أرشيف المجلة الشهرية

افتتاحية موقع العربي القديم

هل يستوي الجديد والقديم في الذاكرة السورية؟

يتحمس الناس عموماً لكل جديد يرون فيه إضافة إلى حياتهم وجسراً للعبور نحو مستقبلهم… لكن في الذاكرة السورية، الممتلئة بالمعرفة بتاريخها المعاصر، ربما لا يستوي هذا الجديد، ولا يصمد أمام مقارنته بالقديم.

ذلك أن سورية خلال أكثر من ستين عاماً من كارثة حكم البعث ثم كوارث حكم الأسدين، كانت تسير القهقرى إلى الوراء. وكان الاستبداد يحاول أن يجر البلاد والعباد عكس عقارب الزمن، من أجل أن يصنع لحكمه زمناً استبدادياً أبدياً لا تنطبق عليه قوانين تعاقب الدول والأيام.

وكانت مقارنة الناس لأيامهم الحاضرة بأيامهم الماضية، تزداد اتساعاً ومرارة، حتى اهتدى نظام الأيام السوداء إلى أنَّ طَمْسَ الماضي والتعتيمَ على التاريخ؛ أفضلُ وسيلة لإقناع السوريين بالحاضر مهما كان رثاً وكئيباً وأغبر… وأنهم إذا أرادوا الاستمرار في ممارسة هذه المقارنات السيئة التي تفتح عمل الشيطان مثل (لو) اللعينة، فعليهم أن يقارنوا الأيام التي عاشوها تحت بسطار وقمع أجهزته بالأيام الأسوأ التي ستأتي عليهم تباعاً، والقاع الأشد انحداراً الذي سيوصلهم إليه، والذي كلما بلغوه، نزلوا إلى درك أسفل منه؛ فيصلون إلى مرحلة يهتفون فيها وهم يقارنون السيئ بالأسوأ: “ايه… والله كنا عايشين!”

وسيعينهم الحنين إلى الماضي بلا شك، والجهل بالتاريخ الذي أقفلوا خزائنه ورموا مفاتيحها في البحر، على الإيمان الذي يصل حد اليقين، بأنهم “كانوا عايشين” وأن القاصي والداني كان يحسدهم على هذه العيشة، ويتصور مرارتها حلاوة وعسلاً وبلسماً شافياً، تتمناه أكثر أمم الأرض رفاهية وهناء، مثلما تتمنى أن تكون بلادها ليس عليها أي ديون خارجية، حسب الأكذوبة التاريخية التي صدعوا رؤوسنا بها!

من أجل هذا قررنا ألا نكتفي بالمواجهة الشهرية التي تحدث بين الماضي والحاضر على صفحات جريدة (العربي القديم) الشهرية، فكانت فكرة إطلاق هذا الموقع، من أجل أن تكون المواجهة يومية. وبكل الأسلحة السلمية المتاحة والممكنة؛ عَلَّنَا نستطيع أن نحرر ما تبقى من العقل السوري في زمن الجنون من خرافة: “كنا عايشين” فنرى مرارة عيشتنا مرة في مرآة التاريخ القريب، وأخرى في مرآة يومياتنا الراهنة، التي لا تحتاج لمن يشرحها أن يفسرها أو يتفلسف عليها وعلينا!

يرفد موقع (العربي القديم) الذاكرة السورية بالكثير من الصور والملفات والكتابات الحارة والحرة، ويحاول أن يقبض على اللحظة الراهنة، وعينه على الحاضر قبل أن تكون على التاريخ الذي يشكل جزءاً من شخصيتنا ووجودنا وذاكرتنا الجمعية، مؤمناً أن المعلومة والمعرفة هي سلاح الرأي النير، والرؤية الكاشفة، وأن أجمل التاريخ كان غداً!

زر الذهاب إلى الأعلى