العربي الآن

تناقض المواقف وتعدد الوساطات: قطار التطبيع بين تركيا والأسد إلى أين؟

العربي القديم – خاص:

نقلت وكالة الأناضول التركية للأنباء عن الرئيس أردوغان خلال رحلة العودة من برلين، التي شهد فيها مباراة بين منتخب بلاده ونظيره الهولندي، في إطار كأس أمم أوروبا لكرة القدم 2024،  قوله للصحفيين: “سنوجه دعوتنا إلى الأسد لزيارة تركيا في أي وقت

وقال أردوغان للصحفيين وهو على متن الطائرة: “سنوجه دعوتنا (….) وبهذه الدعوة، نريد استعادة العلاقات التركية السورية إلى نفس المستوى الذي كانت عليه في الماضي”. فيما قال وزير خارجيته حقان فيدان خلال لقاء متلفز مع قناة خبر “تورك” الشهر الماضي: “إن على الحكومة والمعارضة السورية  أن تتوحدا من أجل مكافحة الإرهاب في الحرب ضد حزب العمال الكردستاني”.

وكان الرئيس رجب طيب أردوغان قد أطلق تصريحات متواترة خلال الأسبوعين الماضيين قال فيها “إنه لا يوجد ما يمنع إقامة علاقات بين أنقرة ودمشق”،

وبحسب بيان رئاسي لمقابلة أجرتها معه وسائل إعلام تركية، قال أردوغان”قد يتم توجيه دعوتنا في أي وقت”، مؤكداً أن أنقرة سترد بالمثل على أي خطوة إيجابية من دمشق.

وساطات تركية وإقليمية

وفي تفاصيل الوساطات ذكرت معلومات متداولة أن رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا (أوزغور أوزال)، كشف مؤخراً أنه يقوم بمحاولات لترتيب لقاء مع رأس النظام السوري بشار الأسد، فيما قال أردوغان أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ورئيس الوزراء العراقي يمكن أن يسهما في تسهيل الاتصال بين البلدين.

وكان تلفزيون سوريا “المعارض”، الذي تموله قطر ويبث من اسطنبول قد أورد خبرا عاجلا يوم  أمس الأول الأحد، نسبه إلى وسائل إعلام روسية،  يزعم فيه أن بشار الأسد سيتوجه إلى موسكو للقاء الرئيس التركي، إلا أنه قام بحذفه بعد أقل من دقيقةعلى نشره:

الخبر المحذوف من حساب تلفزيون سوريا الرسمي كما رصده ناشطون

حماة خطر أحمر!

وكانت تركيا حليفاً اقتصادياً وسياسياً أساسياً لسوريا، قبل تفجر الثورة السورية ضد حكم بشار الأسد، لكنها قررت بعد ذلك قطع علاقاتها ودعم الاحتجاجات الشعبية التي كانت تهتف بإسقاط نظامه في المظاهرات السلمية، والتي واجهها بالرصاص الحي وإنزال الجيش إلى الشوارع.

واتخذت تركيا في بداية تفجر الاحتجاجات موقفاً دبلوماسياً يدعو لإجراء إصلاحات سياسية، لكن مع إصرار النظام على استخدام الحل العسكري ضد المحتجين السوريين، أرسلت تركيا وزير خارجيتها إلى دمشق لتوجيه رسالة “شديدة اللهجة”، وأطلق أردوغان تصريحات أن “حماة خط أحمر” حين كان جيش الأسد يهم باقتحام المدينة في الأول من آب أغسطس 2011، وهي المدينة التي ارتكب فيها حافظ الأسد مجزرة مروعة عام 1982 راح ضحيتها أكثر من 40 ألف من سكانها، لكن الأسد لم يعبأ لحذيرات أردوغان.

وبعد مجزرة الحولة التي ارتكبها جيش الأسد في ريف حمص في أيار 2011 أعلنت تركيا – إلى جانب دول الخليج – إغلاق سفارتها في دمشق، كما تشكل الجيش السوري الحر من المنشقين عن الجيش السوري في تركيا، ونظم المجلس الوطني السوري مؤتمراً في تركيا للتخطيط للإطاحة بالأسد.

الأسد قاتل وظالم وعليه أن ينتحى!

ومع تزايد المجازر التي ارتكبها جيش الأسد بعد استقدام المليشيات الشيعية اللبنانية والعراقية،  طالبت أنقرة بتنحية الأسد… وحملته مسؤولية نزيف الدماء، ووصفه أردوغان ب”القاتل” و”الظالم”.

وفي عام 2016، دعت روسيا تركيا إلى اتصالات عسكرية بين أنقرة ودمشق لمنع تسلل من أسمتهم “العناصر الإرهابية” إلى سوريا عن طريق الحدود التركية، في إطار الحرب ضد تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية.

وفي عام 2019، بدأت أنقرة في تغيير لهجتها في إطار ما أطلق عليه أردوغان منع فتح “ممر للإرهاب” في شمال سوريا، وشهد العام التالي محادثات لحل الأزمة السورية، شهدت حضور ممثلين عن الحكومة السورية، برعاية روسيا وتركيا وإيران. وفي عام 2022، أعلنت روسيا وتركيا عن محادثات على المستوى العسكري والاستخباراتي لبحث الأزمة السورية.

ردود فعل موالية ومعارضة

من جهتها التزم سلطات النظام السوري الصمت والتحفظ، واستمر إعلامها في نبرته العدائية ضد تركيا، لكن في أيار/ مايو من العام الجاري، كشفت صحيفة (الوطن) السورية الموالية أن العراق يعمل على المصالحة بين البلدين في إطار “عملية تفاوض طويلة قد تفضي إلى تفاهمات سياسية ومدنية” على حد قولها.

أما في الشمال السوري فقد لقيت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول التطبيع مع نظام بشار الكيماوي، عضبا شعبيا واسعاً، بالتزامن مع تجدد الحملات العنصرية ضد اللاجئين السوريين في تركيا، الأمر الذي دفع بعض الناشطين للخروج في مظاهرات تندد بتحول الموقف التركي، وتستعيد محطات من العلاقة بين تركيا وسوريا.

لافتة رفعت في الأتارب بريف حلب خلال مظاهرات يوم الجمعة الماضي

وأمس الأول كتب المعارض السوري د. ياسر العيتي رئيس تيار “سورية الجديدة” الذي أعلن عن ولادته في الشمال السوري قبل أشهر، كتب معلقا على أنباء التطبيع التركي مع الأسد:

” من يريد مصالحة المجرم فهذا شأنه أما نحن فلن نصالح. #لن_نصالح ليس شعاراً نرفعه بل عهداً قطعناه على أنفسنا وأرضاً ستشتعل ناراً تحت أقدام من يتوهمون أن باستطاعتهم فرض إرادتهم علينا. نقول للصديق قبل العدو وللقريب قبل البعيد: كرامةٌ دفعنا ثمنَها كلَّ هذا الدم أصبحت أغلى من أن تُباع. لا تجربونا”.

زر الذهاب إلى الأعلى