رداً على نضال معلوف: بين وهم الكفاءة وواقع الفساد الذي تحن إليه!
تعيين قاضٍ شرعي في منصب إداري ليس القضية، القضية الحقيقية هي فساد المؤسسة بأكملها
بلال الخلف – العربي القديم
مرة أخرى، يطل نضال معلوف ليستنكر تعيين قاضٍ شرعي رئيسًا لمحكمة النقض، منصب يرى أنه إداري أكثر منه عملي. لكن السيد معلوف، في محاولته هذه، يثبت مرة أخرى انفصاله عن الواقع السوري المرير الذي يعاني فيه القضاء من أبشع أشكال الفساد الأخلاقي والمالي، في جهاز أصبح سوقًا علنيًا تُباع فيه الأحكام وتشترى.
كيف يمكن لشخص يدّعي أنه صحفي أن يتجاهل هذه الحقائق؟
هل يعلم نضال أن تسعيرة كل قاضٍ في دمشق تُحدد بالدولار والذهب علانية، بلا خوف أو خجل؟
هل يدرك أن القاضي الذي يعجز عن تغيير مسار قضية بسبب الرشوة يلجأ إلى تسويفها ومماطلتها حتى تُنسى أو تُدفن؟
هل يعي أن القضاء السوري، المليء بالمحسوبيات، كان أحد أبرز أسباب اندلاع الثورة ضد النظام؟
السيد نضال، بدلاً من مواجهة هذه الحقائق، يبدو أنه يريد العودة إلى حقبة دستور الأسد، حيث كانت الكفاءة تُختزل في المظاهر والشهادات. ولن أنسى هنا حادثة عايشتها شخصيًا عام 2005، عندما تم رفض صديق والدي من التعيين كقاضٍ، رغم أنه كان من أوائل الطلاب على مستوى سوريا، بحجة أن مظهر أسنانه “غير مناسب”. وكأن مسابقة تعيين القضاة تحولت إلى عرض أزياء يتطلب “هوليوود سمايل” أكثر مما يتطلب النزاهة والكفاءة.
لكن هذا ليس كل شيء؛ فمسابقة تعيين القضاة في سوريا ليست إلا مسرحية هزلية يبدأ المزاد فيها من عشرين ألف دولار. من يدفع أكثر أو من يكون محسوبًا على أحد رؤساء الشعب الأمنية الكبرى هو من يصبح قاضيًا، في مشهد يحطم أي أمل بالعدالة الحقيقية.
تعيين قاضٍ شرعي في منصب إداري ليس القضية، القضية الحقيقية هي فساد المؤسسة بأكملها. هل نسيت، يا سيد نضال، أن القضاء السوري قائم على منظومة أخلاقية منهارة، حيث يُباع الحق والباطل على نفس الطاولة؟ أم أنك تتغافل عن هذه الحقائق لأن الحقيقة لا تخدم أجندتك؟
دعني أخبرك، يا سيد نضال معلوف، أن العالم تغير، وأن زمن تسويق الأكاذيب قد انتهى. منابر الادعاء التي تحاولون من خلالها فرض آرائكم لم تعد تخدع أحدًا. أنتم، وأمثالكم ممن يتخفون خلف شعارات الصحافة والحياد، تحاولون الالتفاف على الحقائق وإخفاء ضيق أفقكم الشخصي بمهاجمة كل محاولة للإصلاح.
إذا كنت تجهل واقع القضاء السوري، فتلك مصيبة. وإذا كنت تعلم وتتعمد إنكاره، فالمصيبة أعظم. كلماتك لن تخدعنا، وسيف الحقيقة سيظل مرفوعًا، يقطع أوصال النفاق مهما علت أصواتكم. كن رجلًا، يا سيد نضال، وواجه الحقائق بدلًا من دفن رأسك في الرمال ومحاولة بيعنا وهم الكفاءة في نظام كان فاسداُ من رأسه حتى قدميه.