الرأي العام

دلالات وقضايا | كيف يستعدُّ العلمانيُّ لشهر رمضان المبارك؟

مهنا بلال الرشيد

انتهى النِّصف الأوَّل من شهر شعبان، وبدأ المسلمون يستعدِّون لصيام شهر رمضان المبارك، واستعدَّت المحلَّات التِّجاريَّة قبل المسلمين لهذا الشَّهر الكريم، فأغرق التُّجَّار الأسواق بالتُّمور والعصائر والحلويَّات والمقبِّلات الَّتي يشتهيها الصَّائم على إفطاره عند المساء، أو يرغب بتناولها على سحوره قبل أن يتبيَّن له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وغلاء الأسعار.

 وقبل استعدادات المسلمين والتُّجَّار لهذا الشَّهر الكريم استعدَّت له شركات الإنتاج الفنِّيِّ؛ لتُزوِّد محطَّات التَّلفزة بالمواد الإعلاميَّة المطلوبة في هذا الشَّهر الميمون بوصفه “عُكاظ” هذه الأعمال أو مِرْبَدِها، وحقًّا هذا الشَّهر كريمٌ جدّاً إلى حدٍّ لا تكسد فيه بضاعة؛ حيث تنفد من المطاعم معظم المأكولات والمشروبات واللُّحوم والفواكه والعصائر والحلويَّات، كما تنفد مواد التَّموين الغذائيَّة من الأسواق، وتنفد من شركات الإنتاج الفنيِّ معظم برامجها؛ برامج رقصات الفوازير ومواويل الإنشاد الدِّينيِّ ورقصاته المتلوَّة بالأدعية والابتهالات، ومسلسلات الدّراما التَّاريخيَّة والاجتماعيَّة والفنتازيا أيضًا.

تُخصِّص محطَّات التَّلفزة معظم برامجها الجديدة لدورة البثِّ الرَّمضانيِّ، وتنطلق في بثَّ برامج ابتهالاتها وإنشادها عادة قُبيل الإفطار وبعده؛ أي في الوقت الَّذي يكون فيه أفراد الأسرة مشغولين بإعداد الطَّعام أو تناوله أو تنظيف المائدة من بقايا الطَّعام الكثيرة، وتخصِّص أوقات الذُّروة لأشهر مسلسلاتها. وعلى الصَّعيد الاجتماعيِّ يُلحظ في هذا الشَّهر الكريم في بعض المجتمعات الإسلاميَّة تبادل صحون الأطعمة بين الجيران، كما يتصدَّق كثير من النَّاس على الفقراء، إذ يقدِّمون لهم الأطعمة والصَّدقات، لكنَّ الملاحظة الأبرز تتمثَّل في زيادة كبيرة في كميِّات الطَّعام المهدور بعد الإفطار والسُّحور؛ لأنَّ الكميَّات المطبوخة أكبر بكثير ممَّا يحتاجه الصَّائمون. وفي هذه اللَّحظات الَّتي تُهدر فيها كميَّات كبيرة من الأطعمة، يُعاني أخوة لنا في غزَّة من الحرب وغياب الطَّعام والشَّراب، مثلما يُعاني معظم سُكَّان الدَّاخل السُوريِّ من عَوَزٍ شديد في كلٍّ من المخيَّمات أو مناطق نفوذ المجرم بشَّار الأسد أو مناطق نفوذ غيره، ويتألَّم مسلمو الجنوب اللُّبنانيِّ واليمن؛ لأنَّهم غير بعيدين عن ويلات الحرب وتأثيرها، بالإضافة إلى معاناة كثير من مسلمي أفريقيا من الفقر، الَّذي اعتادوا عليه منذ أزمان طويلة.

هل يهتمُّ المسلم العلمانيُّ بقدوم شهر رمضان؟

قد تختلف درجة الاهتمام بقدوم شهر رمضان المبارك من مسلم علمانيٍّ إلى آخر، مثلما تختلف درجة الاهتمام بين متديِّن وآخر، لكنَّ معظم العلمانيِّين المسلمين يستعدُّون لقدوم شهر رمضان المبارك مثل غيرهم في المجتمع الإسلاميِّ، وكيلا تختلط الأمور عليك قارئي الكريم يمكن القول: إنَّ مفهوم العلمانيِّ غير مفهوم الكافر أو المشرك أو الملحد، الَّذي لا يؤمن بوجود خالق لهذا الكون الفسيح، بل على العكس من ذلك تمامًا فقد يكون العلمانيُّ متديِّنًا يحرص على تأدية عباداته، ويمارس طقوسه وواجباته الدِينيَّة بعيدًا عن عيون النَّاس دون أيِّ تباهٍ أو رياء؛ لأنَّ أصل العبادة لله وليس الغاية منها أن ترصدها عيون البشر وكاميرات المراقبة. يصوم المسلم العلمانيُّ مثل أيِّ مسلم سلفيِّ أو غير سلفيٍّ، ويصلِّي-مثل أيِّ حَنَفيٍّ أو حنبليٍّ أو شافعيٍّ أو مالكيٍّ-لله لا للعباد، لكنَّه يتميَّز من أخوته المسلمين الآخرين بعدم التَّعصُّب لدينه أو مذهبه أو طائفته أو طريقته، ويؤدِّي واجباته، ولا يراقب شركاءه في العقيدة إن أدَّوا واجباتهم الدِّينيَّة، أو قصَّروا فيها، ولا يسمح المسلم العلمانيُّ لنفسه أن يكون حارسًا على باب الدِّين والعقيدة إلَّا من باب النُّصح، إن طلب منه ذلك وفي مقامات محدَّدة.

وإن لم يتدخَّل المسلم العلمانيُّ في شؤون أخوته، فإنَّ عدم تدخُّله في عقيدة زملائه من العلمانيِّين الآخرين من باب أولى، ولا تجري الحوارات الدِّينيَّة بين العلمانيِّين إن تشابهت مواقفهم من الدِّين أو تمايزت إلَّا في جوٍّ كبير من الاحترام، ضمن مساحة ودِّيَّة من مساحات النِّقاش الحرِّ، ولا يسمح أحدٌ من العلمانيِّين لنفسه أن يُصدر أحكام القيم الاجتماعيَّة على أساس دينيٍّ، أو أن يتسنَّم زعامة المتديِّنين للتَّنعُّم بامتيازات حقِّ الدِّفاع عن العقيدة بين أبنائها المقصِّرين عن صونها أوَّلًا، أو التَّبشير بها بين الطَّوائف والجماعات الدِّينيَّة الأخرى ثانيًا، أو الدِّفاع عن الرَّسول الكريم صلَّى الله عليه وسلَّم، ونحن نعلم أنَّه يجب على من يتسنَّم الموقف للدِّفاع عن الرَّسول الكريم صلَّى أن يتعلَّم لُغة من يُهاجم الإسلام والمسلمين، ويكتب في صحافتهم، ويناقشهم في حوار هادئ، لا أن يردَّ عليهم بشعر أو مواعظ عربيَّة؛ فللعلمانيِّ موقف من تقصير المدافعين وعجزهم عن تقدير الموقف بالتَّوجُّه للمسلمين للدِّفاع عن رسولهم بدل التَّوجُّه للمعتدين بلغتهم وصحافتهم؛ اللَّهم إلَّا أن كان هذا الدِّفاع نوعًا من التِّجارة وتكسُّب الشَّعبيَّة الزَّائفة؛ للحصول على إمامة المنابر بين المسلمين أو المؤمنين على طريقة (هذا ما وجدنا عليه آباءنا)؛ لذلك لا يهتمُّ المسلم العلمانيُّ إن وجد متديِّنًا يُعلي من قيمة دفاعه أو طقوسه الدِّينيَّة، ويتهكَّم في الوقت نفسه على طقوس غيره وعباداتهم؛ كأن يتهكَّم على عبادة الأبقار وحرق جثث الأموات عند الهندوس. وإن لم يتورَّع بعض المتديِّنين المتعصِّبين من نقد معجزات رجال الدِّين وخوارقهم لدى الأمم والطَّوائف والأديان الأخرى، في الوقت الَّذي يُظهرون فيه إيمانهم العميق بخوارق رجال طائفتهم الدِّينيَّة، ويتَّهمون شركاءهم في المذهب لو أظهر أحدهم شكوكه أو استفساراته حول معجزات المتديِّنين الجدد وخوارق خطواتهم؛ لأنَّ أهل الخطوة من أصحاب التَّديُّن المزيَّف والشِّعارات الدِّينيَّة الرَّنَّانة، الَّتي لا يلتزمون بمقاصدها يحرقون الأزمنة، ويُقصِّرون المسافات، ويحقِّقون شعبيَّات فيسبوكيَّة وتيكتوكيَّة في أوقات قصيرة.

 يربَأ المسلم العلمانيُّ بنفسه عن متاهة هذا الجدل حول التَّباهي بالدِّفاع عن الدِّين والإسلام بين المسلمين أنفسهم إلَّا إذا دار النِّقاش على طريقة الحوار الهادئ لنشر الفائدة بعيدًا عن إطلاق القيم الاجتماعيَّة والأخلاقيَّة من منظور دينيٍّ. وإن بدا استعداد المسلم العلمانيِّ لشهر رمضان الكريم دون استعداد غيره من حيث تزيين البيت بالفوانيس والأقمار والنُّجوم والأهلَّة والابتعاد عن ساحات الرِّياء والجدل العقيم، فإنَّه يُظهر اهتمامًا عاليًا بنقد بعض الظَّواهر الثَّقافيَّة والاجتماعيَّة الزَّائفة؛ كادِّعاء التَّديُّن والتَّصدِّي لنشر ثقافة التَّمثيل الدِّينيِّ والأخلاقيِّ من منظور المتاجرين بالدِّين وتمثيل مواقفها وتسجيل مقاطعها وبرامجها ونشرها بين جماعات المريدين والمتديِّنين من (ذوي الاحتياجات الخاصَّة أو الرَّغبات الشَّديدة بإظهار التَّديُّن المزيَّف) بعيدًا عن تواضع المسلم الحقيقيِّ وأخلاقه النَّبيلة، ولا يخفى على المسلم العلمانيِّ أنَّ جماعة تمثيل التَّديُّن وجماعة (هذا ما وجدنا عليه آباءنا) تمثِّل سوق استهلاك المواعظ وحاضنة البرامج الَّتي تُلبِّي الحاجات الذَّوقيَّة لفئة كبيرة من أدعياء الدِّين والتَّديُّن بعيدًا عن الالتزام بمقتضيات الواجب الأخلاقيِّ عند الإنسان النَّبيل بغضِّ النَّظر عن دينه ومذهبه وعقيدته. 

كيف يستمتع العلمانيُّ في سهراته الرَّمضانيَّة؟

العلمانيُّ مقتنع تمامًا أنَّ البشر متنوِّعون في أديانهم وعقائدهم ومذاهبهم، كما تختلف درجات التَّديُّن بين شخص وآخر؛ لذلك يحرص العلمانيُّ على البعد عن الرِّياء أو إظهار تديُّنه أمام زملائه العلمانيِّين؛ لأنَّ الإسلام حرَّم الرِّياء، وأقرَّ أنَّ الرِّياء يُفقد العبادة معظم ثوابها، إن لم يفقدها ثوابها كاملًا؛ فقد صام، وصلَّى كي يحكي النَّاس عن صيامه، ويقولوا الأقوال عن ورعِه في صلاته، وقد قالوا، وتتقاطع هذه الفكرة مع قول مشهور في المسيحيَّة: (لا ثواب للَّذين يصلُّون على مفارق الطُّرقات). وكذلك حضَّ الإسلام على صدقة السِّرِّ، ونهى المتديِّن عن التَّباهي بعبادته؛ لأنَّ هذا كلَّه من الرِّياء الَّذي يتنافى مع زُهْدِ العابد ووجوب تنزيه عبادته عن إيِّ غاية دنيويَّة.

هل فقد العلمانيُّ كلَّ طريقة للاستمتاع بتديُّنه والتَّباهي بسلوكه الدِّينيِّ بين العُبَّاد والزُّهَّاد؟ في الحقيقة تديُّن العلمانيِّ عن تديُّن غيره؛ فإنَّه يصدر-وإن لم يتباهَ به-عن قناعة تامَّة ووعيٍ عميق، مثلما يحترم العلمانيُّ طرائق الآخرين في التَّديُّن أو عزوفهم عن كلِّ سلوك دينيٍّ، ومن احترام هذه القناعة بين جماعة العلمانيِّين تأتي متعةُ حرِّيَّة الفرد واستمتاعه سلوكه داخل الجماعة، فقد يكون العلمانيُّ مسلمًا متديِّنًا، وقد يكون مسلمًا غير متديِّن، لكنَّه من المؤكَّد أنَّ مجموعة العلمانيِّين تضمَّ بينها أفرادًا مسلمين وآخرين من غير المسلمين، وتجمع المحبَّة والإنسانيَّة والعقلانيَّة بينهم جميعًا؛ لذلك من الصَّعب أن يقتتل علمانيَّان في نقاش أو أيِّ قضيَّة أخرى؛ حتَّى وإن اختلفا في الدِّين والعقيدة، وهذا ممَّا يزيد حلاوة سهرة العلمانيِّين الرَّمضانيَّة بعد الإفطار وانتهاء بعضهم من صلوات المغرب والعشاء والتَّراويح!

تزداد متعة مائدة الإفطار الرَّمضانيَّة، وتحلو سهرة السَّمر بعد الإفطار وتأدية الصَّلوات، لا سيَّما إن حضر المائدة علمانيُّون من غير المسلمين أو غير المتديِّنين، فقد روى لنا-نحن المسلمين العلمانيِّين-صديقنا المسيحيُّ الجميل أنَّه تناول في رمضان الماضي ثلاثين عشاءً على موائد المسلمين العلمانيِّين في ثلاثين أمسية من أماسي السُّوريِّين المقيمين في تركيا على اختلاف مشاربهم من بدو وشوايا وحَضَرِ القرى والمدن من ماردين حتَّى إسطنبول، وقد اعتذر صديقنا أكثر من مرَّة من بعض الأصدقاء الآخرين عن تلبية الدَّعوة إلى عشاءين في يوم واحد، وتمنَّى بأسلوبه اللَّطيف لو كان صوم رمضان خمسين يومًا؛ ليلبِّي مزيدًا من دعوات الإفطار الرَّمضانيَّة، وأنشد لنا في واحدة من السَّهرات مقطعًا جميلًا من أغنية تقول: يَرْدِلي يردلي سمرة قتلتيني….خافي من ربِّ السَّما وحدي لا تخلِّيني….أنتي على دينكي وانا على ديني…بتصومي خمسينكي وبصوم ثلاثيني.

استعداد العلمانيِّ بعيدًا عن العرض والطَّلب في سوق رمضان؟

كانت سهراتنا وحواراتنا الهادئة في ليالي السَّمر الرَّمضانيَّة الماضية لطيفة وهادئة، وفي معظمها تحدَّثنا عن واقع الدَّراما الاجتماعيَّة والتَّاريخيَّة في موسمها، كما تحدَّثنا عن البرامج التَّرفيهيَّة والثَّقافيَّة، وعرَّجنا على التَّنافس بين الإعلام الرَّسميِّ والإعلام المستقلِّ أو الخاصِّ ودخول مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ وصفحاته حيِّز المنافسة، وتبيَّن لنا أنَّ حوارات سهراتنا نافست في جودتها كثيرًا من الإنتاج الإعلاميِّ الرَّسميِّ والخاصِّ معًا، لا سيَّما أنَّ معايير التَّلقِّي ذاتها قد تطوَّرت مع تطوُّر معايير الإنتاج والبثِّ والإرسال؛ فالمتلقِّي في زحمة التَّنافس لم يعد مستعدًّا لمتابعة حوار فكريٍّ أو ثقافيٍّ لأكثر من ربع ساعة أو نصف على أبعد تقدير، ولا يكون ذلك إلَّا إذا شكَّل الحوار إضافة استثنائيَّة جديدة وفريدة وغير موجودة في مكان آخر، أمَّا أن يُقدِّم أحد المنتجين ساعة كاملة عن حياة فنَّان أو سيرة شاعر وشعره أو موضوع تقليديٍّ من مواضيع التُّراث فهذا ممَّا لا يُتابع، وإن شوهد فإنَّ متابعه أو مشاهده سيغادر البثَّ المباشر أو المسجَّل بعد ربع ساعة في أحسن الأحوال؛ لأنَّ هذا النَّوع من الثَّقافة متاح في كلِّ وقت وحين.

وعندما تقترب نهاية شهر رمضان الكريم يبدأ الاستعداد للعيد، ويبدأ التُّجَّار بالتَّرويج لأنواع الحلوى وسكاكر العيد الجديدة، مثلما يبدأ منتجو برامج رمضان في الحديث عن فتوحاتهم الثَّقافيَّة ونجاحاتهم الخارقة وأعداد مشاهدات برامجهم ومسلسلاتهم، الَّتي فاقت الملايين، وبرغم هذا الحديث ستجد أنَّ الواقع الثَّقافيَّ والواقع الاجتماعيَّ يتَّجهان نحو مزيد من الانحدار برغم مرور شهر رمضان الكريم وعيد الفطر السَّعيد، وستكتشف أنَّ كثيرًا من ثقافتك الَّتي نهلتها-عزيزي المشاهد-لم تكن إلَّا شراء بِضاعة مزجاة في السُّوق وخاضعة لمعايير العرض والطَّلب، ولن تفلح إلَّا إذا أحسنت الاستعداد لشهر رمضان الكريم على طريقتك أيُّها العلمانيُّ المسلم! فهل عرفت أفضل طريقة لهذا الاستعداد الآن؟ سأختصرها، وأقول لك: يجب أن تشتري مثل غيرك بعض احتياجات المنزل من الفواكه والحلويَّات ومواد التَّموين لصناعة الحلويَّات المنزليَّة! ولكن يجب ألَّا تُسرف في الشِّراء وتناول الطَّعام والإهدار! ويجب عليك ألَّا تنسى طقوس عبادتك وصَدَقاتك على الفقراء المحتاجين بعيدًا عن الرِّياء وتسجيل هذه المواقف على عيون الأشهاد!

وإن كنتَ تعمل خلال شهر رمضان حتَّى وقت متأخِّر قبل الإفطار بقليل؛ فيجب عليك أن تحمل محفظة صغيرة فيها زجاجة ماء وبعض حبَّات من التَّمر، ولو وجدتَ ازدحامًا في الشَّارع قبيل أذان المغرب، أو شهدتَ مشكلة صغيرة بسبب التَّنافس على الطَّريق بين العابرين فما عليك إلَّا أن تتحلَّى بصبرك ورويَّتك، وتستعدَّ لفضِّ بعض الاشتباكات، ولْتَعلمْ أنَّ معظم هؤلاء النَّاس سيكونون في بيوتهم بعد ساعة أو نصف ساعة، ولو تطاول بك الزَّمن وأذَّن المغرب قبل وصولك إلى منزلك فبإمكانك أن تشرب من مائك، وتأكل من تمرك، وتصلِّي في أقرب مسجد على طريق عودتك. ولو دعوتَ أصدقاءك العلمانيِّين من المسلمين وغير المسلمين والمتديِّنين وغير المتديِّنين إلى مائدة من موائد إفطارك الرَّمضانيَّة، ولو حضرتَ بعض موائدهم في يوم آخر ستكتشف لذَّة الصَّوم الحقيقيِّ، وستعيش في ليلة السَّمر بعد الإفطار متعةَ الحوارات الهادئة وانتشار الثَّقافة الإنسانيَّة؛ تلك الثَّقافة الَّتي يستقبلها أصدقاؤك بسلاسة في أحاديث الودِّ والمحبَّة الحقيقيَّة، الَّتي يتجاذب أطرافها بشر متنوِّعون بثقافاتهم وطرائق تفكيرهم في سهرة من سهرات رمضان بعيدًا عمَّا أنتجه تجَّار شركات الإنتاج ومحطَّات التَّلفزة ونجاحات أهل الخطوة من أبطال الثَّقافة في مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ!

زر الذهاب إلى الأعلى