، وما كان من وقفات احتجاجية امام الداخلية او حشود تهتف بحياة القائد في حادثة صفع شرطي المرور لشاب في شارع الثورة امام سوق الحميدية هي بدايات ثورة ..
ايضا يحاول اصحاب ما يسمى ربيع دمشق الاشارة والتلميح الى جر الثورة الى حظيرتهم وتزييف الحقائق ..
ليتنا ننصف الثورة اولا في بدايتها بتاريخ 18/3/2011 وكل ما قبلها ارهاصات تمهيدية للثورة، وترانا في كل عام تطل مسالة ال ١٥ برأسها لسحب البساط من تحت اقدام الثورة وبدايتها الحقيقية.