العربي الآن

لماذا لا ينزعج محور المقاومة من نذالة الأسد مع غزة؟ فرانس برس تجيب على طريقتها

العربي القديم – خاص

لماذا لا ينزعج محور المقاومة من نذالة الأسد مع غزة؟! ولماذا لم تشتعل حتى المظاهرات في دمشق دعما لغزة قبل أن تشتعل الجبهات؟!

سؤال يدور في الشارع الفلسطيني، كما السوري واللبناني، في ظل غياب أي لوم أو عتب لنظام الأسد المحسوب على محور المقاومة، في أي من وسائل الإعلام التابعة لهذا المحور أو القريبة منه.

 لا بل على العكس… فأمين عام ميليشا حزب الله حسن نصرالله قال في خطاب سابق له، أن سوريا “برغم ظروفها الصعبة، تحتضن المقاومين وحركات المقاومة وتتحمل تبعات المواجهة” مع إسرائيل، منوهاً بموقفها “السياسي الحازم والقوي”. وأضاف في منطقه التبريري المتغابي: “في قلب هذه المواجهة، لا أعتقد أن أحداً اليوم يطالب سوريا بأكثر من ذلك”.

وكالة الصحافة الفرنسية التي يرتبط مراسلوها في سوريا ولبنان بصلات صداقة وثيقة مع نظام الأسد، عالجت هذا الموضوع في تقرير حمل عنوان: “سوريا المنهكة بعد سنوات من النزاع تنأى بنفسها عن الحرب في غزة” ومنذ البداية، سار التقرير منحى تبريرياً وتجميلياً حيث يقول: 

“بعد 13 عاماً من نزاع دام في سوريا، يحاول الرئيس بشار الأسد الموازنة بين داعمتيه الرئيسيتين: إيران، عدو اسرائيل اللدود والتي سارعت ومجموعات موالية لها الى “مساندة” حركة حماس، وروسيا التي تدفع باتجاه الاستقرار في المنطقة”.

هكذا تطلق فرانس برنس اسم “النزاع” على الثورة الشعبية التي اندلعت ضد حكم الأسد الذي ورث الحكم عن أبيه بالقوة، رغم أن النظام الجمهوري لا يسمح بالتوريث، وهذا ليس جديدا على فرانس برس بالطبع، ولا محاولة الوكالة القول أن بشار الأسد يملك زمام أمره، وهو يحاول الموازنة، بينما هو في واقع الحال ألعوبة بيد الروس والإيرانيين.. ينفذ أوامرهم ويبيع مقدرات البلاد وثرواتها، وتتحول أجهزة أمنه إلى عصابات مهمتها قمع الناس الذي يعيشون في مناطق سيطرة حلفائه وميليشاته.

التقرير كشف أن مصدرا دبلوماسيا غربياً قال لوكالة فرانس برس أن “الأسد تلقّى تحذيراً واضحاً من الإسرائيليين، بأنه إذا ما استُخدمت سوريا ضدهم، فسوف يدمرون نظامه”.. وفي هذا اعتراف أن قدرة إسرائيل على تدمير نظام الأسد الذي يفترض أنه “عدوها” قائمة ومتاحة، لكن إسرائيل لا تستخدمها، لأنها بحاجة لبقائه، فهو باق بقرار إسرائيلي.

ويقول المحلل في معهد واشنطن أندرو تابلر إن روسيا ودولة الإمارات العربية المتحدة، التي استأنفت علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق عام 2018 “حثّتا الأسد على البقاء بمنأى عن النزاع” الدائر بين حماس وإسرائيل منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر).

ويقول العارفون بنذالة الأسد، ومثله إيران بالطبع، إنه لم يكن بحاجة لأن تحثه روسيا أو الأمارات العربية المتحدة على أن يبقى بمنأى عن حرب غزة، فهو سيبقى لأن من شرد السوريين وقتلهم لن ينصر أهل غزة ويحميهم من التشرد، ولأن قراره بيد إيران وبيد روسيا. فإيران تعتبر بقاء نظام الأسد أهم من غزة وحماس وكل فلسطين التي تتاجر بها.

وزارة الدفاع الروسية كانت قد أعلنت في الرابع من الشهر الحالي عن إنشاء مركز إضافي في الشطر السوري من الجولان مهمته “مراقبة وقف إطلاق النار على مدار الساعة وخفض التصعيد” بين القوات الإسرائيلية والجيش السوري، فضلا عن “رصد أي استفزازات محتملة”.

وتقرير فرانس برس يتابع فيقول: “بينما يبتعد الرئيس السوري عن الواجهة، يرى الدبلوماسي الغربي أنّ “الأسد يأمل خصوصاً أن يحصل على مقابل لضبط النفس من العرب والغربيين، ويدفعه الروس باتجاه ذلك”.

وهكذا يستعد الأسد لقبض ثمن نذالته مع غزة، بتوجيه روسي يقول له: قل لهم ما هو الثمن؟!

وتدرك أمريكا والغرب أن بقاء الأسد صامتاً هو خوف على نظامه وكرسيه حصراً وبالدرجة الأولى، وهو توجيه إيراني وروسي بالدرجة الثانية.. ولذلك فثمن نذالة الأسد مع غزة، هو نذالة المجتمع الدولي مع الشعب السوري: وإبقاء مجرم الحرب بشار الأسد فيما السوريون يستنزفون ويتشردون ويجوعون!

بالعودة إلى تقرير وكالة الصحافة الفرنسية، أرجو من القراء ألا يزرفوا الدموع على  بشار الأسد المتأمل خيرا في إعادة إعمار بلاده ولم شمل شعبه… فخاتمة التقرير المكتوبة برومانسية ميلودرامية تودعنا بالقول:

” بعد عزلة دبلوماسية على المستوى الدولي منذ بدء النزاع عام 2011، يحاول الأسد إعادة تعويم نظامه خصوصاً بعد استئناف العلاقات تدريجياً مع دول خليجية بدءاً من العام 2018 واستعادة مقعده في جامعة الدول العربية. ويأمل الحصول من دول الخليج على تمويل يحتاجه من أجل مرحلة إعمار البلاد التي مزقتها سنوات الحرب وقضت على اقتصادها”.

زر الذهاب إلى الأعلى