الرأي العام

تفاصيل سورية | جبهة النصرة من الجهادية العالمية إلى الأمركة

منذ تلك اللحظة شهد هذا التنظيم تحولات كثيرة

يكتبها: غسان المفلح


في مقال لي نشر بتاريخ 11 أبريل 2013 بعنوان ” جبهة النصرة الكلمة الفصل ليست سورية”*  كتبت أقول:
” – جبهة النصرة ترفع الراية السوداء لتنظيم القاعدة، وكنا حذرنا من هذا الموضوع منذ البداية…لا يوجد في خطابها أي رمز يشير للثورة السورية.

– تضع نفسها تحت قيادة الشيخ ايمن الظواهري في افغانستان، وتكشف بشكل مباشر على انها ليست تنظيما سوريا.

– شقت الحراك العسكري وتمثيله الثوري، منذ لحظة انبثاقها على حاجز باب الهوى مع تركيا بعد تحريره بسنة تقريبا من انطلاق الثورة. كانت تحت مسمى دولة العراق الإسلامية.

– قيادتها السياسية في الخارج الافغاني وما يعنيه الخارج الافغاني، والخارج الافغاني هذا كان ولايزال بعض قادته على علاقة طيبة وقوية مع النظام الايراني والعصابة الاسدية.. وفرع القاعدة في العراق متورطا أكثر في هذه العلاقة.

– أمريكا رعت من بعيد أومن قريب احيانا نشوء جبهة النصرة، لتحقيق هدفين:

الأول: إبعادهم عن العراق.

والثاني: شق التمثيل السيادي للثورة، وإيجاد ذريعة واضحة لوصم الثورة بالإرهاب، لكي يتسنى لها أخذ الوقت الذي يحتاجونه خلال تغطيتهم على جرائم العصابة الاسدية، ويعطونها الوقت تلو الوقت عسى ولعل تأد الثورة هذا من جهة، ومن جهة أخرى يساعدها هذا الامر في التملص من التدخل لحماية المدنيين، ومن التملص من رفع الغطاء الدولي قانونيا عن العصابة الحاكمة”.

زعيم التنظيم أبو محمد الجولاني في لقاء مع سي إن إن الأمريكية، بث اليوم الجمعة (العربي القديم)

تحولات التنظيم

منذ تلك اللحظة شهد هذا التنظيم تحولات كثيرة. بعد 11 عاما هل يمكننا أن نثق بهذا التنظيم؟ سؤال من حق جميع السوريين طرحه. من حق جميع السوريين عدم الثقة. من حقهم أيضا مهاجمتها وانتقاد مسماها الجديد “هيئة تحرير الشام”. ما لفت نظري قبل هذا التاريخ أن هذا التنظيم القاعدي لم يكن له فروعا في الخارج، كحال تنظيم داعش. وما لفت نظري أيضا طريقة تعامل الغرب مع هذا التنظيم. رغم أن أمريكا صنفته كتنظيم إرهابي. ووضعت جائزة على رأس الجولاني. رغم كل ذلك لم يراودني الشك بحماية أمريكا لهذا التنظيم!

 منذ ذلك التاريخ وأنا أحاور المعارضين أن جبهة النصرة محمية أمريكيا. لكن لا أحد يريد أن يصدق. كثيرة هي المؤشرات على ذلك، لست بوارد تعدادها هنا، لكن أهم مؤشر قبل معركة ردع العدوان هو قصف القوات الأمريكية لتنظيم حراس الدين الذي انشق عن الجولاني. هذا التنظيم الذي يجمع فرع القاعدة داخل النصرة.

بدأت النصرة تنحو نحو السورية رويدا رويدا. من خلال تغيير اسمها كخطوة أولى. تبعتها طبعا خطوات كثيرة. مع ذلك لا يزال أمامها الكثير الكثير لفعله كي يثق الناس. هل تستطيع ذلك؟ الآن تتعرض لأكبر اختبار في سيطرتها على حلب وإدلب والآن تستعد لدخول حمص، بخلاف ما توقعته، أن المعركة ستتوقف عند مدينة حماه.

إشكالية اليوم التالي
حتى اللحظة لم تطرح غرفة ردع العدوان أي تصور برنامجي لليوم التالي الذي يعقب توقف المعارك. الذي من شأنه أيضا أن يهدأ الناس في حال كانت النوايا صادقة من أجل حرية سورية وكرامتها وديمقراطيتها وعلمانيتها، ولو أن هذه الأخيرة تحتاج امتحان أكبر بالنسبة للهيئة والفصائل المتحالفة معها. التطمينات التي تقوم بها لجنتها السياسية للمكونات السورية، تشير الى تغير نوعي في خطابها. لكن هذا مرهون بالسلوك على الأرض أيضا. رغم أنها في حلب أبدت سلوكا منضبطا إلى حد كبير. كما أن هنالك طاقماً سياساً ذو خبرة ودراية نسبية بوضعية المجتمع السوري من جهة، وفي طبيعة المعركة التي تخوضها هيئة تحرير الشام.

النموذج الذي تم تأسيسه على أن هذا التنظيم جهاديا عالميا إرهابيا قد تم نسفه في هذه المعركة. هل يمكن الحديث عن باطنية أو تقية أو ما شابه؟ مقاتلو الهيئة ربما يحتاجون لوقت ليتعودوا على حضورهم الجديد في هذا العالم. هو حضور أمريكي واضح. ببساطة هنالك نقلة نوعية على كافة الصعد للهيئة -النصرة سابقا- الملفت هو أن لديها حلفاء من الفصائل كالجبهة الشامية، غير مصنفة كتنظيم إرهابي. أيضا هنالك حديث نسب للجولاني بصدد حل هذه الهيئة نحو تنظيم جديد. ثمة أمرا لا يمكننا إغفاله هو تعيين رجل دين مسيحي محافظا لحلب المحررة. هذه النقطة كانت من النقاط المستحيل حتى التفكير بها لدى الجهادية العالمية.

 النقطة الأخرى الإصرار على تطمين أهل حلب خاصة المسيحيين منهم. كي لا نطيل الآن، لأن هذا الموضوع يحتاج لأكثر من بحث ومقالة ومتابعة موضوعية حقيقية. الجولاني يتعامل بوصفه رجل سياسة. ينجح او يفشل هذا أمر آخر.

استيعاب العلمانيين واليساريين  
هذا النموذج هو الذي لا يريد أن يستوعبه أو يصدقه نخب سورية المسماة “علمانية ويسارية وليبرالية”. لا تريد أن تصدق أن أمريكا تقف بقوة خلف هذا الجديد. علما يمكن لأمريكا أن تقلب الطاولة في أي لحظة قادمة. لكن حتى الآن هذه النخب ومعها قسد وتنظيم بي كي كي خلفه تعتبر أن أمريكا حمامة سلام ديمقراطية وهي مقتصرة عليهم. مقتصر دعمها عليهم!! هذا الأمر كان يحتاج من هذه النخب قراءة تفاصيل ما حدث ومتابعة هذه التفاصيل، كي يروا هذا المتغير النوعي. لدرجة أن بعضهم مصر على التصوّر البائس الذي بناه سابقا عن هذا التنظيم. كيف لأمريكا ان تدعم تنظيما إرهابيا؟ أمريكا لها تجارب سابقة لا تحصى وربما آخرها تنظيم حزب العمال الكردستاني التركي. ألا تصنفه أمريكا حتى اللحظة بأنه حزب إرهابي!
لهذا تغير موقفي بمتابعة هذا الحدث. هذا الموضوع أيضا يحتاج لأن نفرد له مادة خاصة. مع ذلك هذه بعض الملاحظات السريعة:
– بيصير الله أكبر والحرية لسورية… الله أكبر لحالها ما فيها نكهة سورية.. كأنك بأي بلد اسلامي. الهتاف مهم ويشد الازر لكن الأهم أن يحمل هدفا سياسيا واضحا وهو حرية سورية وسلامة أهلها.
– كل راية أو علم خارج علم الثورة مرفوضة بيضاء او حمراء سوداء اي لون كانت واي كتابة عليها لا يغير شيئا.. علم الثورة فقط وفقط…
– من حق الناس تخاف، من حقها تعبر عن خوفها، من حق الناس تصدق أو ما تصدق، من حق الناس تنتقد وتهاجم أيضا هذا الجديد!  ليس قليلا ما مر به السوريون.. اكيد هنالك تغير نوعي في التعاطي، لكنه غير كاف يحتاج الناس للمزيد من الثقة.

– اليوم التالي يجب أن تظهر ملامحه الأولية على الأقل.


بقي ملاحظة أخيرة هيئة تحرير الشام استقلاليتها باتت واضحة عن توجهات الحكومة التركية سأعود إلى هذا الموضوع وغيره من القضايا في مواد لاحقة.

هامش
* رابط المقال: https://elaph.com/Web/opinion/2013/4/804957.html

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى