عقائد وأديان

كتاب (الروح) لوضاح صائب: أفكار ورؤى لمفهومي الروح والنفس تخالف السلف!

عادل رجب – العربي القديم

إلى روح الكاتب وضاح صائب في ذكرى رحيله الأولى (4-4-2023)

يعد كتاب الروح للكاتب الراحل وضاح صائب (1954-   2023)   الرابع والأخير الذي صدر له ضمن سلسلة [قتل اﻹسلام وتقديس الجناة] عن دار الانتشار العربي في بيروت. والذي لم يتسن للقراء في سورية الاطلاع عليه،  بسبب منع الرقابة دخوله إلى البلاد.

وقد تضمنت فصول الكتاب الأربعة التفريق بين (الروح والنفس) بأدلة من الكتب السماوية الثلاثة وبعض الأحاديث النبوية، مبيّنا خلالها حقيقة كلّ منهما في هذه الكتب، ومفنّدا آراء الفقهاء والمفسرين في الروح، والتي أكدوا على عذابها في القبر بعد الموت بأدلة يصفها صائب بأنها “واهية” ليصل إلى نتائج هامة من خلال مناقشة هذا المسألة، وهي أن الروح تتعدد معانيها في القرآن الكريم وإنها لا تتعذب في القبر مع جسد الميت لسببين : 

أولهما: أنها ليست جزءا محسوسا منه

 وثانيهما: أن لاعذاب إلا في يوم القيامة، موردا أدلة على ذلك من القرآن الكريم.    

كما يستعرض الكتب الصادرة عن القدامى والمعاصرين حول ماهية الروح، ككتاب (الروح) لابن القيّم الجوزيّة، وكتاب الحافظ أبي فرج الحنبلي، و(شرح الصدور بشرح حال القبور) للسيوطي، و(إحياء علوم الدين) للغزالي. و(أسرار الخلق والروح والبعث) لهشام عبد الحميد، وكتاب أحمد السقا (حياة القبور بين المسلمين وأهل الكتاب)، مناقشا ومحاورا إياهم بأدلة قرآنية تدمغ ما ذهبوا إليه من خلط وأوهام، موضحا أن القرآن من خلال  آياته  البينات التي تحدثت عن الروح يوم القيامة دون أي لبس، كانت واضحة في تحديد مفهومي الروح والنفس، موردا أدلة لا يساورها الشك حول هذين اللفظين، كما يتهم صائب أصحاب جميع هذه الكتب بأنهم نهلوا من مورد واحد حدد لهم معنى الروح خطأ وهو (التوراة)، معتبرا أن هذه الأفكار التجهيلية والتضليلية القاصرة هي جناية لا يمكن غفرانها، كونهم استبعدوا جميع المفاهيم القرآنية الجلية حول الروح والنفس لصالح ما ورد في التوراة بشأنهما، وبذلك كانوا مضللين لجميع المسلمين الذين لايزالون يتداولون ما يسميها “تخريفاتهم”  إلى يومنا هذا مستسلمين لأقاويلهم التي أصبحت مرجعهم الأول والأخير دون القرآن والحديث النبوي الصحيح!

ويتحدث الكاتب في هذا الكتاب أيضا عن الحساب والعقاب في القبر قبل يوم القيامة، الذي أثبته الفقهاء والمفسرين في كتاباتهم وعدوه حقيقة، ناقضا أقوالهم بآيات من القرآن، ليؤكد للجميع أن الحساب والعقاب سيكون يوم القيامة وكل ماكتب حول وقوعه قبل هذا اليوم هو مجرد أكاذيب.                                        

ثم يتساءل بأسى: “لماذايصر هؤلاء المفسرين والفقهاء على وجود عذاب القبر بعد الموت بعد أن بيّن القرآن لجميع الناس أن لاحساب ولاعقاب إلا في يوم القيامة؟” ثم يحاول الإجابة على هذا التساؤل بالقول:

“يقتضي واجبنا تجاه الله وكتابه ورسوله  أن نسقط كلّ الأحاديث المنسوبة إلى النبي التي فيها خلط لمفهوم الروح بما يتعارض مع القرآن، أومخاطبته للموتى، أو القول بعذاب القبر، وتكذيب رواته لأية أحاديث أخرى…” كما يرى ضرورة تجريم كلّ الذين ثبتواهذه الإساءات على لسان النبي الكريم، والشك في كتبهم  وصدقية محتوياتها والتوقف عن طبعها ونشرها.

إن القارئ لهذا الكتاب ممن كان له عقل أوألقى السمع وهو شهيد، ومن خلال جرأة أفكار مؤلفه المقرونة بالأدلة الواضحة والحجج القوية التي طرحها، لابدّ أنه سيتفق إلى حد بعيد معه في جميع ما أورده من أفكار حول الروح والنفس وعذاب القبر، كما أرى، ولابد أنه سيتوقف باهتمام عند نقضه لما جاء به السلف من آراء جانبت الصواب وابتعدت عن الحقائق، أضف إلى ذلك فقد استطاع صائب أن يثبت أخطاء السلف ويدحض كل ما أتوا به حول الروح والنفس وعذاب القبر بأدلة قرآنية، معلنا رأيه  بجرأة وصراحة غير مسبوقتين وداعيا إلى تجريمهم  وفضح ما يرى أنها “أكاذيب”. ليختم كتابه بإضاءات ثلاث مشيرا فيها إلى غاياتهم  التي كانت لغسل الأدمغة ولصناعة الغباء بتشجيع ودعم من الأنظمة العربية الاستبدادية.

زر الذهاب إلى الأعلى