الرأي العام

ضجيج بيانات المجتمع المدني والحراك السياسي في سوريا الجديدة

جميعها تمثل حالة الحركة المطلوبة ليتعرف السوريون على بعضهم بعضاً في العقل والعواطف والتوجهات

مصعب الجندي – العربي القديم

سعيد بالبيانات التي تصدر في سوريا الجديدة على تراكمها رغم عدم قناعتي بالعديد منها، أحياناً في الصياغة وأخرى في المحتوى، وخصوصاً مع التباعد الفكري الشاسع بيني وبينها. إلا أنها جميعها تمثل حالة الحركة المطلوبة ليتعرف السوريون على بعضهم بعضاً في العقل والعواطف والتوجهات بعد سنين من التباعد والتفسّخ المقصود التي عانوا منها. سعيد بها لأنها تمثل حقّ الإنسان أن يعبر عمّا في داخله فرحاً أو مخاوف، لكن للحقّ نسبيته هو العدالة وهنا هي التمثيل الكامل لجميع شرائح المجتمع وفئاته.

أنا أحاول منذ أيام جمع البيانات الكثيرة التي تصدر وتتوالى في سوريا الجديدة، وأحاول تصنيفها وتبويبها، والبحث في نقاط الاختلاف والقواسم المشتركة بينها، فقد تمحورت السياسة في أغلبها على النموذج السياسي للبلد والذي يرغبه من صاغها وعلى الأغلب كانوا من تيار واتجاه واحد ذو منبت علماني (في الظاهر على الأقل)، عبرت عن صدق التعبير عنه وخصوصاً أن البعض منهم عانوا الكثير من مدارس إصلاح النظام الموزعة بين أفرع الأمن وصيدنايا. وتمحورت بيانات وتصريحات إعلامية أخرى ضمن ميدان الشدّ والرخي كمفاوضات مسبقة للسلطة الحالية بحثاً في الرهان على التمايز بشكليه التضاد أو المزج بعضها بلغ حدّ الابتزاز لوضعه قوى خارجية بشكل مضمر وكأنه يقول نحن هناك. أما الأضعف فكانت تلك البيانات التي استخدمت حالة التخويف الطائفي في محاولة البحث عن عودة ما لما خسروه، لكنها سقطت سريعاً لأن الذين من المفترض أن يخافوا كان لهم الدور الرئيسي في إسقاطها وهم أمرٌ يذكر لهم، رغم ذلك لا يظن أحدٌ أنني ضدّها لأن الواجب مهما رفضنا الواقع يفرض على السوريين أن يسمعوا جيداً.

أما ما يعنيني من كل ما ذكرت هو الفجوة فيها جميعها وهي الفئات التي تمثلها بالفكر والعقائد أو الصياغات المنمّقة الجميلة وهنا الأصل: فالواجب علينا حين نصوغ بياناً، البحث في (الشريحة الاجتماعية التي يمثلها)… قد أعتبر نفسي أكثرية أو أقلية أو أنتمي للهوية الوطنية السوريّة فقط، هي جميعها أفكار في السياسة أو المذاهب والعقائد بصورة واضحة أو مبهمة (والأمر سيّان). وهنا سامحوني إن تفلسفت أو نظّرت قليلاً: أنا من دعاة المواطنة والمساواة بالحقوق والواجبات تحت سقف القانون والديموقراطية وهي الصيغة السياسية التي أحلم بها لوطني، لكن،

أولاً: هذه الصيغة تحديداً تفرض فهماً أعمق لأطراف الديموقراطية، أي التنازع السياسي الديموقراطي ذو الخلفية العقائدية بصيغها المختلفة وما يمكن أن تحتويه من حالات إلغائية لاحقة.

ثانياً: البحث في الصيغة السياسية للدولة بالبيانات أو سواها تفترض معرفة شبه كاملة وواضحة لجميع الشرائح الاجتماعية وانتماءاتها وحجم معاناتها عدا عن تركيبتها المذهبية أو الإثنية وحتى السياسية بغض النظر عن رفض التصريح فيها أو القبول بناءً على الموقف السياسي لكي لا نقع ثانية بمطب بدايات النشاط السياسي في القرن العشرين والذي أراد رواده حرق المراحل وحرق السفن وكانت النتائج كارثية حين أحرقنا السفن ولم تطأ أقدامنا أرض. باختصار (وأترك لكم التحليل). هنا وهناك وفي تلك الزوايا المظلمة أو المُضيئة فئات قد لا ندري بوجودها، أو ندري ونتجاهلها.

ثالثاً: ومما تقدم كله: قبل البحث في الصيغة السياسية والضغط باتجاه قناعاتنا، علينا البحث باتجاه البناء الإداري للدولة الذي يضمن القبول الدائم لبعضنا البعض بعيداً عن حالات الابتزاز التي تتعرض له سوريا من الخارج، والمؤلم أكثر ابتزاز بعضنا البعض……. وللحديث بقية وبقيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى