الرأي العام

دلالات وقضايا | الحوار وحكومة آذار

د. مهنا بلال الرشيد – العربي القديم

انطلقت قبل أيَّام أعمال لجان الحوار الوطنيِّ في سوريا الحرَّة بعد تريُّث مقبول أدَّى إلى اعتماد الحوار على مساحة سوريا كلِّها وفي مراكز المحافظات السُّوريَّة ذاتها بدلًا من الحوار المركزيِّ في دمشق، ولفتت الأسماء المكلَّفة بتسيير جلسات الحوار الوطنيِّ واختيار أعضائها انتباه كثير من المتابعين، لا سيَّما حسن الدُّغيم وأخوته؛ فقد قال أحد متابعي الشَّأن السُّوريِّ: (هؤلاء لهم في كلِّ عرسٍ قرص)، فمحمَّد الدُّغيم لم يستقل من الائتلاف حتَّى انطلاق معركة ردع العدوان والتَّحرير بين 27 تشرين الثَّاني/نوفمبر 2024 و8 كانون الأوَّل-ديسمبر 2024 ، وعبد العزيز الدُّغيم نَعِمَ مع أخوته بكثير من خيرات الائتلاف والحكومة السُّوريَّة المؤقَّته، فقد شغل منصب وزير التَّعليم العالي ورئاسة جامعة حلب الحرَّة. ويُحسب لحكومة سوريا الانتقاليَّة الرَّاهنة إشراكها (الأخوة دغيم) برغم مجاهرتهم بمعارضة حكومة الإنقاذ قبل تحرير سوريا إلى حدِّ العداء معها حول بعض المسائل الخاصَّة والقضايا العامَّة، ورأى كثير من المتابعين أنَّ براغماتيَّة (الأخوة دغيم) وتحوُّلاتهم تمثِّل صورة عن براغماتيَّة كثير من مُحبِّي الظُّهور وتحوُّلات معظم السَّاعين إلى المشيخة العائليَّة والنُّفوذ المناطقيِّ، وبدا ذلك جليًّا في حضور أخيهم أنس الدُّغيم مع وفدٍ من كُتَّاب سوريا الأحرار للمباركة لرئيس سوريا أحمد الشَّرع وحكومته الانتقاليَّة بعد مرحلة من انخراطهم في الائتلاف والحكومة المؤقَّتة، وتذكَّر آخرون مناقشة جامعة حلب الحرَّة لرسالة الماجستير الشَّهيرة عن (التَّناصّ في شعر أنس الدُّغيم)؛ تلك الَّتي قدَّمها ابن عمَّة أنس (إبراهيم الدُّغيم) في ظلِّ رئاسة (عبد العزيز الدُّغيم) لجامعة حلب الحرَّة تحت نفوذ الائتلاف وحكومته المؤقَّتة.

وعلى كلِّ حال لا يُعدُّ (الأخوة دغيم) بِدعة في عالم (الطَّوائف والأُسر الطَّامحة بالمكاسب والنُّفوذ) برغم خطورة هذه الظَّاهرة المنتشرة في سوريا ولبنان، فعبد العزيز الدُّغيم تنقَّل من وزارة التَّعليم العالي إلى رئاسة جامعة حلب الحرَّة، وشقيقه محمَّد أخلص للائتلاف حتَّى انتهاء دوره الضَّعيف أساسًا بعد تحرير سوريا في معركة ردع العدوان، وتنقَّل شقيقهم حسن من الإفتاء للفصائل في بداية الثَّورة إلى (التَّوجيه المعنويِّ)، ثمَّ صار منسِّقًا للجنة الحوار، وتنقَّل شقيقهم أنس الدُّغيم بين الصَّيادلة والشُّعراء وإعلام عزمي بشارة، ونظَّم مع أخيه خالد الدُّغيم العامل في قناة الجزيرة (مهرجان البردة الأوَّل)، واستضافوا في مهرجانهم أخاهم عبد العزيز، وحصلوا فيه على الدَّعم المادِّيِّ من منظَّمة المؤتمر الإسلاميِّ لتغطية تكاليف سفر ضيوف المهرجان وإقامتهم في تركيا بحسب تصريح مسجَّل لأخيهم أنس، وتوزَّع باقي أشقَّائهم من (الأخوة دغيم) بين المنظَّمات والمواقع، وهم يحاولون تثبيت أقدامهم في عالم الطَّوائف والأُسر الباحثة عن النُّفوذ والمكاسب السِّياسيَّة، وباتوا على درجة من البراغماتيَّة يُجيدون فيها التَحوُّل والتَّموضع الجديد، ويعرفون جيِّدًا (الزَّمكان) الَّذي تُأكل فيه الكتف، وهم يشبهون في ذلك بعض المشيخات العائليَّة، الَّتي يعرفها السُّوريُّون جيِّدًا حين وضعت شيخًا للعشيرة تحت كَنف إيران والمجرم بشَّار الأسد قبل تحرير سوريا، ووضعت شيخًا آخر للعشيرة تحت كَنف تُركيا وفي أراضيها مع الثَّائرين الأحرار قبل التَّحرير؛ ليضمن هذا النَّوع من العوائل أقراصهم وغنائمهم الشَّخصيَّة من كلِّ عرس أو ثورة أو حوار وطنيٍّ بغضِّ النَّظر عن مآلات الثَّورة السُّوريَّة إن انتصرت حكومة ائتلافها أو انتصرت حكومة إنقاذها، وأجمل ما في هذه الحال الَّتي نتحدَّث عنها أنَّ المواطن السُّوريِّ يعرف هذه التَّحوُّلات، ويدركها جيِّدًا، ويعدُّها تحوُّلات مرحليَّة لا تسمن، ولا تغني من جوع إن لم تتكلَّل شعبيَّة هذا الفرد من هذه العائلة أو ذاك من تلك بحصوله على شرعيَّة الانتخابات أو ديمقراطيَّتها خلال انتخابات البرلمان أو المجالس المحلِّيَّة القادمة في ظلِّ التَّنافس الشَّريف لا في ظلِّ اللَّعب البراغماتيِّ ومعرفة الطَّريقة الَّتي تأكل فيها هذه العوائل لحم الأكتاف، وتتقاسم بين بعضها باقي لحم الذَّبيحة، ويراقب باقي السُّوريِّين سلوك الأحرار مع سلوك المتقاسمين في جلسات الحوار، ويرصدون فيها أهداف التَّسلُّل ونقاطه الملغاة أيضًا.

أهداف التَّسلُّل ونقاطه الملغاة

تحدَّثتُ في هذه المقدِّمة عن تحوُّلات (الأخوة دغيم) في عائلة سوريَّة واحدة ومرحلة زمنيَّة سياسيَّة قصيرة نسبيًّا لا لتأييد الأخوة دغيم أو معارضتهم في تحوُّلاتهم هذه؛ فسوريا الحرَّة الرَّاهنة تستوعب هذه الحالة وغيرها من الحالات الأخرى، وكذلك لا أتحدَّث لتشجيع الآخرين على منافستهم في مجال هذه التَّحوُّلات وإنَّما لتسليط الضَّوء على هذه الظَّاهرة، وإن راقت هذه التَّحوُّلات بعض السُّوريِّين، أو رفضها بعضهم الآخر فإنَّها تبقى صورة مصغَّرة عن تحوُّلات عالم السِّياسة، الَّذي لا يعرف الثَّبات أبدًا؛ إلَّا ثبات بحث بعض البشر أو كثير منهم عن منافعهم ومصالحهم الشَّخصيَّة، وليس بوسع مَن تروقهم هذه التَّحوُّلات أو مَن يرفضونها أن يفعلوا شيئًا إلَّا عندما تعود الأمور إلى نصابها، ويخضع السُّوريِّون كلُّهم لشرعيَّة صناديق الاقتراع، وعندها يمكن للمعجبين بهذه التَّحوُّلات أن ينتخبوا أصحابها إن ترشَّحوا، وبإمكان معارضيها أن يعطوا أصواتهم لمرشَّحين آخرين. وجاء هذا الحديث كلُّه من أجل تحليل بعض الأهداف أو نقاط التَّسلُّل الَّتي سجَّلها أو حاول تسجيلها بعض المكوِّعين في بعض جلسات الحوار الوطنيِّ في بعض المحافظات السُّوريَّة لولا الأصوات الحرَّة داخل قاعات الحوار؛ تلك الَّتي رفض أصحابها دخول المكوِّعين من مناصري جرائم المخلوع بشَّار الأسد قاعات الحوار الوطنيِّ للمشاركة فيها، فإن استطاعت هذه العضوة في لجنة تنسيق الحوار دعوة صديقتها (الشَّبِّيحة القديمة) إلى جلسة الحوار فإنَّها لن تستطيع إسكات الأحرار داخل القاعة، وإن استطاع هذا العضو دعوة صديقه إلى جلسة الحوار؛ ليكون نصيره، ويزيد شعبيَّته في المستقبل فإنَّه لن يستطيع إغماض عيون السُّوريِّين عن تحوُّلاته البراغماتيَّة، ومن أجل الإنصاف أو محاولة الإنصاف تبقى التَّكويعة من صفِّ الائتلاف إلى صفِّ حكومة الإنقاذ والتَّحرير الرَّاهنة أقلَّ قساوة من التَّكويعة من التَّشبيح العلنيِّ للمجرم المخلوع بشَّار الأسد إلى الحضور في جلسات حوار الأحرار الوطنيَّة، وإن أعلنت تحوُّلات المكوِّعين كلُّها عن رغبات أصحابها في تحقيق المصالح الشَّخصيَّة وزيادة المكاسب والأهداف والنُّقاط في هذه المرحلة الانتقاليَّة فإنَّ مرحلة الانتخابات القادمة والاحتكام إلى الجماهير، الَّتي تعرف تاريخ العوائل والأسر والشَّخصَّيَّات كلَّها ستُلغي كثيرًا من نقاط التَّسلُّل، وستقدِّم بعض الوجوه السِّياسيَّة الجديدة، وهذا لا ينهي إشكاليَّة التَّسلُّل ذاتها؛ فقد تُثبَّت بعض النُّقاط والمكاسب برغم اعتقاد الكثيرين بأنَّها لم تكن إلَّا تسلُّلات واضحة أو إشكاليَّة، ولكن-وإن ثُبَّت مثل هذه النُّقاط-فإنَّ احترام النَّاس وتقديرهم لا يحظى به إلَّا أصحاب المبادئ السَّامية، الَّذي يتحوَّلون أيضًا، ولكن لا يتحوَّلون من أجل مكاسبهم الشَّخصيَّة، وإنَّما يتحوَّلون نصرة للمظلومين والمستضعفين، الَّذين لن تنطلي عليهم ملامس الكلمات النَّاعمة أو الرَّنَّانة في خطابات المهرجانات الانتخابيَّة القادمة خلال دعوة المظلومين لانتخاب هذا المرشَّح أو ذاك المتسلِّل؛ لأنَّ ديمقراطيَّة صناديق الاقتراع تختلف تمامًا عن ديمقراطيَّة لجان الحوار أو طريقة توجيه الدَّعوات إلى حضورها أو التَّسلُّل أو التَّكويع إلى قاعاتها.

ملفَّات أنجزتها حكومة الإنقاذ والتَّحرير

أنجزت حكومة التَّحرير والإنقاذ الانتقاليَّة من يوم التَّحرير في الثَّامن من كانون الأوَّل-ديسمبر 2024 حتَّى وقتنا الرَّاهن مجموعة من الملفَّات الصَّعبة والشَّائكة؛ ففي وزارة الدِّفاع اندمجت معظم الفصائل، وفي وزارة الدَّاخليَّة نُسِّبت دفعات من رجال الشُّرطة والأمن الدَّاخليِّ، وصارت الحالة الأمنيَّة مقبولة، ولكن ليس إلى الحدَّ الَّذي (تمشي فيه الظَّعينة من اعزاز حتَّى شرق الفرات) أو السُّويداء، ولا تخشى في مشيتها غير الله أو لا تعرف غير خشية الرَّاعي من الذِّئب على أغنامه، وتجاوزت وزارة التَّربية معظم اعتراضات المنظِّرين على تعديل المناهج، ونقلت كثيرًا من مدرِّساتها ومدرِّسيها، ووضعت الرَّجل المناسب في مكانه المناسب قولًا وفعلًا، وليس من خلال الشِّعارات الرَّنَّانة، الَّتي كنَّا نسمعها في وزارات المجرم المخلوع بشَّار الأسد حين كانوا يعيِّنون مدرِّسي إدلب في الحسكة والرَّقَّة ودير الزُّور، ويعيِّنون مدرِّسين ومدرِّسات من طرطوس في إدلب، وطهَّرت وزارة الأوقاف كثيرًا من المنابر والمواقع من ردَّاحي المجرم المخلوع ومدَّاحيه؛ ممَّن أساؤوا بمناصرتهم للظُّلم إلى المنبر الَّذي وقفوا عليه، واقتربت عودة المياه والكهرباء التَّدريجيَّة في مناطق كثيرة، وزادت الأمسيات الشِّعريَّة، وارتفعت الأصبوحات الثَّقافيَّة والحواريَّة، وسُمِح لكثير المكوِّعين أن ينعموا بحرِّيَّة ممارسة الثَّقافة وإجراء الحوارات السِّياسيَّة في سوريا الحرَّة الجديدة، وإن لم تنطلِ رقصاتهم على أنغام (ارفع راسك فوق أنت سوريّ حرّ) في واحدة من أسرع التَّكويعات العالميَّة الخطيرة فإنَّ خير الحرِّيَّة عميم، وتبقى مسألة كرامتهم الشَّخصيَّة المرتبطة بمناصرتهم القديمة للمجرم المخلوع أو صمتهم المطبق عن جرائمه مسألة وجدان وضمير هذا إن كان لدى بعضهم وجدان أو ضمير، لكن وإن سجَّل المكوِّعون هذه النُّقطة لصالحهم؛ فقد سجَّلت حكومة الإنقاذ والتَّحرير عليهم نقاطًا كثيرة، وأكبر هذه النُّقاط هو إجبار الكثير منهم على التَّكويعة الثَّانية بعد رقصة التَّكويع الأولى، فقد قال بعضهم: إنَّهم يصبروا على هذه الحكومة إلَّا ثلاثة أشهر، وثلاثة أشهر كثير، لكنَّهم صمتوا أو كوَّعوا مرَّة ثانية بعدما أعلن الرَّئيس أحمد الشَّرع أنَّ حكمه أو (حكوماته) الانتقاليَّة قد تستمرَّ من أربع إلى خمس أو ست سنوات، وتظلُّ مسألة التَّكويع أكبر قضايا الرَّأي العامِّ، الَّتي سيتراجع الحديث عنها مع مرور الزَّمن.

وفي مجال وزارة الإعلام حُلَّت نقابة الصَّحفِّيِّين أو مجلس الصَّحفيِّين القديم، وننتظر السَّير على هذا المنوال في نقابات أخرى وفي اتِّحاد الكتَّاب العرب-على سبيل المثال-لتنسيب مزيد من الكتَّاب الأحرار، وفصل مَن لا يستحقُّ التَّواجد بين الكتَّاب من شبِّيحة المرحلة السَّابقة وأنصاف الموهوبين والمتطفَّلين والانتهازيِّين القدماء، لا سيَّما كتَّاب البعث المقرِّبين من المجرم بشَّار الأسد ممَّن حضروا معه لقاءه الأخير، الَّذي صوَّرته قناة الجزيرة قبل التَّحرير بشهور قليلة، وما زلنا ننتظر عودة التِّلفزيون الرِّسميِّ السُّوريِّ وانطلاقته الجديدة، وتعيين رؤساء تحرير متميِّزين لصحف سوريا الحرَّة ومواقعها الإلكترونيَّة والإخباريَّة بدءًا من وكالة سانا الرَّسميَّة. وتستحقُّ وزارة التَّعليم العالي الإشادة والتَّقدير من وجهة نظر كثير من المتابعين لتكليفها أكاديميِّين أحرار بتسيير أمور الجامعات، ويُحسب لها تراجعها عن تكليف البعض ممَّن يظهر تشبيحهم القديم، وهذا ما يدعو إلى مزيد من التَّأنِّي قبل تكليف أيِّ أكاديميِّ، ويدفع نحو دراسة ملفِّه وسيرته الذَّاتيَّة دراسة دقيقة. وكان ملفُّ الاعتراف بالجامعات السُّوريَّة واعتمادها في وزارة التَّعليم العالي واحدًا من أبرز الملفَّات الَّتي أنجزتها هذه الوزارة على مرحلتين، وعندما اعترفت الوزارة بشهادات القسم الأوَّل من هذه الجامعات، ظهرت إشكاليَّة الاعتراف والاعتماد لدى القسم الثَّاني من الجامعات، وفرح الأكاديميُّون والطُّلَّاب المعترف بجامعاتهم وشهاداتهم، وأخذ باقي الأكاديميِّين والطُّلَّاب ممَّن لم تُعتمَد جامعاتهم على خواطرهم برغم تضحيات معظمهم ونشاطهم الثَّوريِّ المشهود، وعندما اُعتمدت معظم الجامعات في المرحلة الثَّانية جُبرت الخواطر؛ ولأنَّ الاعتماد الأكاديميَّ شيء وجبر الخواطر شيء آخر يتوقَّع المتابعون أن تُقفل بعض الجامعات المعتمدة في المستقبل بسبب تبخُّر طلَّابها نتيجة لشدَّة التَّنافس بين الجامعات وعجزِ بعضها عن استقطاب الطُّلَّاب ومنافسة الجامعات الأقوى، وإن حُسب لوزارة التَّعليم العالي تقديرها ثوريَّة بعض الأكاديميِّين والطُّلَّاب فإنَّها غير مسؤولة في المستقبل إن عجزت بعض الجمعات عن التَّنافس والاستمراريَّة، وما زال الشَّارع السُّوريِّ ينتظر تطهير الجامعات من متسلِّقي العمل الأكاديميِّ وشبِّيحة المرحلة السَّابقة، وهناك حلول مقترحة بإحالة مَن وصل إلى السَّبعين منهم إلى التَّقاعد، ونقل بعضهم الآخر، ويتمثَّل المطلب الأكثر وضوحًا بالدَّعوة إلى تطبيق أقصى العقوبات بمن تثبت عليه جريمة العمل والتَّنسيق مع أجهزة الأمن والاستخبارات لدى المجرم المخلوع بما تسبَّب بالضَّرر للطُّلَّاب والأكاديميِّين في المرحلة السَّابقة.

حكومة آذار القادمة

تحدَّثنا عن التَّحوُّل المستمرِّ في عالم السِّياسة في بداية هذا المقال؛ لننتقل في فقرته الأخيرة إلى الحديث عن التَّحوُّل المتوقَّع من حكومة الإنقاذ والتَّحرير أو الحكومة الأولى في ظلِّ رئاسة الشَّرع إلى تشكيل حكومة البناء والتَّعمير الجديدة أو حكومة الشَّرع الثَّانية، ويتوقَّع المتابعون أنَّ التَّغيير سيطال رئاسة الحكومة، وسيتَّسع عدد وزراؤها، فقد تتشكَّل الحكومة من 24 وزيرًا، وسوف نشاهد فيها وزيرًا للثَّقافة فاعلًا ونشيطًا، سيهتمُّ بالثَّقافة والمسرح ومديريَّات الآثار والمتاحف في سوريا، وسيعيد للمالك والمدن الأثريَّة المنسيَّة في سوريا مكانتها، مثل مملكة إيبلا وموقعها الأثريِّ المهمل دون متحف خاصٍّ به في موقعه برغم احتوائه على أقدم مكتبة في العالم، وسينظِّف وزير الثَّقافة اتِّحاد الكتَّاب العرب ومديرياَّت الثَّقافة من فلول شبِّيحة المجرم المخلوع بشَّار الأسد.

وقد كشف الإعلام عن بعض تكهُّناته باسم رئيس الحكومة المقبل وأسماء بعض الوزراء، الَّذين يأمل السُّوريُّون منهم أن يكونوا وزراء متميِّزين في اختصاصاتهم أو وزراء تكنوقراط بالمصطلح السِّياسيِّ، ويرفض الجميع أن تكون حكومة محاصصة طائفيَّة أو سياسيَّة أو حكومة استرضاء لهذه المنطقة الجغرافيَّة أو تلك المحافظة، ويتطلَّع السُّوريُّون بشوق كبير إلى الانتهاء من بعض التَّفاصيل فيما يتعلَّق بمحافظات الرَّقَّة ودير الزَّور والحسكة والسُّويداء، ونرغب بأن يحصل الجميع على حقوقهم ومواطنتهم الكاملة ومساواتهم العادلة؛ ليكون السُّوريُّون كلُّهم متساوون بالحقوق والواجبات كما أسنان المشط، ويبقى لكلِّ واحد منهم قدرُه الَّذي اختار له دينه ولغته الأصليَّة الَّتي تلقَّاها من والديه، وكلُّنا يحترم خصوصيَّته هذه، ولا نرغب أن يحتوي الدُّستور أيَّ إشارة إلى لخصوصيَّة أحد؛ فالخصوصيَّات مكانها المنزل، وفي الدَّوائر العامَّة كلُّنا سوريُّون، ومن الطَّبيعيَّ ودون أيَّة خصوصيَّة دستوريَّة أن يكون المخاتير والمجالس المحلِّيَّة وأعضاء مجلس الشَّعب كُردًا من المناطق الكرديَّة وعربًا من المناطق العربيَّة ودروزًا من المناطق الدُّرزيَّة وعلويِّين من المناطق العلويَّة، ولن يرتكب أحد حماقات المجرم المخلوع بشَّار الأسد عندما استقطب المذيعة رائدة وقَّاف العلويَّة-على سبيل المثال-لتكون ممثَّلة في مجلس الشَّعب عن سُنَّة دمشق، وعمل مثل هذا في تمثيل محافظات حلب وحمص وحماة وإدلب وغيرها، وبالمحصِّلة ستعطي نتائج الحوار الوطنيِّ دفعة إيجابيَّة نحو الاستقرار في المستقبل، وستمنح فرصة زمنيَّة لحكومة آذار المقبلة من أجل معالجة باقي الملفَّات؛ لكي تنتقل بعذ ذلك إلى الإحصاء وتقسيم المحافظات السُّوريَّة إلى دوائر انتخابيَّة بطريقة عادلة تضمن لكلِّ منطقة تمثيلها بمن تنتخبه وتختاره؛ فيصل إلى المجلس المحلِّيِّ ومجلس الشَّعب والحكومة الدُّرزيُّ الَّذي يحبُّه الدُّروز والعلويُّ الَّذي يحبُّه العلويُّون والكرديُّ الَّذي يحبُّه الكُرد من خلال التَّقسيم الواعي للدَّوائر الانتخابيَّة لا من خلال نصوص وامتيازات دستوريَّة ونقاشات شكليَّة فارغة حول اسم سوريا في المستقبل؛ فما الفائدة إن كان اسم سوريا على هواي أو هواك أو هوى الأغلبيَّة أو هوى الأقلِّيَّة في ظلِّ خلل كبير في التَّمثيل، لا يدركه أو يدرك أمثاله إلَّا مختصُّون محترمون يعرفون تفاصيل هذا الكلام؟ والأهمُّ من هذا كلِّه يشعر الجميع بمواطنته، يجتمعون بحبٍّ وودٍّ وتنوِّع تحت سقف قبَّة البرلمان، نتنتقَّل بين المحافظات، ونتفاعل ونتعاون إيجابيًّا من أجل سوريا المستقبل الَّتي نحبُّها ونأمل بها جميعًا.

زر الذهاب إلى الأعلى