رحلة الإنسانية: بين بريق العدالة في ألمانيا وواقع اللاجئين في تركيا
رودي حسو – العربي القديم
باستراتيجية النهار وعبقرية القمر، تبوح ألمانيا بكفاءتها القانونية واحترامها لحقوق الإنسان، على الرغم من اللبس والتقصير في مواقفها تجاه أنظمة دكتاتورية. نبراس من العدالة يسطع في داخلها، حيث يُعتبر الشعب شريكاً في البناء وليس مجرد امتداد سياسي.
أحد أبرز الجوانب التي تبرز بوضوح في السياسة الهجرة واللجوء في ألمانيا هو الفرص الهائلة التي تُقدمها للاجئين السورين. تعتبر ألمانيا واحدة من الدول الرائدة في استقبال اللاجئين وتوفير بيئة آمنة ومستقبل واعد لهم. من خلال برامج متنوعة ومبادرات سخية، قدمت ألمانيا فرصًا متنوعة في مجال التعليم، العمل، والاندماج الاجتماعي.
ما يميز الفرص التي قدمتها ألمانيا هو التركيز القانوني والمبدأي الذي يتسم به، حيث لم يتم التركيز على العرق أو الهوية القومية في عمليات اختيار المستفيدين من هذه البرامج والمنح. بل تميزت السياسة الاستقبالية الألمانية بالمساواة والعدالة، حيث تهدف إلى تمكين كل اللاجئين بغض النظر عن خلفيتهم العرقية أو الثقافية. هذا المنهج الشامل يعكس التزام ألمانيا بقيم حقوق الإنسان والمساواة.
من خلال هذه النهج القانوني والإنساني، تتيح ألمانيا للاجئين السوريين فرصة حقيقية لبناء مستقبل مستقر ومزدهر في بيئة تتميز بالاحترام والتسامح. تعتبر تلك الفرصة فرصة حيوية لتحقيق الذات والاندماج في المجتمع الألماني، مما يسهم في تعزيز التنوع والتعايش السلمي في البلاد. هذه السياسة الإنسانية والقانونية التي تتبناها ألمانيا تعكس التزامها الراسخ بقيم العدالة والمساواة، وتبرزها كواحدة من الدول الرائدة في مجال دعم واستقبال اللاجئين على المستوى العالمي.
طويلة هي طريق اللاجئين نحو ألمانيا، حيث يتمتعون بحقوقهم المشروعة وسط أمن المجتمع المدني. وبالرغم من وجود بعض التجاوزات والتحديات السياسية في شأن اللجوء، إلا أن مد الجسر بين اللاجئين والمواطنين لم يعد بعلة. ألمانيا تحمل راية المساواة والعدالة للجميع، فخلافاً لتركيا التي تعاني من سواد سياسي يطوق حقوق الإنسان ويغرق اللاجئين فيها بممارسات ظالمة، يشرعنها العرف وإن انكرها القانون.
تراهن تركيا على القوة، إذ ترحل اللاجئين بشكل غير قانوني إلى مناطق غير آمنة في سوريا. يغلب على قراراتها الإكراه المذكور والتوقيع “الطوعي” المفرض على اللاجئين بعد سجنهم في ظروف سيئة. هكذا يستنزف الظلم عصارة الإنسانية من داخلها، بينما تهب ألمانيا رياح العدالة والإنسانية على رماد الفقراء والمهمشين.
إنجازات ألمانيا وتحديات تركيا تسطر قصة تباين واضح، حيث يتصارع الخير والشر على أرضية واقعنا اليومي. لكن من الضروري ألا ننسى أن المستقبل يرتبط بتحديات الحاضر، وأن الأمل محفور في المواجهة مع الظلم والاضطهاد.
تركيا، بالرغم من كونها بوابة هامة للعديد من اللاجئين السوريين الباحثين عن الأمان، إلا أن سياستها تجاه هؤلاء اللاجئين تتسم بالعنصرية والتمييز. فعوضاً عن تقديم الدعم والإسكان اللائق للجهات المتضرة، تعمل تركيا على تمييز اللاجئين السورين بناءً على أصلهم العرقي، وتطبيق سياسات طرد دون احترام للقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
تعتبر عمليات الطرد والترحيل التي تقوم بها تركيا بشكل غير قانوني تعدياً على حقوق الإنسان الأساسية، حيث تُجبر اللاجئين على مغادرة التراب التركي دون تقديم الحماية اللازمة وبطرق تهدد حياتهم وكرامتهم. هذا السلوك ينتهك القوانين الدولية ويظهر نقصاً كبيراً في الالتزام بالقيم الإنسانية وحقوق الإنسان التي يجب احترامها وحمايتها.
بصورة عامة، تظهر سياسة تركيا السلبية تجاه اللاجئين السورين نمطاً من التمييز العنصري والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وهو ما يستدعي التدخل العاجل من قبل المجتمع الدولي للحد من تلك الانتهاكات وحماية حقوق الفئات الضعيفة والمحتاجة إلى الحماية والتضامن الدولي. إن تقديم الدعم والحماية للجهات الضعيفة والمحتاجة هو مسؤولية إنسانية وأخلاقية يجب أن تكون على رأس أولويات الحكومات والمجتمعات، ومن الضروري أن تتبنى تركيا سياسات تعكس هذه القيم وتحترم حقوق الإنسان للجميع من دون أي تمييز.