نيران صديقة | وأخيراً تنحى الأسد
نوار الماغوط – العربي القديم
كان يوماً مشرقاً في دمشق الفيحاء، والشوارع مزدحمة بالأحاديث والتكهنات. لم يكن من المعتاد أن تتفق جميع مجموعات غرف الواتساب والفيسبوك السورية على شيء واحد، ولكن اليوم كان مختلفًا. الجميع، من الفنانين والممثلين إلى الكتاب والصحفيين والرياضيين، حتى اللاعبين الذين كانوا يتنافسون على كراسي المعارضة، كانوا يتحدثون بصوت واحد: أخيراً “تنحى الأسد”.
لقد استجاب الرئيس السوري بشار الأسد إلى المطالبات التي تزايدت يوماً بعد يوم بالتنحي، مدفوعة بضغوط دولية وشعبية لا تُحتمل. وظهر في المقدمة مجموعة من الشخصيات العامة التي كانت تعتبر نفسها قادة رأي وصوت الشعب، وذلك بناءً على عدد الإعجابات والتعليقات التي يتلقونها على منشوراتهم في وسائل التواصل الاجتماعي.
كان سامي، المغني المعروف، يجلس في منزله يتصفح هاتفه. لم يستطع مقاومة فكرة أنه، بعد كل هذه السنوات من الشهرة، يمكن أن يكون له دور حقيقي في تغيير مستقبل بلاده. اجتمع مع بعض أصدقائه الفنانين والممثلين في مجموعة واتساب خاصة وبدأوا في مناقشة الخطوات المقبلة. سرعان ما توسعت المجموعة لتضم شخصيات من مختلف المجالات.
قرروا، في خطوة جريئة، تشكيل اتحاد واسع يضم جميع المجموعات النشطة على الواتساب والفيسبوك. دعوا الناشطين على هذه المنصات للانضمام إلى اتحاد ضخم يهدف إلى تشكيل مجلس حكماء سوريا. كان الهدف واضحًا: عقد مؤتمر فوري وعاجل لتسمية مرشح رئاسي توافقي يمكن أن يحظى بدعم الجميع.
بدأت حملة واسعة على الفيسبوك لدعوة جميع النشطاء للمشاركة في هذا العمل الوطني الكبير. دعا الاتحاد الجميع إلى فك الحظر عن المحظورين، والتسامح، والترفع عن كل الخلافات أمام هذه اللحظات الحاسمة. لقد كانت دعوة للوحدة والتكاتف من أجل مستقبل أفضل لسوريا.
كان رد الفعل الشعبي مذهلاً. الآلاف انضموا إلى الاتحاد، مؤكدين دعمهم لفكرة مجلس الحكماء. بدأت الأخبار تنتشر كالنار في الهشيم، وتداول الناس القصة بشكل واسع، مؤكدين أن هذه هي اللحظة التي طالما انتظروها.
في مقهى صغير بدمشق، اجتمع سامي مع بقية الأعضاء المؤسسين. كان بينهم زهيّة، الصحفية الشهيرة، التي كانت معروفة بشجاعتها وسرعتها في نقل الأخبارالكاذبة . وجلس بجوارها ملسون، اليوتيوبر المحبوبه من قبل الجماهير. حتى، شكوكو المهرج الساخر، كان حاضرًا، حيث أضاف لمسة من الفكاهة إلى النقاشات الجادة.
قال سامي بصوت مليء بالحماس: “علينا أن نكون جديين. الشعب ينتظرنا. هذا ليس مجرد مزاح على الفيسبوك. نحن نتحدث عن مستقبل سوريا”.
ردت ملسون : “بالطبع، لكن يجب أن نكون حذرين. هناك الكثير من العقبات. الجميع يريد شيئًا مختلفًا”.
قالت الكاتبه المعروفة ريما في هذه اللحظة التاريخية، يتعين على السوريين أن يتجاوزوا خلافاتهم ويعملوا معًا من أجل بناء مستقبل أفضل. تشكيل مجلس حكماء يعكس تنوع البلاد ويمكن أن يكون خطوة أولى نحو تحقيق هذا الهدف. يجب أن يكون هذا المجلس قادرًا على الاستماع إلى جميع الأصوات واتخاذ قرارات تعكس إرادة الشعب بأسره.
كان هذا الحل يعكس التحديات الحقيقية التي تواجهها سوريا في هذا الوقت الحرج. الشعب السوري متنوع ومتنوع في طموحاته وتوقعاته. إن العثور على مرشح يمكن أن يحظى بدعم الجميع يتطلب توازنًا دقيقًا بين مختلف الطوائف والجماعات.
ولكن كانت العقبات الحقيقية تكمن في التفاصيل. البعض كان يصر على أن يكون المرشح مسلمًا، بينما كانت هناك جماعات أخرى تصر على أن يكون من الأقليات. حتى أن هناك من طالب بترشح امرأة، لكن هذا الاقتراح قوبل بمعارضة شديدة من بعض الأعضاء المتعصبين.
بدا الأمر مستحيلًا، لكن بعد ساعات من النقاش، توصلوا إلى حل غريب وغير تقليدي: سيكون المرشح رجلًا بصفات أنثوية، يمثل جميع الطوائف والأقليات بطريقة أو بأخرى. اتفقوا على أن يكون “يده اليمنى سنية واليسرى من الأقليات، رأسه الأيمن كردي والأيسر عربي، خده الأيمن آشوري والأيسر سرياني، رجله اليمنى قومية واليسرى شيوعية، وذقنه مناصفة بين السكسوكة الصغيرة واللحية الطويلة”.
ابتسم سامي وقال ساخرًا: “بهذه الطريقة، لن يكون لأحد شيء ليشتكي منه. لقد جمعنا كل شيء في شخص واحد”.
ضحك الجميع، ومع ذلك، بقي لديهم الجهاز العضوي الأهم، الذي لم يستطيعوا التوصل إلى أي جهة يتبع لصعوبة تقسيمه. وبعد نقاش طويل قرروا في النهاية بتره.
اقتراح مذهل بلا عيوب..ألغى التوريث واحتفظ بسخرية الناس من مقام الرئاسة المتبعثرة