غضب مصري من الوثائق الإسرائيلية الجديدة: صهر عبد الناصر لم يكن عميلاً مزدوجاً!
العربي القديم – خاص
أثار كشف جهاز الموساد الإسرائيلي عن تعامل صهر الرئيس جمال عبد الناصر (أشرف مروان) معه، وتأكيده مجدداً، أنه لم يكن عميلاً مزدوجاً، كما يردد المصريون، لإضفاء طابع الوطنية على تعامل مروان مع الموساد الإسرائيلي، أثار هذا الكشف غضب الصحافة المصرية مجدداً التي جيشت كتابها ومحلليها للدفاع عن مروان، متهمة الموساد بأنه ينشر مواد مضللة.
حين كان الحديث مسموحاً!
وكان جهاز المخابرات الخارجية في إسرائيل (الموساد) قد نشر كتاباً بعنوان “ذات يوم حين يكون الحديث مسموحاً”، تضمّن آلاف الوثائق الجديدة حول حرب أكتوبر، التي تتهيأ مصر والنظام السوري الشهر القادم، للاحتفال بذكرى مرور نصف قرن على خوضها، زمن الرئيسين محمد أنور السادات، وحافظ الأسد.
وأورد الكتاب الذي استأثر بمتابعات إعلامية كثيرة فور صدوره، وثائق تبيّن أن الموساد حصل على معلومات مهمة ودقيقة، عن نية مصر وسوريا إعلان حرب على إسرائيل.
وفيما يرى بعض المحللين أن نشر هذه المعلومات والوثائق يبدو، وكأنه استئناف لحرب داخلية بين (الموساد)، وشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش (أمان)، رفض الموساد ادعاءات (أمان) في حينه، بأن أشرف مروان، صهر الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، ومساعد الرئيس أنور السادات، كان عميلاً مزدوجاً. وقال إن الموساد توصل إلى اقتناع بأن مروان عمل في خدمة إسرائيل؛ إذ هو الذي حدد يوم 6 أكتوبر يوماً لانطلاق الحرب، وثبتت صحة معلوماته.
ويتضح من الوثائق التي نشرها (الموساد)، أن أشرف مروان كان يعتبر الحرب أمراً خطيراً على مصر، وإسرائيل، وسوريا، ويرى أن غباء القيادات وحده يدفع نحوها، وبالتزامن مع تقديم المعلومات لإسرائيل، حول موعد اندلاعها، استغلّ نفوذه في مصر، كمساعد للسادات، لكي يدفع القيادات في كل طرف لعمل شيء يوقف الحرب. وبحسب الموساد، فإن مروان لم يكن المصدر الاستخباري الوحيد، لكنه قدّم معلومات كثيرة حول الجيشين المصري والسوري، لكن “هذه المعلومات الاستخبارية العالية الجودة” لم تمنع من وقوع الجيش الإسرائيلي ضحية المفاجأة الإستراتيجية للحظة الهجوم.
المواد الأرشيفية التي كشف عنها الموساد ذكرت أن تشغيل أشرف مروان بدأ عام 1970. وقد وصفه الضابط المسؤول عنه بأنه “يتمتع بقدرة غير عادية على الوصول إلى رأس هرم القيادة المصرية، والبريد يمر عبر مكتب مروان، قبل أن يصل إلى الرئيس السادات”، وكان مسؤولاً عن “نقل تعليمات رئيس الجمهورية إلى جميع الأجهزة الحكومية”، و”تقديم معلومات كافة الأجهزة الاستخبارية إلى رئيس الجمهورية”. وكان حاضراً في جميع مؤتمرات رؤساء الدول العربية التي عُقدت في القاهرة، وفي جميع الاجتماعات التي يعقدها رئيس الوزراء المصري، وكان “يحتفظ بعلاقات شخصية في جميع قطاعات الجيش المصري”. وهذا ما أعطاه قدرة مثالية، على أن يكون عين الموساد الساهرة داخل بنية نظام الحكم المصري الداخلية، وارتباطاته وتقاطعاته العربية.
غضب مصري
ومنذ نشر الموساد كتابه المثير، ووثائقه الحافلة بالمعلومات، انبرت الصحافة المصرية للرد عليه بخطاب هجومي مشكك، يحاول تحويل أشرف مروان الذي كان يحمل لقب “الملاك” في قائمة عملاء الموساد، إلى بطل قومي، فكتبت صحيفة (اليوم السابع) في عناوين فاقعة، واصفة مواطنها بأنه “كابوس يطارد إسرائيل” وقالت:
“أشرف مروان كابوس يطارد إسرائيل، منذ 50 عاماً. تل أبيب تنشر رواية مضللة حول تعاونه مع جهاز الموساد فى حرب أكتوبر، ومؤرخ إسرائيلى بارز يعترف: كان مروان عميلاً مصرياً بارعاً”، وذهبت الصحيفة إلى القول:
“ترفض إسرائيل الاعتراف بأن أشرف مروان كان يعمل لصالح المخابرات المصرية، وأنه ساعد فى عملية الخداع الإستراتيجي التى سبقت حرب أكتوبر 1973. وتحاول إسرائيل خلال السنوات الماضية تقديم رواية مغايرة، لطبيعة الدور الذى لعبه أشرف مروان، من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية، بتسريب معلومات مضللة تحت عنوان “وثائق سرية”، وذلك فى إطار إستراتيجية الحرب المعلوماتية التي تقوم بها إسرائيل، لنقل صورة مغايرة للجيل الحالى، بأن جهاز الموساد، وقيادة الجيش الإسرائيلى لا يمكن خداعهم أبداً، أو تضليلهم، وبالتالى تعمل تل أبيب على إستراتيجية ليّ الحقائق وتزييفها، لتفنيد حقيقة مؤكدة حدثت فى 1973، وهى هزيمة وسقوط إسرائيل، وقيادتها السياسية، والعسكرية سقوطاً مدوياً”.
في حين قال رئيس تحرير مجلة (روزاليوسف) المصرية الكاتب الصحفي أحمد الطاهري، خلال مداخلة هاتفية على شاشة “إكسترا نيوز”: إن أشرف مروان عمل مع عمه السفير الدكتور حمدي الطاهري في رئاسة الجمهورية في الفترة بين 1971 وحتى 1976، إذ كان مروان حينها مديراً للاتصالات الخارجية للرئيس الراحل أنور السادات، وإن حكاية أشرف مروان لا تمس أشرف مروان وحده، ولكن تمس معه 5 أو 6 بلدان عربية… مؤكداً أن مروان: “إنه قدم للوطن خدمات جليلة لم يحن الوقت بعد للكشف عنها”.
في حين أكد الكاتب الصحفي عماد الدين حسين (عضو مجلس الشيوخ المصري)، في مداخلة مع قناة “القاهرة الإخبارية”: إن إسرائيل تحاول تشويه نصر أكتوبر، على الرغم من مرور 50 سنة عليه.
وذهب حسين إلى القول: “ما تقوم به إسرائيل تستهدف تشويه نصر أكتوبر، وأشرف مروان شخصية مثالية لهذا الأمر، الرجل كان مستشار الرئيس السادات، وكان زوجاً لابنة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وحين تروّج لهذا الأمر، فهي تقول إنها اخترقت مكتبي الرئيس عبد الناصر، والرئيس السادات”.
وفاة غامضة
يذكر أخيراً أن أشرف مروان ترك العمل بالرئاسة في آذار/ مارس ١٩٧٦، وكان بعد تقاعده قد توجه إلى بريطانيا كرجل أعمال إلى أن توفي في ٢٧يونيو ٢٠٠٧ إثر سقوطه من شرفة منزله في لندن، ومازال حادث وفاته محاطاً بالكثير من الجدل والشكوك، ففي حين يطرح بعضهم سيناريو تصفيته، يذهب بعضهم الآخر إلى القول إنه انتحر، إلا أن أسرته أكدت لوسائل الإعلام في حينه أن وفاته كانت طبيعية وقدرية.