العربي الآن

بوتين يتحدى: لماذا اختار منغوليا لتوجيه هذه الصفعة للمحكمة الجنائية الدولية؟!

العربي القديم – خاص:

في أول زيارة يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية، عبر الاتحاد الأوروبي في بيان له عن أسفه لأن منغوليا لم تعتقل بوتين. من جهتها، فيما ردّت أوكرانيا بغضب على هذه الزيارة، متّهمة منغوليا بـ”المسؤولية المشتركة” مع روسيا عن جرائم الحرب التي ارتكبها بوتين، لعدم قيامها باعتقاله في المطار فور وصولوه أراضيها… وقال المتحدث باسم الخارجية الأوكرانية (هيورهي تيخي* إن تقاعس منغوليا عن القيام بدورها “ضربة قوية للمحكمة الجنائية الدولية ونظام القانون الجنائي”.

وكان بوتين قد قام بزيارة جمهورية منغوليا المجاورة لروسيا من أجل إحياء الذكرى الـ85 لانتصار حاسم حققته القوات المنغولية والسوفياتية على اليابان. فيما اعتبر كثيرون أن هذه الزيارة بمثابة تعبير عن التحدي للمحكمة الجنائية الدولية التي كانت قد أصدرت مذكرة اعتقال بحق بوتين على خلفية جرائمه المرتكبة في أوكرانيا… وهي تحدٍ للغرب وللدول التي دعت جميعها إلى اعتقاله.

ومنغوليا عضو في المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت في آذار/ مارس 2023 مذكرة اعتقال دولية بحق بوتن بتهمة ارتكاب جرائم حرب تتعلق بترحيل الأطفال ونقلهم من المناطق المحتلة في أوكرانيا إلى روسيا.

ويُطلب من أي عضو في المحكمة الجنائية الدولية التصرف بناءً على أوامر المحكمة، لكن منغوليا لم تفعل ذلك. وقال خبير قانوني في وقت سابق لصحيفة بوليتيكو إن منغوليا من المرجح أن تواجه ملاحقة قضائية بسبب تقاعسها عن العمل.

وفي تصريح لصحيفة “بوليتيكو” أمس الأول، قال متحدث باسم الحكومة المنغولية إن البلاد تجد نفسها في وضع يعتمد على الطاقة الروسية، مما يجعل من الصعب تقييد بوتن بموجب مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم الحرب في أوكرانيا. وقال المتحدث باسم الحكومة “تستورد منغوليا 95% من منتجاتها النفطية وأكثر من 20% من الكهرباء من جيراننا المباشرين، الذين تعرضوا في السابق لانقطاعات لأسباب فنية، وهذا الإمداد ضروري لضمان وجودنا ووجود شعبنا”.

ويفسر هذا التصريح لماذا اختار بوتين في زيارته الاستعراضية الكيدية جمهورية منغوليا المجاورة والمصادقة على نظام المحكمة الجنائية الدولية لتوجيه هذه الصفعة للغرب ومحكمته… إذ اعتمد على الظروف الاقتصادية التي تحكم علاقة منغوليا بروسيا واحتاجها للنفط الروسي كي يضمن عدم قيامها بما يعكر صفو زيارته التي حظي فيها باستقبال احتفالي مميز في عاصمتها أولان باتور.

ولايوجد جيران لمنغوليا سوى روسيا والصين فقط… ولهذا فقد سارت منغوليا على حبل التوازن الديبلوماسي لتجنب إغضاب أي  من جاريها العملاقين، اللذين تربطها بهما علاقات تاريخية واقتصادية واسعة النطاق، لم تتأثر بالغزو الروسي لأوكرانيا. ورغم مساحتها الشاسعة التي تزيد عن مليون ونصف المليون كيلومتر مربع، فإن عدد سكان منغوليا أقل من ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة، وهو أقل من عدد سكان لبنان الذي تبلغ مساحة عشرة آلاف وأربع وعشرين كيلو متر مربع. بهذا تعد متتغوليا التي تحررت من التبعية السيوفيتية بعد انفراط اعقد المعسكر الشيوعي عام 1990 من أقل الدول كثافة في العالم، وثاني أكبر دولة غير ساحلية (ليس لها منفذ على البحر) بعد كازاخستان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى