مخرجات مؤتمر الحوار الوطني: رؤية طموحة لمستقبل سوريا

بلال الخلف- العربي القديم
في خطوة تعكس وعياً سياسياً عميقاً وإرادة حقيقية للخروج بسوريا إلى أفق أكثر استقراراً، اختتم مؤتمر الحوار الوطني أعماله بجملة من المخرجات التي تشكل خارطة طريق لبناء سوريا المستقبل. جاءت التوصيات متكاملة، متماسكة، وتؤكد على الثوابت الوطنية، مع رؤية إصلاحية طموحة تضع الأسس لسوريا جديدة قائمة على المواطنة، سيادة القانون، والتنمية الشاملة.
تأكيد على وحدة سوريا وسيادتها
كان الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها العنوان الأبرز، فالمؤتمرون شددوا على رفض أي مشاريع تقسيم أو تجزئة، ووجهوا رسالة حاسمة بأن سوريا واحدة موحدة. كما جاءت الإدانة القوية للانتهاكات الإسرائيلية، مع الدعوة للانسحاب الفوري من الأراضي السورية، لتؤكد أن السيادة السورية ليست محلاً للمساومة.
جيش وطني وسلاح تحت سلطة الدولة
التركيز على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة وتشكيل جيش وطني يعكس وعياً بخطورة التشرذم الأمني. إنه طرح يتجاوز الشعارات التقليدية إلى ضرورة ملموسة لضمان الأمن والاستقرار، خاصة في ظل التحديات التي مرت بها البلاد.
إصلاحات دستورية وتشريعية عاجلة
الدعوة إلى إعلان دستوري مؤقت، تشكيل مجلس تشريعي مؤقت، وإطلاق لجنة دستورية لصياغة دستور دائم، كلها مؤشرات على إدراك الحاجة لمرحلة انتقالية محكومة بأطر قانونية واضحة تضمن عدم حدوث فراغ سياسي أو دستوري.
حقوق الإنسان والمواطنة.. حجر الأساس للمستقبل
في سياق التحول إلى دولة حديثة، لم يغفل المؤتمر عن ضرورة تعزيز الحرية واحترام حقوق الإنسان، مع دعم قضايا المرأة والشباب، وترسيخ مبدأ المواطنة بعيداً عن أي تمييز. هذه البنود تعكس وعياً مجتمعياً متقدماً بضرورة بناء دولة تتسع لجميع مواطنيها.
عدالة انتقالية وإصلاح قضائي
إن طرح مسألة العدالة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات يعبر عن رغبة في طي صفحة الماضي دون نسيان حقوق الضحايا، وهو مسار ضروري لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع.
دولة القانون.. بلا فساد أو ترهل إداري
لم يغب عن المؤتمر التأكيد على مكافحة الفساد، إذ إن أي إصلاح سياسي واقتصادي لا يمكن أن ينجح دون إدارة نزيهة وفعالة، وهو ما تم التأكيد عليه بوضوح في البيان الختامي.
رؤية اقتصادية وتنموية شاملة
كان لافتاً الحديث عن تحفيز التنمية الاقتصادية، تشجيع الاستثمارات، والمطالبة برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وهي قضايا ملحة لإنعاش الاقتصاد الوطني.
تعليم نوعي.. وإصلاح المناهج
لأن النهضة تبدأ من التعليم، شدد المؤتمر على ضرورة إصلاح المناهج وضمان تعليم نوعي يواكب متطلبات العصر، وهو طرح يعكس وعياً بأهمية بناء الإنسان قبل أي شيء آخر.
تخليد ذكرى الشهداء والمعتقلين.. عهداً وميثاقاً
في لمسة وفاء، اختُتم البيان باعتبار هذا الميثاق عهداً لتخليد تضحيات الشهداء والمعتقلين والمهجرين، في إشارة إلى أن سوريا الجديدة لن تُبنى دون الاعتراف بتضحيات أبنائها.
بين الرؤية والطموح
مخرجات هذا المؤتمر ليست مجرد توصيات، بل هي رؤية واضحة المعالم لسوريا التي يطمح إليها السوريون، حيث المواطنة فوق الطوائف، والقانون فوق الجميع، والتنمية هي الهدف الأسمى. التحدي الآن يكمن في كيفية تحويل هذه المبادئ إلى واقع ملموس، إذ إن التاريخ السوري مليء بالوعود، ولكن الأمل أن يكون هذا البيان بداية فعلية لمسار جديد، لا محطة خطابية عابرة.